عبّر عدد من المعارضين والحقوقيين السوريين، عن مخاوفهم من المرسوم الذي أصدره رئيس النظام السوري، بشار الأسد، بخصوص إحداث مناطق تنظيمية عقارية جديدة في البلاد، وحذروا من إمكانية أن يكون القرار تمهيداً لإجراء تغييرات في هوية البنية السكانية للمناطق التي شهدت قتالاً ما بين النظام السوري، وفصائل المعارضة السورية.
وأصدر رئيس النظام السوري، في الأول من الجاري (أبريل)، مرسوماً بقانون، حمل الرقم (10) يتعلق بإحداث مناطق تنظيمية عقارية جديدة في البلاد، تم بموجبه تعديل فقرات عديدة، من مرسوم سابق يعود إلى عام 2016، وحمل الرقم 66.
30يوما فقط أمام السوريين ليثبتوا ملكياتهم لعقاراتهم!
المرسوم الجديد، يتألف من 63 فقرة مبوّبة تأتي تحت 7 مواد أساسية، تبدأ بإحداث مناطق تنظيمية عقارية مختلفة. وتم تعديل أكثر من 60 مادة سابقة، بموجب المرسوم الجديد.
تنصّ المادة الثانية لهذا المرسوم، على وجوب قيام مديريات المصالح العقارية، كافة، إعداد جدول بأسماء أصحاب العقارات بشرط أن تكون متطابقة مع وثائق المصالح العقارية، على أن يتم إصدار هذه الأسماء، خلال مدة 45 يوماً من تاريخ تسجيل كتاب الوحدة الإدارية لديها، كما نص القانون.
فيما تنص الفقرة (أ) من المادة الثانية، على المدة الزمنية التي على أصحاب الملكيات الالتزام بها، كي يثبتوا ملكياتهم، وهي المادة التي أثارت قلق الحقوقيين السوريين، كونها تتجاهل وضع قرابة 12 مليون سوري ما بين لاجئ ومهجّر، ولن يكون بإمكان الواحد منهم، خاصة اللاجئين، الالتزام بمدة الثلاثين يوماً التي أقرها المرسوم، كي يثبتوا فيها، ملكياتهم.
ثم تأتي الفقرة الثامنة التي تتحدث عن “انتخاب” خبراء مالكي العقارات، بعد دعوة المالكين الذين حدّدوا عناوينهم المختارة، وذلك “لانتخاب ممثليهم”. أمّا إذا لم يلبّ أصحاب العقارات، الدعوة، فإنه سيتم تعيين خبراء من قبل حكومة النظام، بدون انتخاب.
ويتصل قلق الحقوقيين السوريين، حول اشتراط مدة الثلاثين يوما، بمضمون الفقرة الثامنة من المرسوم نفسه، حيث تنص على وجوب دعوة المالكين الذين في الغالب هم بين المهجّر واللاجئ، ولن يكون بمقدورهم، بطبيعة الحال، تلبية دعوة الحضور.
أمّا مواد المرسوم المشار إليه، ومن فقرته التاسعة، حتى الثالثة والستين، فهي تتضمن، كلياً، تفاصيل تنفيذية، وتشمل تقدير حصص المالكين، وقيمة التعويضات عبر المقارنة بسعر السوق الحالي، ثم تصنيف الأراضي التي هي بحكم المصنّفة زراعياً، ثم تقدير العقارات الداخلة في تصنيف المخالفة، وذلك القرارات القضائية ذات الصلة بموضوع التنازع في الملكية، وصلاحيات المناطق التنظيمية، وكذلك إجراءات الطعن على قرارات اللجان.
وتشير الفقرة 31، من هذا المرسوم، إلى تأسيس “شركة مساهمة” معنية بالعقارات التجارية، ويحق لغير السوريين الاشتراك فيها، عبر تقديم طلب يتضمن الاسم الثلاثي والجنسية، كما نصت في متنها، دون أن تشير صراحة إلى أحقية الأجانب في استملاك تلك المقاسم.سياسة منهجية لتغيير الهوية السكّانية
وفور صدور القانون السالف، عبّر معارضون وحقوقيون سوريون، عن مخاوفهم من أن يشكّل غطاء قانونياً لما يقوم به النظام السوري، من إجراءات بقصد تغيير الهوية السكّانية لمناطق سورية عديدة، انخرطت في الثورة عليه منذ عام 2011.
وقال الحقوقي والمعارض السوري مازن درويش، في تصريحات تلفزيونية، إن مثل هذا القانون، هو جزء من سياسة منهجية للتغيير الديموغرافي، متسائلاً عن كيفية تمكّن ملايين السوريين اللاجئين والمهجرين، من إثبات ملكياتهم لعقاراتهم، في مدة 30 يوماً اشترطها القانون السالف.
ألمانيا: مرسوم غادر
وعبّرت الحكومة الألمانية، عن قلقها من صدور هذا المرسوم، حسب ما ذكرته وسائل إعلام ألمانية، أمس السبت، قائلة إنها تعتزم التشاور مع شركائها، في الاتحاد الأوروبي، للتصدي “لهذه الخطط الغادرة”.
وقالت الخارجية الألمانية، في بيان، إنها تتابع بقلق كبير، محاولات نظام الأسد، التشكيك عبر قواعد قانونية مريبة، في حقوق الملكية لكثير من السوريات والسوريين الفارّين. وفق ما نقلته الدوتشه فيليه، السبت، مضيفة أن نظام الأسد يسعى لتغيير الأوضاع في سوريا لصالحه وصالح داعميه، وتصعيب عودة عدد هائل من السوريين.
وبحسب ما نقلته الدوتشه فيليه، فإن الحكومة الألمانية حثّت الأمم المتحدة على تبني هذه القضية، داعية روسيا في المقام الأول، للحيلولة دون تطبيق هذا القانون.
وأشار المصدر السابق إلى مرسوم الأسد المثير لمخاوف حقوقية واسعة، والذي اعتبرته ألمانيا غادراً، وخصت بالذكر، من مواد هذا القانون، الفقرة المتعلقة بمهلة الثلاثين يوما التي على السوريين التقيد بها لإثبات ملكياتهم، كما نص، صراحة، في المرسوم رقم (10) لعام 2018، والذي نشرته “سانا” على موقعها الالكتروني، في الثاني من الشهر الجاري.