(CNN) — برزت بوادر أزمة جديدة في مصر، بعد قرار المحكمة الدستورية العليا بإلزام الدولة والمشرع بالسماح لرجال الشرطة والجيش بالتصويت بالانتخابات استنادا إلى الدستور الجديد، في سابقة هي الأولى من نوعها، ما أثار جدلا يتعلق بمخاوف على الأمن القومي من إقحام الجيش بالسياسية وإحداث انقسام داخله.
كما برزت انتقادات لمعارضي جماعة “الإخوان المسلمين” والجمعية التي أعدت الدستور والتي هيمن عليها تيار الإسلام السياسي، والتي أشرفت على إعداد دستور على عجل – وفقا للمعارضين، ما أثار غضبا شعبيا.
وقالت المحكمة الدستورية في حكم أصدرته بشأن مشروع قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية إن حرمان ضباط وأفراد القوات المسلحة وهيئة الشرطة من مباشرة حقوقهم السياسية بسبب أدائهم لهذه الوظائف “يعد انتقاصا من السيادة الشعبية وإهدارا لمبدأ المواطنة.”
و وصف محمد أنور عصمت السادات، رئيس “حزب الإصلاح والتنمية” قرار الدستورية بـ”الصحيح” معتبرا أنه “جاء بموجب الدستور الذي أعدته جمعية يسيطر عليها التيار الإسلامي وهو الدستور الذي جرت صياغته بمدة قصيرة وسط سخط شعبي.”
وأضاف السادات، إنه “ما من حل للخروج من الأزمة كونه حكم للمحكمة الدستورية لا يمكن تعديله، كما لا توجد إليه لتعديل مواد الدستور في ظل غياب مجلس النواب،” غير أنه أشار إلى المادة 150 من الدستور و التي تسمح لرئيس الجمهورية بالدعوة للاستفتاء فيما يخص المواطنين.
ورجح بأن السادات ألا يرحب الجيش والشرطة بالتصويت بالانتخابات بهذا التوقيت، مضيفا أن بعض الدول التي تسمح بتصويت الجيش “هي دول مستقرة سياسيا ولا يوجد بها انقسام شعبي كما الوضع في مصر حاليا” على حد تعبيره.
وتابع السادات قائلا: “دستور عام 1971 كان يعتبر أن التصويت حق، وكان يحيل التصويت والفئات المستثناة إلى قانون الانتخابات، أما الدستور الجديد فيعتبر أن التصويت حق ولم يحل للقانون، ما أوقع الجميع بمأزق تصويت الجيش، والذي من شانه أن يخلق حياة سياسية وحزبية داخل الثكنات والمعسكرات ما يمكن أن يؤدي إلى فتنة.”
وأضاف: “ما حدث يعد نموذجا للعيوب التي سبق وأن تم التنبيه لها من دستور هو في الأساس صناعة أيادي الإسلاميين وخاصة جماعة الإخوان الذين ظلوا يرددون بان الجمعية التأسيسية بها أفضل الناس، ومن المرجح اكتشاف مواد مشابهة في الدستور عند تطبيقها على أرض الواقع وإعداد قوانين مرتبطة بها.”
أما محمود المصري، المتحدث باسم حركة “6 أبريل” أن الحركة ترفض تصويت الشرطة والجيش بالانتخابات في ظل ما اعتبره “حالة استقطاب سياسي” مشيرا بأن مجلس الشورى “غير مؤهل للعملية التشريعية وذلك بعدما أعادت إليه المحكمة الدستورية العليا قانون مباشرة الحقوق السياسية ثلاث مرات.”
وأضاف المصري أن رأى الحركة بشأن تصويت الجيش والشرطة نابع من واقع أن الأجهزة العسكرية هي التي تتولى حماية الصناديق، مشيرا إلى أن دساتير مصر على مر العصور “لم يكن بها نصوص واضحة تمنعهم من التصويت ولكنه كان يحيل هذا الأمر للقانون لتوضيح الجهات المستثناة.”
ورجح اللواء حسام سويلم بألا يوافق الجيش على قرار التصويت بالانتخابات قائلا إنه “يمثل خطرا على الأمن القومي المصري ويزيد من الانقسام السياسي والإيديولوجي” ولفت إلى أن هذا الأمر “من شأنه إحداث صراعات حزبية داخل الجيش على حساب العمليات القتالية.”
واعتبر صابر أبو الفتوح، عضو مجلس الشعب السابق عن حزب “الحرية والعدالة”، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين القرار بأنه “إقحام للجيش في الحياة السياسية يضع الأمور بمأزق إذ أن من شأنه أن يتسبب بتأجيل الانتخابات.”
وأضاف أن مجلس الشورى لا يستطيع تدارك هذا الموقف كونه قرار صادر من المحكمة الدستورية العليا وعدم الاستجابة له يعرض مجلس النواب القادم للبطلان، كما يعرض الأمن القومي للخطر. وفيما يتعلق بعدم تضمن الدستور الجديد لنصوص تمنع الجيش والشرطة من التصويت قال إن الدستور “لم يقر بأمر كهذا.”