في تصريحات مثيرة نسف الجنرال يحيى رحيم صفوي، المستشار العسكري للمرشد علي خامنئي والقائد السابق للحرس الثوري الإيراني، الهوية التاريخية لأكراد العراق، محملاً إياهم جميلا، معتبراً لغتهم فارسية بذريعة “أنهم آريون”، على حد تعبيره.
وجاءت هذه التصريحات في خضم حديثه حول “احتمال استقلال كردستان العراق”، فقال “إنهم آريون ولغتهم فارسية”، مضيفاً: “على قادة الأكراد أن يتذكروا فضل إيران عليهم”.
واتهم صفوي الأكراد العراقيين بالسماح لأكراد إيرانيين بالاتصال بالمملكة العربية السعودية، وحذر حكومة إقليم كردستان بهذا الخصوص.
ولم يقدم صفوي أي أدلة أو إثباتات بشأن هذه التهمة، وعادة تتهم إيران معارضيها بالعمالة لأميركا وبريطانيا والغرب، واليوم تضيف المملكة العربية السعودية لهذه القائمة، نظراً لموقف الرياض من دعم طهران المالي والتسليحي للحوثيين و”حزب الله” لبنان ونظام الأسد والميليشيات الطائفية في العراق.
أما بخصوص تحميل الجميل لقادة الأكراد في العراق والذي وصفه صفوي بـ”فضل إيران على قادة الأكراد”، فيعيد الجنرال في الحرس الثوري إلى الأذهان فترة إقامة أسرة رئيس إقليم كردستان الحالي، مسعود بارزاني في إيران، خلال فترة حكم الشاه في سبعينيات القرن الماضي بعد توقيع والده اتفاقية الجزائر مع الرئيس العراقي السابق صدام حسين، حيث توقفت طهران بموجبها عن دعمها للزعيم التاريخي لأكراد العراق الملا مصطفى البارزاني ومنعته من أي تحرك ضد بغداد، وفرضت عليه إقامة شبه جبرية في منطقة كرج شاملي بالعاصمة الإيرانية طهران.
ويشغل اليوم مسعود بارزاني، نجل الملا مصطفى، منصب رئيس إقليم كردستان العراق الذي يحظى بحكم ذاتي فيدرالي واسع الصلاحية. وكان دعا مسعود قبل عام إلى إجراء استفتاء لتقرير مصير كردستان بين الاستقلال أو الإبقاء على الارتباط ببغداد ضمن عراق فيدرالي. وترفض إيران بقوة هذا التوجه الكردي، خاصة أن الحكومة المركزية العراقية تدار بشكل مباشر وغير مباشر من قبل حلفائها من الشيعة من جهة، ومن جهة أخرى فإن استقلال كردستان العراق سيؤثر بقوة على أكراد إيران وسائر القوميات غير الفارسية من قبيل الترك والعرب والبلوش والتركمان وغيرهم بمطالبات قومية ترفضها إيران جملة وتفصيلاً.
وزعم مستشار المرشد الإيراني أن “داعش” كان على قدم وساق من احتلال أربيل عاصمة الإقليم، مدعياً أن إيران هي التي حالت دون ذلك، فقال: “الدواعش اقتربوا من أربيل ولكن سارعت الجمهروية الإسلامية لدعمهم (الأكراد) وأنقذت أربيل، والآن نحن قلقون إزاء تباعد إقليم كردستان عن الحكومة المركزية العراقية، ونحن لا نرغب أن يتم هذا التباعد”.
وشكك صفوي في قدرات الأكراد العراقيين أن ينجحوا في تحقيق ذلك دون أن توافق طهران على ذلك فقال: “من المستبعد أن ينجحوا (أكراد العراق) دون دعم إيران، لأنهم محاصرون بشكل ما. الجو هو طريقهم الوحيد” في إشارة إلى الجغرافيا التي تضم مختلف أجزاء كردستان الموزعة بين إيران والعراق وسوريا وتركيا.
إيران قلقة من دعم أكراد إيران
ولكن يبدو أن تصريحات الجنرال الإيراني القريب من المرشد ناجمة عن قلق إيران المتزايد تجاه تحركات الأكراد الإيرانيين العسكرية انطلاقاً من إقليم كردستان العراق.
ويبلغ عدد الأكراد في إيران حوالي 9 ملايين نسمة، وبهذا يشكل الأكراد في إيران ثاني أكبر تجمع سكاني كردي بعد أكراد تركيا، ويتوزعون كأغلبية في 3 أقاليم وهي كردستان وكرمانشان (كرمانشاه) وعيلام (إيلام) وكأقلية كبيرة في إقليم آذربيجان الغربي إلى جانب الأغلبية التركية الآذربيجانية.
زعيم حزب كومله الكردي على اليمن وزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني
تتراوح مطالب الأكراد بين الاستقلال والفيدرالية القومية، وإن أهم الأحزاب الكردية هي “الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني” بزعامة مصطفى هجري، و”حزب كوملة كادحي كردستان إيران” بزعامة عبدالله مهتدي، و”حزب الديمقراطي الكردستاني” بزعامة خالد عزيزي، و”حزب الحرية الكردستاني”، و”حزب حياة كردستان الحرة” (بيجاك) الفرع الإيراني لحزب العمل الكردستاني التركي “ب ك ك”.
ويعد “الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني” الحزب الأم لكافة الأحزاب الكردية في المنطقة، حيث أنشئ عام 1946 أثناء الحرب الكونية الثانية، وأسس الحزب بقيادة زعميه المؤسس “قاضي محمد” أول جمهورية كردية عاصمتها مدينة “مهاباد”، وعرفت هذه الجمهورية باسم جمهورية مهآباد.
وفي حديثه نسف الجنرال رحيم صفوي الهوية الكردية بالكامل، محاولاً وصفها كوجه آخر للهوية الفارسية في الوقت الذي يعتز الأكراد بهويتهم ولغتهم وثقافتهم المستلقة، فقال: “إن أكراد العراق جذورهم آرية ولغتهم فارسية، لذا عليه الأخذ بالحيطة والحذر في هذه اللعبة السياسية (المطالبة بالاستقلال) لأنهم إذا ابتعدوا عن إيران سوف يأتيهم الضرر”