لا يمكن النظر إلى إرهاب المستوطنين وتصاعد أعمالهم العدائية ضد الفلسطينيين، بمعزل عن تاريخ الاستيطان في العقيدة الصهيونية المتجذرة لدى أشد قادة إسرائيل عداوة للعرب.
فبعد الهزيمة، التي منيت بها جيوش عربية عام 1967، وأسفرت عن احتلال اسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة، كشف قادة إسرائيليون عن مخططاتهم الاستيطانية العدوانية.
وعقب الهزيمة التي أطلق عليها “نكسة 67″، سارع آرئيل شارون، الذي كان آنذاك جنرالا في الجيش الإسرائيلي، وإسحق رابين، الذي كان رئيسا لهيئة الأركان إلى إعلان “خطة النجوم السبعة”.
وأطلقا الخطة الرامية إلى إقامة تجمع استيطاني إسرائيلي مكان كل نجمة من شمال الضفة الغربية حتى جنوبها، في اختيار دقيق للمواقع يمكن إسرائيل من تضييق الخناق على الفلسطينيين.
وحرصت إسرائيل على بدء المشروع الاستيطاني في قمم الجبال المحيطة بالمدن والقرى الفلسطينية، لضمان السيطرة على أكبر مساحة من الأرض، وبالتالي فرض حصار على بقية المناطق.
ويرجع اختيار تلك المواقع، بالإضافة إلى التركيز على المناطق التي يوجد فيها أكبر عدد من ينابيع المياه والآبار الإرتوازية، لأسباب استراتيجية تنطلق من 3 أهداف.
ويتمثل الهدف الأول بمنع التوسع الجغرافي الطبيعي للمدن والقرى الفلسطينية، وبالتالي المراهنة على عنصر الزمن وضيق المساحة لتحقيق الهجرة الطوعية لسكانها ليحل مكانهم المستوطنون.
ويختصر الهدفان الثاني والثالث بسحب كل مصادر المياه وإبقاء الفلسطينيين تحت رحمة إسرائيل للحصول على الماء، وإجبار المزارع الفلسطيني على التخلي عن مهنة الزراعة وهجرة الأرض بقوة السلاح وإرهاب المستوطنين.
وساهمت انتهاكات وممارسات الجيش الإسرائيلي وقوانين التحفيز والتشجيع الاقتصادي، التي سنتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، لمصلحة المستوطنين، في تحقيق الأهداف الثلاثة.
فوزارة الدفاع الإسرائيلية تتولى بناء المستوطنات، في حين تتيح القوانين للمستوطنين بشراء المنازل بثمن زهيد، على أن تتكفل الحكومة بتأمين المواصلات المجانية لهم.
فضلا عن أن بعض المستوطنات كانت قواعد عسكرية للجيش الإسرائيلي تخلى عنها للمستوطنين، بينما شيد البعض الآخر على أساس أيديولوجي، انطلقت من روايات توراتية تستند هي الأخرى إلى نصوص مشكوك بها دينيا.
وعلى سبيل المثال، تزرعت إسرائيل بقبر النبي يوسف لبناء المستوطنات في محيط نابلس، وقبر راحيل للاستيطان في محيط بيت لحم، وما يسمى “الهيكل” الذي يدعّي الإسرائيليون أنه في نفس موقع المسجد الأقصى، للاستيطان في القدس.
وتؤكد السياسية الإسرائيلية الاستيطانية على ترابط وثيق بين عقيدة الحكومات المتعاقبة والإرهاب الذي يمارسه المستوطنون ضد الفلسطينيين، لاسيما أن النهج الاستيطاني استمر في النمو، حتى بات اليوم “دولة داخل الضفة الغربية”.