تستنفر منظمات وهيئات خيرية بريطانية من أجل إغاثة ملايين المنكوبين السوريين، في الوقت الذي تزداد فيه الأوضاع الانسانية سوءاً مع التدهور الاقتصادي السريع والمستمر في سوريا، والذي أدى إلى انهيار العملة المحلية مع تضاعف في الأسعار ودفع بملايين السوريين إلى الهبوط دون خط الفقر، فضلاً عن أكثر من خمسة ملايين تركوا بيوتهم وهربوا منها بسبب القتال.
ووصف مسؤول في منظمة إغاثية بريطانية تعمل منذ عشرات السنين ما يجري في سوريا بأنه “الكارثة الإنسانية الأسوأ التي يتم التعامل معها”، مشيراً في حديثه لـ”العربية.نت” إلى أن “عمال الإغاثة كانوا يصلون إلى عائلات في سوريا لم تحصل على الخبز ولا الماء لستة أو لسبعة أيام متتالية”.
أسوأ من مصيبة تسونامي
وقال عثمان مقبل، المدير العام لمنظمة “هيومن أبيل إنترناشيونال” وهي منظمة بريطانية تطلق على نفسها بالعربية اسم “هيئة الأعمال الخيرية”، قال إن “سوريا تشهد كارثة إنسانية وبيئية واقتصادية”، مشيراً إلى أن كل الهيئات الإغاثية في العالم أصبحت منشغلة بتقديم المعونات والمساعدات للسوريين، ومع ذلك فإن الحاجات المطلوبة أكبر بكثير مما يتم تأمينه بالفعل.
وأضاف مقبل في حديثه لـ”العربية.نت” إن الكارثة في سوريا أسوأ من مجاعة الصومال، ومصيبة تسونامي، وزلزال باكستان، مؤكداً أن ما شاهده في سوريا لم يشاهده في كل تلك المناطق من قبل.
وتابع: “هذه أسوأ كارثة إنسانية يواجهها العالم، وأسوأ كارثة نتعامل معها في هيئة الأعمال الخيرية منذ بدأنا قبل أكثر من ثلاثين عاماً”.
ملايين المنكوبين
وبحسب مقبل فإن ثمة أمرين يميزان الأزمة السورية، الأول هو انعدام الأمن، حيث إن كافة عمال الإغاثة مهددون بالقتل أو التعرض للقصف، وربما الاعتقال خلال أداء مهامهم، أما الأمر الثاني، فهو أن الأزمة مستمرة ومتفاقمة ويزداد حجمها يومياً، ولذلك فإن حجم المنكوبين الجدد يومياً أكبر من حجم من تصل إليهم منظمات الإغاثة والجمعيات الخيرية.
وقال مقبل إن “هيئة الأعمال الخيرية” التي يديرها أطلقت أكبر حملة إغاثية في تاريخها لإنقاذ من يمكن إنقاذه من الشعب السوري، مشيراً إلى أنه في بداية شهر رمضان تم إرسال 43 شاحنة إغاثة، تتضمن مليون كيلو من الطحين، من بريطانيا، وتم توزيعها على 15 مدينة في سوريا.
وأشار إلى أن القيمة الاجمالية لما تم إرساله من مساعدات في أيام رمضان الأولى بلغ 600 ألف دولار. فيما يجري العمل على توزيع 40 ألف سلة غذائية على 40 ألف عائلة سورية بقيمة إجمالية ستبلغ 1.5 مليون دولار قبل نهاية رمضان الحالي.
فقر مدقع
وفيما تتدفق المساعدات على المنكوبين داخل سوريا، واللاجئين في الخارج، فإن أحدث الدراسات تقول إن خسائر الاقتصاد السوري منذ بدأت الثورة السورية وبدأ النظام معها عمليات القمع تجاوز 84.4 مليار دولار، فيما تقول التقديرات إن النظام أنفق على السلاح والذخيرة التي استخدمها في أعمال القمع أكثر من سبعة مليارات دولار.
وبحسب تقرير صادر عن “المركز السوري لبحوث السياسات”، وهو مركز دراسات قريب من النظام، فإن 6.7 مليون مواطن سوري أصبحوا تحت خط الفقر في الوقت الراهن، من بينهم 3.6 مليون سوري يعيشون فقراً مدقعاً.
يشار إلى أن الليرة السورية فقدت أكثر من 70% من قيمتها أمام العملات الأجنبية الأخرى، ما أدى إلى ارتفاع كبير في الأسعار، وتدهور في الحياة المعيشية للسكان في سوريا، كما أن مئات الآلاف من السوريين فقدوا وظائفهم أو تعطلت أعمالهم ما زاد من المعاناة الإنسانية، ورفع من وتيرة التدهور الاقتصادي في البلاد.