سنوات الطفل لؤي نادر القرطان العشر لم تشفع له لدى قوات النظام السوري، وهروبه من عائلته من نوى في درعا التي حولها النظام إلى مدينة أشباح، لم تنجه وعائلته من الموت، وفي الطريق إلى الشيخ السعد، وبعد مسير حوالي 5 كم تلقى مع عائلته ونازحي “نوى” الرصاص من حاجز للجيش التابع للأسد، وبعد أن نجا لؤي من أهوال الطريق لم يسعفه الحظ وأهله بالوصول إلى الشيخ سعد، وأمرهم جنود النظام بالعودة إلى نوى لتسقط قذيفة بالقرب من العائلة فأصيب الجميع بجروح بالغة ومات لؤي.
وبحسب أبو الناشط حمزة جواد من مدينة نوى فإن القصف المستمر والمتصاعد على المدينة منذ 6 أيام ترك المدينة خالية إلا من الخراب، وتفاقمت المعاناة الإنسانية هناك ليتم توثيق مقتل 40 شخصا على الأقل، ولا يزال الكثير ممن لم يتم توثيقهم إلى الآن تحت الأنقاض ولا يزال الكثيرون في عداد المفقودين.
ويبدو غضب النظام على نوى مضاعفاً بعد أن دخل الجيش الحر الثلاثاء الماضي 16 يوليو/تموز 2013 وتمكن من تدمير14 حاجزا وتدمير عدد من المدرعات والآليات العسكرية، والحواجز هي “حاجز طريق حوي، وحاجز المخفر في مدينة نوى، شعبة الحزب بالقرب من مخفر مدينة نوى، مفرزة الأمن السياسي – حاجز مجمع الإمام النووي، حاجز ساحة جامع العمري، حاجز ساحة جسر عوفة، حاجز مركز الشبيبة، حاجز المذايبة، حاجز كازية النابلسي، حاجز الضابط المقتول أوزون، حاجز شعبة تجنيد مدينة نوى، حاجز مجمع جهاد راضي العماري، حاجز الفرن الآلي، حاجز المشفى الوطني”.
الرصاص يحصد المدينة
لم يهدأ منذ يوم الثلاثاء الطيران الحربي وغاراته على المدينة، وبحسب ربا أبو عسلة، ناشطة من نوى، فإن مدفعية النظام بدأت تدك المدينة على رؤوس سكانها، وسرعان ما انتشر القناصة على حاجز المقبرة القديمة وبدأوا باستهداف كل ما يتحرك هناك.
وما لبثت أن اشتعلت المحاصيل الزراعية في المدينة صاحبة التربة الأكثر جودة للزراعة، وامتد الحريق إلى المنازل.
رعب يسيطر على الناس
بعد6 أيام من القصف والدمار سيطرت حالة من الرعب والهلع لدى الأطفال خصوصاً، وبدأ الناس محاولة الهروب من المدينة باتجاه القرى الأقرب “الشيخ سعد – تسيل – جاسم”، وإن كانت هذه القرى هي الأقرب فإنها تصبح بعيدة وشاقة عند قطع المسافة مشياً على الأقدام، ليلاحقهم رصاص النظام ومدفعيته وليهربوا من موت إلى موت آخر، ووقوع بعضهم على الطريق جريحاً أو مقتولاً.
ويقول أبو حمزة جواد “ناشط من المدينة” إن نزوح الأهالي ما زال مستمراً، ولكن لا تزال عدد من العائلات عالقة في بعض الأقبية بسبب تركز القصف والقنص على أحيائهم في أجواء من شح الطعام والشراب والعلاج.
وبقي الجرحى مسجونين خلف إصاباتهم مع التناقص الحاد والمتسارع بالأدوات الطبية في المستشفى الوحيد في المدينة بسبب ضخامة عدد أولئك الجرحى وتزايد ذلك العدد بشكل مطرد.
“الحر” لم يخرج
يشرح عمر الحريري “ناشط ميداني من نوى وعضو في اتحاد تنسيقيات درعا” دور الجيش الحر في المدينة فيقول إنه في يوم الخميس هجم “الحر” على حواجز النظام مرة أخرى لتوسيع رقعة المعركة ومحاولة السماح للأهالي بالهرب من المدينة، وقام الحر بقصف تل الجموع بالهاون، وبحسب الحريري فإن “الحر” قتل ما لا يقل عن 15 عنصرا من النظام.
وفي المقابل فإن ما لا يقل عن 300 مدني جرحى ومحاصرين داخل المدينة، وتوسعت غارات طيران النظام إلى قرية تسيل التي قصدها بعض سكان نوى.
“نوى” مدينة مدمرة
يقول عمر الحريري من اتحاد تنسيقيات درعا إن الخراب والدمار يسيطران حالياً على المدينة، حيث لم يستثن الدمار المنازل ولا المحلات التجارية والبنى التحتية كالشوارع والمدارس والمساجد والمؤسسات العامة.
13 طفلا قتلوا في نوى، لم يتجاوز عمر أصغرهم السنتين، ولم يبلغ أكبرهم الـ14 عاماً، ويبدو رصاص الأسد مصر دائماً على إفناء عائلات بأكملها، فقتل مهران الجنادي وزوجته وابنهم البالغ 4 سنوات وابنته بعمر السنتين.
وإن كان الإعلام لم يعد قادراً على ذكر أسماء ضحايا نظام الأسد، فإن مقتل لاعب منتخب سوريا لألعاب القوى “رامي قرص” حامل بطولة سوريا أربع مرات لابد من ذكره، وتوثيق مقتله عند محاولته الدفاع عن مدينته وأهله حاله حال أهل وسكان نوى المدمرة.