أ ش أ- مع تواصل الأزمات التى تشهدها سوريا من استعار الأسعار، واختفاء المازوت والبنزين وما تبعه من توقف سيارات النقل العامة والمخابز، وبالتالى اختفاء الخبز وظهور أزمة المواصلات، بالإضافة إلى الأزمة السياسية الكبرى التى تشهدها سوريا منذ قرابة العامين، حيث طفت على السطح فئة من اللصوص استغلوا غياب الأمن لانشغاله بمهام أخرى، وبدأوا يقتحمون المنازل التى هجرها أهلها لينهبوا محتوياتها ويبيعونها بأبخث الأثمان.
ومع تزايد عمليات التهجير خاصة فى العديد من مدن وبلدات ريف دمشق، ومع زيادة ساعات التقنين الكهربائى أصبح المجال خصبا للصوص للسطو على كل ما فى المنزل، بدءا من المكيفات والأجهزة الكهربائية الثمينة وحتى أدوات المطبخ مرورا بالملابس والسجاد هذا بالطبع بالإضافة إلى ما خف وزنه وارتفع سعره من ذهب وأموال وأجهزة محمول.
ويقول أبو أنس “55 سنة” إنه من مدينة دوما بريف دمشق ومع بداية الاشتباكات فيها اضطر للتوجه إلى وسط دمشق واستأجر شقة يقيم فيها مع زوجته وأبنائه الخمسة، تاركا بيتا يتكون من 7 شقق كان يقيم فيها مع أبنائه وزوجاتهم.
ويكمل أبوعمر أنه مع كل أول زيارة له إلى بيته بعد التهجير اكتشف كسر أبواب الشقق وسرقة كل محتوياتها من أجهزة كهربائية وجميعها جمعها بشقاء السنين، ولم يتركوا إلا بعض الأثاث لصعوبة حمله، وبعض الملابس لقلة أثمانها، وقام بإصلاح الأبواب والعودة مرة أخرى إلى وسط دمشق حيث يقيم.
ويتساءل أبو عمر “كيف تمكن اللصوص من سرقة 7 غرف نوم ومثلهم من غرف السفرة والأنتريهات، إلا إذا كان معهم أسطول من سيارات النقل، ومعنى هذا أنهم يدخلون ويخرجون بسياراتهم الكبيرة دون خوف من الاشتباكات ودون أن يسألهم أحد عن وجهتهم، والشئ نفسه يحدثنا به “جمال.م” مهندس من بلدة زمالكا بريف دمشق، فيؤكد أنه اضطر هو وزوجته وأبناؤه الثلاثة إلى الهروب من بلدتهم ولم يتمكنوا من أخذ أى شئ معهم، فكان كل همهم هو النجاة بأرواحهم، وحين اشتد البرد على أطفاله اضطر إلى المغامرة بحياته والذهاب إلى شقته لإحضار بعض الملابس الشتوية تقيهم من البرد ليكتشف أن شقته تحولت إلى شقة مهجورة خالية من كل شئ ليضيع معها كد وشقاء 20 عاما من العمل.
ومع تزايد السرقات لم يجد اللصوص أدنى مشكلة فى تصريف مسروقاتهم، فأصبح من المألوف أن تجد مكان العديد من الباعة الجائلين يضعون على بسطاتهم عشرات من البضائع وعندما تقترب تتفاجأ بأن أسعار البضاعة المعروضة لا تساوى سوى عشر وربما أقل من سعرها الحقيقى وتفوح منها رائحة، ويؤكد أنها بضائع مسروقة.
وعلى إحدى البسطات فى دمشق يعرض البائع عددا من أجهزة المحمول الحديثة، وينادى بأعلى صوته بأن سعر الجهاز خمسة آلاف ليرة /حوالى 70 دولارا/ فى حين أن سعره الحقيقى يتجاوز الأربعين ألفا، وإلى جواره يفترش بائع آخر عددا من الساعات ويلفت نظرى بينها ساعة رولكس حديثة باهظة الثمن وعندما أسأله عن السعر يخبرنى أنها بثلاثة آلاف ليرة /حوالى 45 دولارا/ فى حين أن ثمنها الحقيقى يتجاوز الخمسمائة دولار، وعندما يلحظ الدهشة على وجهى يقول أعرف أنها أقل من سعرها لكنها غنيمة.
وهكذا تحولت المسروقات والمنهوبات التى اقتناها اللصوص من المنازل التى هجرها أهلها إلى غنائم كأنهم استولوا عليها من أعداء بعد دحرهم.