طالبت العديد من المنظمات غير الحكومية بالمغرب بالإسراع في تطبيق المناصفة بين الجنسين، ومكافحة جميع أشكال التمييز ضد النساء في المجتمع المغربي، داعية اللجنة العلمية المكلفة من طرف الحكومة لإحداث هيأة خاصة بالمناصفة بأن تكون هذه المؤسسة متمتعة بالاستقلالية عن أية جهة رسمية.
وكانت وزارة التضامن والأسرة قد أشرفت في فبراير/شباط المنصرم على إحداث لجنة علمية مكونة من شخصيات مستقلة تهدف إلى وضع أسس إحداث هيأة المناصفة ومكافحة التمييز ضد المرأة بالمغرب، تماشياً مع الدستور في الفصل 19 الذي ينص على مبدأ المساواة بين الرجال والنساء، والفصل 6 الذي يُلزم الدولة بتفعيل القوانين التي تضمن المساواة بين المواطنين والمواطنات.
تردي أوضاع النساء
وقال أحمد أرحموش، رئيس الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة، في تصريحات لـ”العربية.نت” إن مبدأ المساواة يعد من أهم المبادئ الحقوقية الذي ألحت الأمم المتحدة على ضرورة احترامه، إذ لا ينبغي أن تقوم في المجتمع البشري أي فوارق نابعة من اختلاف في الأصل أو الجنس أو الدين أو اللغة أو الانتماء العرقي.
وتابع أرحموش بأن المنظمات غير الحكومية بالمغرب عملت على مرافقة مطالبها الرامية إلى نبذ كل أشكال التمييز، باعتماد الدستور المعدل لمقتضيات الفصول 19 و164، ذات الصلة بالمناصفة والمساواة ومأسسة حقوق النساء، وهي المقتضيات التي ما زالت تعرف توترات وتجاذبات فكرية وسياسية بحكم المسارات المنغلقة التي تسعى الحكومة إلى فرضها على المجتمع.
واستطرد الناشط الحقوقي بأن المنظمات غير الحكومية، وبالأخص ذات الصلة بالحقوق الإنسانية للنساء، عملت على إخراج بدائل استراتيجية وقانونية للقطع مع استمرار تدني واقع حقوق النساء المغربيات، ومنهن النساء الأمازيغيات اللواتي يعشن عنفاً ثلاثي الأبعاد: عنف مادي، وعنف مجتمعي، وعنف قانوني.
وأفاد أرحموش بأن مبادرة المنظمات المدنية، التي انخرطت في نسيج “ربيع الكرامة”، تسعى إلى رفع المقدس عن الشأن النسائي، والعمل على مراجعة عدد من المجالات التشريعية والإعلامية والثقافية والمؤسساتية.
مجالات التمييز ضد النساء
وأوضح الناشط الحقوقي أن المجال التشريعي ما زال يرجح النظرة الذكورية للمجتمع، ويتطلب ذلك تعديله وإصلاح الأخطاء المرتكبة من قبل الحكومات السابقة والحالية، سواء في مجال الإرث أو الزواج أو في مجال أهلية المرأة، أو في المجالات ذات الصلة بمجمل أنواع وأشكال العنف والاضطهاد الذي تكرسه القوانين الوطنية.
وانتقد أرحموش التباطؤ الحاصل في تنفيذ استراتيجية إدماج مقاربة النوع الاجتماعي في السياسات والميزانيات العمومية، وأيضاً توظيف المرأة سلبياً في الإعلام السمعي والبصري والمكتوب والإلكتروني.
واسترسل المتحدث بأنه “يتعين في المجال اللغوي والثقافي إقرار مبدأ العدالة اللغوية لفائدة النساء الأمازيغيات، ورفع الحيف الممارس ضدهن، سواء في بُعده اللغوي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي”.
وزاد أرحموش أنه “يجب تجاوز النظرة الحزبية والدينية التي بدأت بعض القطاعات الحكومية تدبر بها ملف تفعيل هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، والمرور إلى اعتماد منهجية ديمقراطية تمكن أصوات الشعب من التعبير عن رؤيتها للموضوع، والأخذ بتجربتها وبدائلها”.
وانتقدت جميعات نسائية ما اعتبرته “ضعفاً في تمثيلية النساء في الحياة السياسية، والتعيينات في المناصب الرسمية، مستدلة بوجود وزيرة واحدة في الحكومة الحالية، وأيضاً الفوارق بين الأجور التي يتلقاها الذكور في القطاع الخاص، والأجور التي تتلقاها النساء”.