عبارة “قتلناه بنسبة 99 %” قالها مسؤول عسكري أميركي كبير لمحطة Fox News التلفزيونية مساء أمس الخميس، كشبه تأكيد منه لمقتل محمد إموازي، الموصوف بذبّاح “داعش” الأشهر، والمعروف للإعلام الغربي بلقب “الجهادي جون” منذ ظهر ملثما بالأسود وهو يذبح رهائن غربيين في تسجيلات مصورة على مراحل العام الماضي وهذا العام.
وكان المتحدث باسم البنتاغون، بيتر كوك، ذكر أمس أنه لا يعلم ما إذا كان اموازي قتل في ضربة جوية، ليس معروفا أيضا إذا كانت بغارة لطائرة حربية أو لواحدة من دون طيار، استهدفته في محيط مدينة الرقة بالشمال السوري، مضيفا أن البنتاغون الذي ما زال منهمكا بتقييم الضربة سيعلن عن نتائجها فيما بعد. إلا أن “المرصد السوري لحقوق الإنسان” ذكر أن “قيادياً بريطانياً في داعش قتل مع ثلاثة متطرفين أجانب آخرين إثر الضربات الجوية الأميركية الأخيرة” في إشارة ربما إلى قاطع الرؤوس الشهير.
بدأ بالذبح ملثما العام الماضي وظهر وجهه هذا العام
اموازي، بريطاني مولود في 1988 بالكويت، باسم محمد جاسم عبد الكريم علينان الظفيري، لعائلة من البدون أصلها عراقي، ودرس المعلوماتية وإدارة الأعمال منذ 2006 في “جامعة وستمنستر” وعمل في مجالاتها بلندن التي هاجر والداه في 1993 إليها، ثم انضم في 2013 إلى “داعش” وظهر لأول مرة العام الماضي ملثما في فيديو رأيناه فيه إلى جانب صحافي أميركي فقد أثره في 2012 بسوريا، وهو جيمس فولي الذي ذبحه وظهر مقطوع الرأس في تسجيل بعنوان “رسالة إلى أميركا” وأثار استياء العالم.
بعده أمعن في الذبح وقطع الرؤوس أكثر، ممن يمكن القراءة عن ضحاياه في خبر آخر منشور اليوم الجمعة عن استهدافه بالضربة الجوية الأميركية. أما المعلومات بشأن أموازي الذي لم يظهر وجهه إلا في فبراير الماضي بعد أن كشفت شخصيته صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، فمصدر معظمها والده البريطاني من أصل عراقي، جاسم إموازي، المقيم حاليا مع إحدى بناته في الكويت.
الوالد تحدث في أوائل مارس الماضي إلى صحيفة “القبس” الكويتية، حين قابلته في حضور محاميه سالم الحشاش، كما تحدث لمراسل محطة ITV News البريطانية، حيث نجده يظهر تلفزيونيا وهو يصافح مراسل المحطة، ومعه محاميه حاملا بيده نسخة عن تقرير كتبته “العربية.نت” قبلها بعنوان “والد “ذباح داعش”: منذ 2013 وأنا أنتظر خبر موته” وهي مما نشرته عنه “القبس” في موقعها ذلك الشهر.
الابن: “أرجوكم سامحوني” الأب: “الله يلعنك”
وكان إموازي اتصل هاتفياً بأبيه في 2013 من تركيا ليخبره بأنه سيذهب ليقاتل في سوريا، وقال له وفق ما روى الأب لصحيفة “التلغراف” البريطانية: “أرجوكم سامحوني، سامحوني عن كل شيء” ورد عليه أبوه بما معناه: “الله يلعنك، أتمنى موتك قبل وصولك إلى سوريا” وهو ما أكده للصحيفة صديق لأبيه. كما وردت في مارس الماضي معلومات بصحيفة “التايمز” البريطانية، عن عيش عائلته في لندن “من أموال مصلحة الرعاية الاجتماعية” وفق تأكيدها.
أما عن الأب فعمل في لندن سائقاً لسيارة خاصة، ودليلا لكويتيين يزورونها للسياحة أو العلاج، الا أنه انتقل للعمل في الكويت، وفق ما قرأت “العربية.نت” عنه في صحف بريطانية، ذكرت أنه يقيم فيها مع والدته وابنته وشقيقه الأصغر في بيت بعيد 45 كيلومتراً عن عمله كأمين مخزن في “جمعية العبدلي الزراعية” وإيجاره الشهري يعادل راتبه، أي 1000 دولار، الا أن ايرادات تصله من شركة تاكسي يملكها في لندن، تكفيه للعيش في الكويت.
وخضع الأب جاسم عبد الكريم اموازي، البالغ عمره الآن 52 سنة، الى جلسة تحقيق مع الأمن الكويتي في فبراير الماضي، على حد ما أوردته “القبس” وأثناءها ذكر أن زوجته تعرفت إلى صوت ابنها حين سمعته يتكلم قبل ذبح أول رهينة أميركي، فصاحت: “هذا ولدي” وعند إعادة التسجيل “تأكد أن الصوت هو لابنه فعلا” طبقا لما قالت “القبس” عن الأب الذي تحول منزل أسرته في منطقة العيون بالجهراء إلى مكان ذلك الوقت لتجمع الباحثين عن أي جديد بشأن ابنه الشهير.
وغادر الكويت ولم يعد اليها أبدا
كما أبلغ أن ابنه كان ملتزماً منذ بداية شبابه، وعمل مهندس كمبيوتر في لندن، وقصد الكويت آخر مرة قادما من أنقرة، حيث بقي من يناير الى أبريل 2010 يبحث عن فرص وظيفية للاستقرار فيها “لكن الوضع لم يلائمه مادياً، فغادر الى بريطانيا” حيث له شقيق اسمه عمر، وعمره الآن 22 سنة، كما 3 شقيقات: شيماء وهناء واسراء، المهندسة المعمارية الموظفة حاليا لدى شركة في لندن، إضافة لأسماء المقيمة مع أبيها في الكويت.
أما عن والدته غانية، فعمرها 48 ولا تحمل الجنسية البريطانية، ومستمرة من فئة غير محددي الجنسية، وهو ما سبق وذكرته “العربية.نت” عنها سابق. كما “لمحمد أعمام وأقرباء من الفئة ذاتها، ولا توجد لديهم أي صلة قرابة بمواطنين كويتيين” على حد ما أوردته عنهم”القبس” في اشارة الى أنهم من البدون.
ورد عنه أيضا بصحيفة “الرأي” الكويتية معلومات وردت هي نفسها بصحيفة “الغارديان” البريطانية، من أنه عمل في 2010 مندوب مبيعات بشركة كمبيوتر في الكويت، براتب 300 دينار كويتي شهرياً، إضافة الى 50 بدل نقل، مع 5% عمولة عن المبيعات، وأن عمله دام 3 أشهر فقط، وكان عبارة عن اختبار، غادر بعده يوم 25 أبريل 2010 إلى لندن في “عطلة طارئة” لمدة 5 أيام، إلا أنه لم يعد أبداً، ثم تذرع لمسؤول بالشركة أن مشاكل عائلية بين والده ووالدته تمنعه من العودة.
أحلام التي أحبها من طرف واحد زمن المراهقة
كما ورد عن اموازي بصحيفة “ديلي ميرور” البريطانية، أنه كان يحب إحدى زميلاته بالمدرسة في لندن، لكنه لم يصارحها.. كان اسمها أحلام، ونراها خلف كتفه الأيسر في صورة مدرسية جماعية تنشرها “العربية.نت” وتم التقاطها حين كان كل منهما بعمر 16 سنة تقريبا، وأنه أخبر بعض زملائه برغبته في مواعدتها ومصارحتها بمشاعره نحوها، لكن الجرأة كانت تنقصه كما يبدو.
وعثرت “ديلي ميرور” على أحلام التي أخبرت بأنها لم تكن تعلم أنه كان معجبا بها “ولا أستطيع أن أتصور أنه كان يكن لي تلك المشاعر (..) كان خجولاً وكتوماً وهادئا، ولم يكن يحب الانخراط في مغامرات الحياة المدرسية ولا التحدث الى الفتيات إلا إذا اضطر إلى ذلك. لقد أصبت بصدمة عندما سمعت بالأخبار أنه “الجهادي جون” ولم أصدق في البداية صوره وهو ملثم ويذبح الناس” وفق تعبيرها.
وكان محمد اموازي يتعرض لمضايقات من أجهزة الأمن البريطانية بعد محاولته العودة في 2010 إلى الكويت “ليتزوج ويلتحق بوظيفة” طبقا لما يمكن استنتاجه من رسالة كتبها بالبريد الإلكتروني الى مؤسسة CAGE الخيرية البريطانية، وفيها ذكر أنه يشعر “كسجين، لا بقفص بل في لندن” وأن الأجهزة “تتحكم بي وتمنعني من بدء حياة جديدة في مسقط رأسي وبلدي الكويت”. لذلك أنحت “كيغ” باللائمة في تطرفه على مضايقته المزعومة على يد مسؤولين بأجهزة مكافحة الإرهاب، بعد أن اعتقل في تنزانيا مع صديقين لدى وصولهم في أغسطس 2009 إلى هناك “للقيام برحلة سفاري”، وفق زعمه.
في تنزانيا قاموا بترحيله إلى أمستردام حيث استجوبه عناصر بوكالةMI5 البريطانية للأمن الداخلي، كما وضابط بالاستخبارات الهولندية، اشتباها بنيته السفر إلى الصومال، فأعادوه إلى لندن التي لم يصبر على البقاء فيها أكثر من 3 سنوات، إلى أن ظهر “متدعوشا” وقاطعا للرؤوس في سوريا، ومتوعدا الأرض ومن عليها، حتى قتله الأميركيون، فيما اكتملت عبارة 99 % وأصبحت 100 % بالكامل.