أعلنت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير نشرته اليوم الأحد أن ضحايا مذبحة بأحد المساجد على أيدي مليشيات عراقية موالية للحكومة تعرفوا على المعتدين وكانوا يعرفونهم بأسمائهم.
وحثت المنظمة، الحكومة العراقية على سرعة نشر أية تحقيقات تجريها في الهجوم على مسجد مصعب بن عمير يوم 22 أغسطس، الذي تسبب في مقتل 34 شخصاً، وتقديم المسؤولين عنه إلى العدالة.
وبحسب أقوال خمسة شهود، وبينهم أحد الناجين من الهجوم، قام مسلحون، بعضهم بثياب مدنية وآخرون بزي الشرطة، بمهاجمة المسجد عند الظهر في قرية إمام ويس في حمرين بمحافظة ديالى، على بعد 50 كيلومترا إلى الشمال الشرقي من مدينة بعقوبة، عاصمة المحافظة.
وأطلق المعتدون النار من أسلحة آلية من طرز “بي كيه” و”إيه كيه 47″ روسية الصنع، فأردوا 32 رجلاً، وسيدة واحدة، وصبياً واحداً في السابعة عشرة، وكانوا جميعاً، بحسب أقوال الشهود، من المدنيين الذين يؤدون صلاة الجمعة عند مقتلهم.
وقال الشهود، الذين طلبوا جميعا حجب هوياتهم من هيومن رايتس ووتش حماية لهم، إن إطلاق النار بدأ في نحو الساعة 12:10 ظهراً، فيما كان الإمام يلقي خطبة الجمعة.
وذكر أحد الناجين، وكان داخل المسجد السني، إنه شاهد رجلاً يدخل وهو يرتدي قميصا داكن الخضرة، وسروالاً وعصابة الرأس التي عادة ما يرتديها أفراد المليشيات المنتسبة إلى عصائب أهل الحق، الموالية للحكومة. وكان يحمل سلاحاً آليا من طراز “بي كيه”.
وتابع الشاهد: “صاح الرجل: ’لا تتحركوا، وإياكم والمغادرة!‘. ثم وجه طلقته الأولى إلى الشيخ الإمام، وواصل إطلاق النار على بقيتنا. وحين سمعت الطلقات النارية سقطت أرضاً”.
وواصل المسلح إطلاق النيران العشوائية، و”كان الناس على الأرض يصرخون ويبكون، صائحين: “الله أكبر، لا إله إلا الله”، بحسب الشاهد.
ودخل ثلاثة من الشهود المسجد بعد تلك الهجمة الأولى، وقالوا إنهم شاهدوا ثمانية مسلحين يغادرون المسجد. وحين دخلوا، رأوا نحو 10 أشخاص يبدو أنهم فارقوا الحياة بالفعل، ونحو 30 آخرين جرحى.
وقال أحدهم: “ما شاهدته كان شيئاً لا يوصف، غير إنساني. كان معظم الأشخاص مصابين ولم يفارقوا الحياة، يصيحون لطلب الماء والمساعدة في إصاباتهم. وشاهدت رجلاً وقد تطاير النصف الأيسر من رأسه تماماً”.
وذكر اثنان من الشهود أنهم بدأوا في حمل الجرحى إلى الحديقة التي أمام المسجد حين سمعوا المزيد من الطلقات، بعد حوالي 10 دقائق، فيما كانت مجموعة من 20-30 مسلحاً تتجه نحو المسجد.
وأجمع الشهود على أنهم سمعوا صرخات بعد ذلك، والمزيد من الطلقات النارية. واستمرت الجولة الثانية من الطلقات لمدة 15 دقيقة تقريباً.
وقال الشهود لـ “هيومن رايتس ووتش” إن القتلى الـ34 جميعاً، عدا واحد، من عشيرة بني ويس السنية في ديالى. ولم يعرف أي من الشهود سبباً للهجوم، لكن أحدهم أفاد أنه يعتقد أن الهجوم جاء انتقاماً لهجوم بقنبلة بدائية في توقيت أسبق من نفس اليوم، وقع على بعد 20 كيلومتراً إلى الشمال من قرية إمام ويس، وقتل فيه خمسة من أفراد المليشيات.
وقال الشهود إن هناك نقطة تفتيش تابعة للجيش على بعد 200 متر من المسجد، ونقطة تفتيش تابعة للشرطة على بعد 150 متراً منه، لكن قوات الأمن لم تستجب للهجوم رغم بث أصوات الطلقات من مكبر الصوت الخاص بالمسجد، وإمكانية سماعها من مسافة لا تقل عن 600 متر.
وأوضح اثنان من الشهود أنهما اتصلا لطلب مساعدة الجيش ولطلب عربة إسعاف، لكن لا هذه ولا تلك وصلتا إلا بعد مرور ساعة.
وأضافا أنه في نحو الواحدة والنصف ظهراً، وصل جنود من اللواء الخامس بفرقة الجيش رقم 20، في عربة إسعاف عسكرية وشاحنة بضائع استخدمت في نقل الجثث إلى مشرحة مستشفى المقدادية على بعد 15 كيلومترا.
وذكر الناجي أنه كان ضمن 6 أشخاص نجوا من إطلاق النيران، موضحا أن ابن عمه التمس العلاج في المستشفى المحلي لكنه غادره بعد أن حذره الأطباء من أن أفراد المليشيات يتجهون إلى المستشفى لقتل الناجين الذين يلتمسون العلاج هناك.
وقال الشهود وثلاثة آخرون من السكان إن التوترات الطائفية تصاعدت في البلدة بعد استيلاء متشددي داعش على مدينة الموصل في 10 يونيو. ويسكن إمام ويس نحو 500 عائلة، منها 300 عائلة سنية و200 عائلة شيعية، كما قال السكان.
في 22 أكتوبر، وفي رد على التماس هيومن رايتس ووتش الحصول على معلومات بشأن الهجوم، قال العميد سعد معن، الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية إن الوزارة شكلت “لجنة تحقيق” للنظر في الهجوم، وقررت اللجنة بدورها أن ثلاثة من المشتبه بهم نفذوا عمليات القتل.
ويتفق هجوم 22 أغسطس مع نمط الاعتداءات التي وثقتها هيومن رايتس ووتش، ومنها عمليات خطف وإعدام ميداني، بأيدي المليشيات الشيعية، عصائب أهل الحق وألوية بدر وكتائب حزب الله، في محافظات بغداد وديالى وبابل، بحسب ما ذكرت المنظمة.