لاتزال الكثير من الشكوك تحوم حول مقتل رئيس شعبة الأمن السياسي السابق في جيش النظام السوري، رستم غزالي. فغزالي أو “أبو عبدو” الذي أعلن عن وفاته، الجمعة، كان في ما يشبه “الموت السريري” منذ أكثر من شهر، بعد أن تعرض للضرب من قبل عناصر تابعين لجهاز مدير شعبة الأمن العسكري اللواء رفيق شحادة، أو ما يعرف بالمخابرات العسكرية. وكان الأسد أقال شحادة في مارس الماضي إثر هذا الخلاف الذي نجم بين غزالي وشحادة.
https://www.youtube.com/watch?v=PDgxyM7CdGI
وبالعودة إلى دخول غزالي المستشفى، أفادت في حينه العديد من الأنباء بأن غزالي لم يدخل في حالة الموت السريري بسبب الضرب الذي تعرض له، بل إن في الأمر قطبة مخفية دفعت النظام السوري إلى التخلص منه عبر حقنه بمادة سامة.
طلاسم تلك القطبة تناولتها بعض المصادر من زوايا متعددة، سواء لجهة خلاف مالي نشب بين غزالي وماهر الأسد شقيق الرئيس السوري، أو لجهة تورطه في عدد من الملفات، منها بيع النفط للمعارضة السورية، وملف اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري، إلا أن الأبرز والجديد ما قيل عن أن غزالي أثار غضباً كبيراً في صفوف زملائه بسبب رفضه السماح لقوات من إيران و”حزب الله” بالتمركز داخل منزله في مرتفعات بلدة قرفا في محافظة درعا. كما أنه انتقد حزب الله وتخاذله في القتال في سوريا، واعتماده على شراء ذمم بعض مقاتلي المعارضة بدل مواجهتهم.
ففي تقرير نشرته صحيفة “لو موند” الفرنسية في مارس الماضي، أشارت إلى أن غزالي قتل بحقنة مسمومة في مستشفى في دمشق، وأشارت بأصابع الاتهام إلى كل من فيلق القدس واللواء جميل حسن، رئيس المخابرات الجوية. ولفتت إلى أنه انضم إلى قائمة الجنرالات الذين تمت تصفيتهم، وهم آصف شوكت واللواء غازي كنعان والجنرال جامع جامع، واللواء عبدالكريم عباس.
وأفادت المعلومات، وفق التقرير الذي نشر قبل شهر تقريباً، بأن غزالي وصل إلى مستشفى “الشامي”، وهو مستشفى خاص يقع قرب القصر الرئاسي في مرتفعات دمشق، يقدم العلاج للنخبة السياسية والعسكرية وعائلة الأسد، في 15 فبراير 2015 وهو في حالة حرجة، ورغم الغموض الذي يلف أسباب دخوله المستشفى، فإن أنصار النظام تداولوا فيما بينهم أخباراً متضاربة حول أسباب وصوله إلى هذه الحالة ومدى خطورتها.
تورط فيلق القدس والجنرال السوري جميل حسن
ولفت التقرير إلى أن من تحدثوا عن وفاة غزالي قالوا إنه تعرض لأزمة قلبية مفاجئة، فيما قال آخرون إنه أصيب بجروح قاتلة في أثناء قيادته لمعارك ضد الجيش الحر في منطقة درعا، لكن روايات أخرى أفادت بأنه قتل على يد عناصر “فيلق القدس” الإيراني الذي يقوده الجنرال قاسم سليماني. أما الروايات الأكثر تواتراً فهي تفيد باكتشاف بشار الأسد تورط ضباط علويين في مؤامرة للإطاحة به، مما دفعه لإصدار الأوامر بتصفية غزالي.
وأضاف أنه على الرغم من تضارب الروايات وغياب الإثباتات، فإن إمكانية صدور قرار من بشار الأسد بتصفية غزالي تبقى واردة جداً، بالنظر لحادثة وفاة ضابط آخر في دير الزور سنة 2013، نظر إليها وقتها باعتبارها بداية لسلسلة من عمليات الإخفاء المدروسة للمسؤولين الأمنيين السوريين الذين تورطوا في لبنان.
غير أن كاتب التقرير لاحظ أنه رغم كثرة الروايات وتضاربها، فإن هنالك شبه إجماع على أن من أصدر الأوامر بتصفية غزالي هم زملاء له في الجيش بأوامر عليا. وأبرز المشتبه بهم في هذا السياق هو الجنرال جميل حسن، رئيس المخابرات الجوية، الذي يقال إنه أصدر الأوامر للطائرات بقصف محيط منزل غزالي، بذريعة منع مقاتلي الجيش الحر من التقدم داخل بلدة قرفا، ورفيق شحادة مدير المخابرات العسكرية الذي اتهم غزالي ببيع البنزين لمقاتلين معارضين للنظام في جنوب البلاد.
تحدى حزب الله
ووفق التقرير فإن غزالي صرح في وقت سابق، خلال اجتماع تنسيقي بين الجيش السوري والمجموعات الإيرانية واللبنانية المقاتلة إلى جانب النظام في سوريا، بأنه لولا سوريا لما كان “حزب الله” موجوداً، وبأن انتصار الجيش السوري في هذه الحرب يعني نجاة “حزب الله” من الاندثار. كما اتهم الميليشيات الشيعية بالجبن، وقال إنها تحقق الانتصارات من خلال شراء ذمم مقاتلي المعارضة وليس من خلال القتال.
سبب تفجير غزالي لمنزله
إلى ذلك، كشف التقرير أن رستم غزالي كان قد أثار غضباً كبيراً في صفوف زملائه بسبب رفضه السماح لقوات من إيران و”حزب الله” بالتمركز داخل منزله في مرتفعات بلدة قرفا في محافظة درعا، حيث أرادت تلك القوات اتخاذه مركز عمليات ومستودعاً للمدفعية والمدرعات لصد تقدم المعارضة على محور دمشق – درعا. وبدلاً من ذلك، قام غزالي بتفجير منزله بالكامل وحرق مكوناته كافة، ونشر تسجيلاً للعملية على “يوتيوب”، في حركة تحدٍّ واضح للأوامر الصادرة بالتعاون مع الإيرانيين و”حزب الله”.
وأياً تكن الروايات يبقى الأكيد، بحسب الصحيفة الفرنسية، أن ما حصل لغزالي هو رسالة وتهديد من النظام لكل رجال المخابرات الذين بدأوا بالتململ، بسبب تعاظم النفوذ الإيراني وسيطرته على القرار السوري.