ذكر شهود عيان من أهالي قرية “كرداسة” بالقرب من أهرامات الجيزة بالعاصمة المصرية لـ”العربية.نت” أن تحليقاً كثيفاً ومتكرراً على ارتفاعات منخفضة للمروحيات العسكرية يتم في سماء القرية ليلاً ونهاراً، ما أثار حالة من الارتياح، استبشاراً بقرب الهجوم على القرية وتخليصها من المسلحين ومنفذي مذبحة قسم شرطة المدينة يوم 14 أغسطس/آب، التي تمت تزامناً مع فض اعتصامي “رابعة العدوية” و”النهضة”.
فقد صارت “كرداسة”، القرية السياحية الصغيرة والهادئة محط أنظار العالم بعد المذبحة، وإعلانها “إمارة إسلامية” من قبل عناصر مسلحة، والكل يترقب عملية أمنية كبرى بها.
فقد كشف مصدر أمني مسؤول أنه تم تحديد الجناة الذين ارتكبوا مجزرة كرداسة، وأنهم على وشك السقوط بقبضة الأمن. وقال إنه يجري التحضير لعملية أمنية كبيرة للقبض عليهم والسيطرة على الوضع الأمني بها.
وأوضح المصدر لـ”العربية.نت” أن القرية بها عدد من الكوادر الفاعلة للإخوان المسلمين، والتي لعبت دوراً كبيراً في الحشد لاعتصام “رابعة العدوية” ومذبحة قسم الشرطة التي راح ضحيتها 16 شهيداً شرطياً. كما أن مجموعة من العناصر المسلحة والمتطرفة المنتمية للسلفية الجهادية والجماعة الإسلامية تتخذ منها ملاذاً آمناً ونقطة ارتكاز.
عشوائية الشوارع وفواصل المباني
وأبدى المصدر قلقاً من عشوائية الشوارع والحواري والمباني، وغياب الفواصل بين المنازل، بما يجعل العملية الأمنية صعبة إلى حد ما، لكنه استدرك أن الخطة جاهزة وقيد التنفيذ لضرب أوكار الإرهابيين وتطهير القرية بمعرفة قوات الأمن المركزي وعناصر العمليات الخاصة، وأن ساعة الصفر تقترب، محذراً من وقوع خسائر بشرية من الجانين في حال وجود مقاومة مسلحة وهو احتمال وارد.
إلى ذلك، أمرت نيابة جنوب أسيوط الكلية، أمس الثلاثاء، بحبس القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، أحمد علي، مدير أحد مصانع الإسمنت بالمنطقة الصناعية بأسيوط، يوماً على ذمة التحقيقات لاتهامه بالضلوع في الحشد وأحداث العنف بـ”رابعة العدوية” ومنطقة “كرداسة”، وكان المتهم وهو من أبناء “كرداسة” قد ألقي القبض عليه بأسيوط.
أمراء “كرداسة” ووساطة الشيخ حسان
فى السياق ذاته نقلت “بوابة فيتو” المصرية عن مصدر مطلع بالقرية أن “أمراء كرداسة” من قادة الإخوان والجهاديين، وعلى رأسهم المتسبب في أحداث العنف نصر الدين الغزلاني، رفضوا مبادرة من بعض شباب وعواقل القرية لتسليم الأسلحة التي بحوزتهم، حقناً لدماء أهالي “كرداسة”.
وذكرت “فيتو” أن الجهاديين أظهروا تشدداً بالغاً وكأنهم يدقون طبول الحرب، وأجمعوا على رفض المبادرة وحتمية المقاومة والمواجهة مع القوى الأمنية.
وتجدر الإشارة إلى أن الشيخ السلفي محمد حسان قد توسط مؤخراً بناء على طلب حكومي، وفشل في التوصل إلى حل مع “أمراء كرداسة” لتسليم السلاح والحيلولة دون الصدام.
سيطرة للمسلحين
من ناحية أخرى، أكد العديد من أهالي كرداسة المقيمين بها عودة الهدوء إلى البلدة وعدم وقوع حوادث أمنية خلال الأيام الأخيرة، فقد أكد المهندس عاطف لـ”العربية.نت” اختفاء المسلحين والشرطة معاً من شوارع “كرداسة” وعودة حركة المواصلات ونشاط السوق.
ونوه عاطف بما حدث بصلاة الجمعة (23 أغسطس/آب) من قيام الإخوان بالدعاء على الفريق أول عبدالفتاح السيسي، ما دفع غالبية المصلين للانسحاب من المسجد ومقاطعة الصلاة معهم مرة أخرى.
وأشارت هناء حمدي إلى سيطرة الإخوان والمتطرفين ومجموعة كبيرة من جنسيات غير مصرية على أرض قرية “كرداسة”، لأن كثيراً من بنات القرية تزوجن من ليبيين وفلسطينيين، والقرية لها مدخلان: أحدهما من ترعة “المنصورية”، والآخر من ناحية ترعة “المريوطية”، وهذا المدخل الأخير هو الذي يسيطر عليه المسلحون والمقام عليه تحصينات لهم.
المذبحة الأبشع لشرطة “كرداسة”
وكان قسم شرطة “كرداسة” قد شهد يوم 14 أغسطس/آب بالتزامن مع عملية فض اعتصامي “رابعة العدوية” و”النهضة” مذبحة بشرية هي الأبشع في تفاصيلها، فقد قصف المسلحون القسم بقذائف “آر بي جي” قبل اقتحامه وقتل 16 ضابطاً وجندياً بالرصاص، ثم ذبحهم ومنع إسعاف المصابين منهم والتمثيل بجثثهم داخل مسجد الشاعر، ثم سحلهم بسيارة نصف نقل، وعلى رأسهم اللواء مصطفى الخطيب قائد فرقة أكتوبر الذي تم احتجازه بالمسجد المجاور ينزف حتى لفظ أنفاسه، والعميد محمد جبر مأمور القسم ونائبه العقيد عامر عبدالمقصود الذي كان صائماً، والنقباء محمد وهدان ومحمد فاروق وهشام شتا العائد قبل المذبحة بأيام من عمرة رمضانية وعشرة أمناء شرطة ومجند.
يذكر أن هذا القسم كان قد تم تجديده مؤخراً لسابق تعرضه لتلفيات كبيرة جراء تعرضه للحرق ضمن موجة حرق أقسام الشرطة يوم 28 يناير/كانون الثاني 2011.
و”كرداسة” هي مسقط رأس القيادي بجماعة الإخوان المسلمين عصام العريان، والجهاديين عبود وطارق الزمر المدانين بعملية اغتيال الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات يوم 6 أكتوبر/تشرين الأول 1981.
قرية تجتذب السياح
و”كرداسة” التي تقع بالقرب من أهرامات الجيزة، يسكنها نحو 70 ألف نسمة، وتشتهر بالورش الصغيرة للمصنوعات اليدوية والمشغولات، وأهمها جميعاً الملابس الريفية والفرعونية، ما يجذب السياح الأجانب لزيارتها واقتناء وشراء هذه المنتجات ذات الطابعين الريفي والفرعوني.
وتنتشر بقرية “كرداسة” صناعة النسيج وبها الكثير من الأنوال والمصابغ للمنسوجات القطنية والشاش والقطن، وفي أزمان سابقة كانت “كرداسة” ملتقى للطرق المؤدية إلى سيوه ووادي النطرون، ومرت منها قوافل الرقيق والحجيج.