في الوقت الذي يقترب فيه رقم المقاتلين المغاربة بتنظيم الدولة الإسلامية من ثلاثة آلاف، ويصل فيه عند المقاتلين التونسيين إلى 1500، يبدو الرقم ضئيًلا جدًا عند الجزائر بحيث لا يتجاوز 63 حسب تصريحات رسمية. الأسباب في ذلك متعددة، لكن يمكن إجمالها في ثلاثة، وذلك وفق ما نشرته دراسة لمركز كارنيغي للشرق الأوسط، قامت بها دالية غانم-يزبك.
السبب الأوّل هو الجرح الغائر للعشرية السوداء، تلك السنوات العشر التي قتل خلالها 150 ألف شخص، واختفى 7 آلاف آخرون، وذلك بعد إلغاء الانتخابات التي فازت فيها الجبهة الإسلامية للإنقاذ بالجولة الأولى، ثم ولادة جماعات جهادية ساهمت في حرب أهلية، ممّا جعل التوق إلى الأمن والاستقرار بعد تلك المرحلة أمرًا ملّحًا. ومع اندلاع نزاعات في بلدان مجاورة، فالدولة الجزائرية عملت على آثار الصدمة الشعبية من أعمال العنف وعلى الخوف من اللّا استقرار كي ترّكز على ضرورة أن يسود الأمن التام في الجزائر.
الثاني هو صعود حركة الدعوة السلفية، أو ما يُعرف بالسلفية العلمية التي حلّت بديلا عن الجهاد والعمل السياسي. فرغم وجودها منذ عشرينيات القرن الماضي، إلّا أنها حظيت بدعم كبير منذ نهاية الحرب الأهلية، خاصة توظيف أعضائها في الجامعات والمساجد. ومن أبرز وجوهها اليوم هناك علي فركوس، وعبد الغني عوسات، ومحمد تشلابي. ومن أسباب تناميها خيبات الأمل من الأحزاب الإسلامية والواقع السياسي عمومًا، كما أنها شكّلت حضنًا للكثير من المتعاطفين سابقًا مع الجبهة الإسلامية للإنقاذ.
الثالث هو الصرامة الأمنية، فرغم بعض الهجمات الجهادية المتفرّقة، إلّا أن قوات الأمن الجزائرية تمتلك قدرات عالية، إذ تصل أعدادها إلى 209 آلف عنصر، (المغرب حسب الدراسة 46 ألف)، يتمتعون بحوافز مالية مهمة، ويدعمهم الجيش الوطني وجهاز المخابرات التابع له. وبدوره، يستفيد هذا الجيش البالغ عدد أفراده 512 ألفًا، من تدريب متطوّر وخبرات كبيرة في مكافحة الإرهاب، وقد حقق نجاحًا نسبيًا في غلق الحدود أمام المقاتلين القادمين من الخارج.
غير أن قلّة أعداد المقاتلين الجزائريين في “داعش” لا تعني أن الأوضاع بالجزائر هادئة تمامًا، إذ تقول الدراسة إن انتشار ظاهرة الإفلات من العقاب بين صفوف الأجهزة الأمنية يشجع على انتهاك حقوق الإنسان، كما أن غياب التجديد الجيلي على المستوى السياسي يجعل المسؤولين أنفسهم في السلطة منذ عقد الستينيات، زيادة على معاناة الجزائرمن مشاكل اقتصادية واجتماعية وسياسية، تلقي بظلالها على الشباب، منها البطالة (10,6 في المئة)، وأزمة السكن، وانخفاض معدلات الأجور، وسوء الظروف المعيشية.
لانهم عارفينهم بشتغلو للموساد عاشت الجزاءر