لا تزال قضية ريهام حكمي “12 عاماً” والتي نقل لها دم ملوث بفيروس نقص المناعة المكتسبة “الإيدز” تتفاعل في السعودية، حيث قلل مختصون من أهمية القرارات التي اتخذتها وزارة الصحة، وإقالة بعض المسؤولين عن الخطأ، واعتبروها مجرد قرارات لامتصاص الغضب الشعبي.
حيث اعتبر مختصون في الشأن الصحي أن العقوبات لا تكفي لتجاوز ماحدث لأنه لم يكن فقط خطأ فرديا بل خطأ في نظام الوزارة الطبي ويجب مراجعته بالكامل لتلافي مثل هذه الأخطاء التي لم تكن ريهام الأولى التي تتعرض لها ولن تكون الأخيرة، ففي فترة الستة أشهر الماضية تعرض سبعة مرضى لمشاكل بسبب نقل دماء ملوثة بفيروسات مختلفة، كما تعرض الكثيرون لفيروس “مارسا” داخل المستشفيات ذاتها.
ويتهم الطبيب المختص في أمراض الدم الدكتور أحمد السحيباني منظومة العمل في وزارة الصحة بالتسبب في الخطأ الكارثي الذي نتجت عنه إصابة ريهام بالإيدز مؤكدا في حديثة مع “العربية.نت” أنه لم يكن من المفترض أن يكون الأمر مرهونا بشخص واحد فقط مشددا على أنه من المفترض أن يكون العمل في مختبرات الدم وفق منظومة متكاملة لتجنب الأخطاء الكارثية وعدم تركها لأفراد.
وقال السحيباني “قد يكون ماحدث في جازان خطأ فردي.. الأمر يعتمد على نظام المستشفى، ففي مستشفى الحرس الوطني حيث أعمل وفي معظم المستشفيات العالمية يكون هناك أكثر من شخص يقوم بعملية الفحص والمتابعة، لا يجب أن تركن لأفراد فقط فلابد من وجود نظام معين يكون صارما للحد من مثل هذه الأخطاء”.
خطأ في النظام
واستغرب المتخصص في طب مختبرات نقل الدم كون المتبرع الذي نقل الدم الملوث منه لريهام سبق وأن رفض قبل عام في مستشفى الملك فهد الطبي في جازان لكونه مصابا بالأيدز ثم يقبل منه الدم الآن، ويشدد على أن ماحدث في هذه الحالة خطأ فادح من المستشفى ونظام الوزارة الذي يجب أن يكون أكثر دقة في اختيار المتبرعين.
وأضاف أن “من يتحمل المسؤولية هنا نظام المستشفى كاملا، فلا يمكن أن يقبل دم من مريض سبق وأن رفض لوجود مشكلة صحية فيه كما أن هذا المريض كان لابد من التعميم عليه من قبل وزارة الداخلية وألا يترك هكذا”.
وبين السحيباني أن “لدينا في مستشفى الحرس الوطني نظام صارم لا يمكن أن أقبل من خلاله دم مريض سبق وأن رفض ولو من عشر سنوات إطلاقا”، وتابع “هناك ثغرة في النظام فيجب ألا يقبل دم من مريض سبق وأن رفض في أي مستشفى آخر”، وشدد الدكتور السحيباني على أن المشكلة الأكبر هي في أن بعض المستشفيات قد تقبل دماً من متبرعين بدون بطاقة إثبات مرجعية فبعض المتبرعين قد يذهبون للمستشفى وهم يعلمون أن لديهم مشكلة ولكن يريدون التأكد فيخفون بطاقاتهم، وهذا خطأ كبير فلا يمكن قبول مريض دون أن يكون هناك مرجعية لإحضاره مستقبلا”.
وطالب المتخصص في طب مختبرات نقل الدم بالاهتمام أكثر بالعاملين في مجال بنوك الدم لخطورة مجال عملهم الذي لا مجال فيه لتصحيح الخطأ إذا وقع، وأضاف “كمتخصص في الدم أشدد على أن العاملين في بنوك الدم هم من أهم العاملين في المختبرات وأكثر أهمية من العاملين في مجال الكيمياء أو الأنسجة لأن خطأهم فادح ولا يمكن اكتشافه إلا بعد وقوع الكارثة، ولهذا لابد من استقطاب الكفاءات المميزة”.
وأوضح أنه يجب الاستفادة من هذا الخطأ ووضع نظام جديد أكثر صرامة كي لا يتكرر مستقبلا، ولكن المشكلة في الأخطاء التي تتكرر، يجب ألا يتكرر الخطأ خاصة في عملية نقل الدم التي لا يكتشف الخطأ فيها إلا بعد وقوع الكارثة”.
امتصاص للغضب
واتهم الكاتب الصحفي المختص في الشأن الصحي السعودي والطبيب في الوقت ذاته الدكتور محمد الخازم وزارة الصحة بالبحث عن امتصاص الغضب الشعبي بالقرارات السريعة التي اتخذتها والتي يرى أنها ليست كافيه لكون ماحدث أكثر من خطأ فني.
وصرح الخازم لـ”العربية.نت”، “بداية لا أعلم هل يحق لوزارة الصحة قانونيا تحميل الخطأ على فني المختبر فقط.. أم لا؟ لا يجوز فصل الموظف دون الرجوع لوزارة الخدمة المدنية وإثبات الخطأ عليه”.
وأضاف “تم تحويل القضية الي اللجنة الشرعية الطبية، فما الحاجة لهذا التحويل إذا تم البت في الأمر وإصدار العقوبات، أعتقد أن سرعة إصدار العقوبات هي لامتصاص الغضب الجماهيري لا أكثر بلا شك هدفها كذلك”.
ويشدد الخازم على أنه كان هناك استهتار من الوزارة بالقضية من بدايتها ولن يتم التعامل معها كما يجب، مضيفاً “كان هناك استهتار بالحالة وطريقة التعامل معها لدرجة أنهم لم يخبروا المريضة بما حدث معها إلا بعدما نشر الخبر في الإعلام، الوزارة تعاملت مع القضية كأنها عادية ومجرد خطأ طبي آخر، وكان يفترض على الوزير أن يكون أكثر شجاعة ويظهر في مكان الحدث ويذهب بنفسه لجازان وللمعامل ويطلع على مايحدث بنفسه وأن تضم اللجنة وكيل وزارة ومسؤولين من قطاعات أخرى غير الوزارة”.
وقلل الدكتور الخازم مؤلف كتاب “المشهد الصحي في السعودية” من قرارات إعفاء قيادات في مستشفى جازان أو بنوم الدم فيها كونها مجرد إعفاء من التكليف الإداري وليس الوظيفي، ويقول: “الإعفاءات مجرد أبعاد من الوظيفة الإدارية فقط، مع بقاء منصبه الطبي ولن يفرق في راتبه سوى ثلاثة آلاف ريال وسيعود لممارسه عمله المعتاد لأن المنصب الإداري تكليف، لم يقع كثير ضرر على المسؤولين الذين تم إعفاؤهم مهنيا، الوحيد الذي تضرر هو الفني الذي فصل وسحبت رخصته الطبية أما البقية فلم يفصلوا من أعمالهم ولكن فقط من المهمة الإدارية لا أكثر”.
وشدد الدكتور الخازم على أن المشكلة الأكبر تكمن في مركزية وزارة الصحة المفرطة والتي لا تمكنها من متابعة هذا القطاع العريض من المستشفيات، مضيفا “جزء كبير من مشكلة الوزارة أن حجمها الكبير لا يمكن أن تديره المركزية، وهي تصر على إدارة هذا القطاع بمركزية عن طريق الرياض، وتقول دائما سنفعل ونفعل ولكن التطبيق في الميدان ضعيف وهي إذا لم تكن قادرة على تطبيق ما تخطط له فهذا يعني أن هناك مشكلة إدارية فيها سواء في الرقابة أو اختيار العاملين”، وشدد على أن الأمر أكبر من قضية فردية ويراها في أساس النظام بأكمله الذي يحتاج حسب وصفه لخلخة وحزم وضبط والتخلص من المركزية.
وقال “إذا كان كل مسؤول يجلس في مكتبة ويصدر تعاميم فكل منهم سيبري نفسه من أي تقصير على الورق، وهذا مايحدث الآن لهذا لا يمكنهم معاقبة وكيل وزارة أو مدير المختبرات حتى الوزير لأن كل شيء على الورق سليم، بينما التطبيق ضعيف جدا، فالوزارة مطالبة بإعادة النظر في آليات التطبيق لديها”.
تحرك بعد الكارثة
ومن جانبه بدأ الكاتب الصحفي في جريدة الوطن صالح الشحي أكثر تشاؤما وهو يؤكد على أن الوضع أكبر من قضية خطأ طبي، ويتفق مع الدكتور الخازم في أن الأمر يتعلق بمنظومة الصحة بأكملها.
وقال في تصريح لـ”العربية.نت”: “يبدو لي أن هذه القرارات تم اتخاذها على عجل بهدف إرضاء الشارع السعودي الغاضب لما حدث مع ريهام، فمشكلة وزارة الصحة وغيرها من الوزارات أنها تتحرك بعد وقوع الكارثة وليس قبلها لتجنب وقوعها، وعندما تنقع نتحرك ونصدر الإعفاءات بعد فوات الأوان، دائما مانصل متأخرين”.
وشدد الشحي على أن المشكلة الأكبر حسب وجهة نظره تكمن في عدم المتابعة لما يصدر من قرارات من الوزارة لهذا تحدث الأخطاء، فلو كان هناك حزم وقرارات نافذة ومتابعة ومراقبة للمستشفيات لما وقع مثل هذا الخطأ، وما الفائدة من هذه القرارات الآن فنحن مازلنا في بداية الطريق مع وزارة الصحة”.
وتابع: “نريد من الوزارة أن تراقب المستشفيات ومختبراتها على مدار الساعة، فالطفلة ريهام ليست الضحية الوحيدة فهناك الكثير من المرضى الذين يموتون نتيجة أخطاء طبية أو عدم وجود أسرّة، فالوضع الصحي في السعودية ليس مرضيا”.
ويعتقد الشحي أن ماحدث لريهام يمثل سقوط ورقة التوت عن وزارة الصحة. وأن هناك أخطاء كبيرة في الوزارة يموت نتيجتها أشخاص، وهناك من يبحث عن واسطات للعلاج أو للسفر للخارج”.
وأكد على أنهم لا يريدون إقالة الوزير ولكن تطوير الخدمات الصحية، مضيفا “لا نبحث عن رأس الوزير ولكن نطمح لخدمات صحية راقية ينالها كل أفراد المجتمع وأن تشمل الخدمات الصحية شمال السعودية وجنوبها كما هي في العاصمة، فليس هناك عدالة في الخدمات الطبية في السعودية، اذا لم يكن هناك تحرك جاد من الوزارة للحد من التقصير ستقع الكثير من الأخطاء وتتحرك الوزارة بعد وقوعها وتعفي مسؤولين أخرين فنحن نريد أن نشاهد الوزير في مستشفيات السعودية المختلفة ويراقبها بنفسه”، مشددا على أن وزير الصحة لن يشعر برداءة الخدمات الصحية المقدمة للمواطن حتى يتعالج في ذات المستشفيات والمراكز التي يتعالج فيها المواطن البسيط، دون ذلك لن يشعر بحجم المأساة”.
سخرية شعبية
عج موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” خلال اليومين الماضيين بآلاف التغريدات الساخرة من تعامل وزير الصحة مع حادثه ريهام وإهدائه لها جهاز آيباد خلال زيارته لها في المستشفى، ونشط هاشتاق سخر من الوزير وتعامل الوزارة معه، وعدة هاشتاقات حول قضية ريهام، فكتب الداعية عادل الكلباني “أرخص تعويض، يستحق الدخول في موسوعة جينيس”.
فيما كتب الممثل فايز المالكي “جوائز وزارة الكحه، إبرة إيدز وإيباد بدون شريحه حالة وفاة، صورة للمرحوم قبل الوفاة جرعة بنج زيادة.. بيجر”..
لو عندك ضمير استقيل يا وزير الايدز !
اللهم اشفيها بقدرتك وصبر أمها و القصاص للمذنبين
المفروض يعدموكم
لأنكم ح تكونو سبب موت هذه الطفلة
الله يلعنكم و يدمركم زي ما دمرتم حياتها