هل يفلت الأسد ونظامه من العقاب؟

لا يمكن لمجرم أن يفلت من العقاب. ولو أفلت المجرمون من العقاب لما تسمى الله بالمنتقم الجبار. ولو أفلت المجرمون من العقاب فلن يكون ليوم تشخص فيه الأبصار معنى لا عند الله ولا عند عباده. وكيف يفلت المجرمون من العقاب والوزن يومئذ الحق، والله هو الحق، ولقاؤه حق، والجنة والنار حق ، ولا يستوي الظالم والمظلوم، ولا النار والجنة. من نسي أن الله موجود فإن الله لا ينسى وعيده ولا يغفل عنه أبدا.
إذا مدَّ الله للباغي فليس حبا به وليس عجزا عنه ، وأبدا ليس رضى عن بغيه ولا يعني ذلك أنه سيفلت من العقاب. فليمكر الذين ظلموا مكرهم فإن الله ليس بغافل عن مكرهم ولا يُرَدُّ بأسه عن القوم المجرمين. من عاقبه الله على ذنوبه كلها صغيرها وكبيرها في الدنيا فليفرح فلن يعاقبه الله عليها في الآخرة ، ومن أجَّل له عقابه إلى الآخرة لقي عقابا أشد وأبقى وذلك الذي نسي الله فنسيه وذلك هو الخسران المبين. لو اجتمع أهل الأرض جنهم وإنسهم جميعا على نصرة بشار بعد أن أجرم كل ذلك الإجرام فلن يستطيعوا إلا بمقدار ما يأذن الله لهم وعندما يحق عليه انتقام الله فلن يستطيعوا أن يبعدوه عنه ولسوف يكون لزاما. إن هذه الآلاف المؤلفة التي قتلت ظلما وعدوانا ما كان الله ليترك قاتليهم بلا عقاب ، وهذه الآلاف المؤلفة التي عذبوها في سجونهم ما كان الله ليترك معذبيهم بلا عقاب، وهذه الآلاف المؤلفة التي جوعوها ما كان الله ليترك من جوعوهم هكذا بلا عقاب، وهذه الملايين التي هدموا بيوتهم وهجروهم في أصقاع الأرض يستجدون الناس المأوى واللباس والطعام أكان الله ليترك الذين شردوهم هكذا بلا عقاب، ومن باع بلده وشعبه ليبقى هو حالما للسفلة المجرمين يعيثون فيها فسادا وكفرا وتقتيلا وتدميرا ويهجِرون منها أهلها فكيف يتركه الله بلا عقاب. من يزعم أنه يؤمن بالله ثم يظن أن هؤلاء المجرمون سيفلتون من العقاب فما عرف الله وما قدر الله حق قدره والله أقسم بعزته وجلاله لينصرن المظلوم ولو بعد حين. وعزَّةِ الله وجلاله لينصرن الله المظلومين، وليهزمن الله الظالمين مهما متعهم ومهما مد لهم ولن تضيع قطرة دم أراقوها ظلما ولا دمعة طفل جلس يبكي إلى جثة أمه أو أبيه ولا لوعة أم على أبنائها ولا صرخة خائف على أطفاله ولا استغاثة محبوس تحت الأنقاض ولا حسرة امرأة أو فتات على شرفها الذي دنسه حقير خسيس ولا قطرة ماء مالح ابتلعها غريق هارب من الموت إلى الموت ولا لحظة ألم مسجون يعذبونه حتى الموت ولا بكاء طفل جائع جوعوه أي شيخ جعلوه يبكي كالطفل من الجوع ولا رجفة مشرد يعضه البرد ولا قطرة عرق تقطر منه تحت هجير الشمس بلا سقف يظله، ولا آهة عزيز النفس إذ اضروه إلى أن يمد يده للناس أو أن يلاطم بين أمواج البشر عساه يحصل على ما يسد رمقه ورمق أطفاله. واللهِ ليعاقبنَّهم على اللبنة إذ يهدمونها وعلى المسجد إذ يدمرونه أو يدنسونه وعلى الشجرة إذ يقطعونها وعلى المحصول إذ يفسدونه وعلى الممتلكات إذ يسرقونها . إنه الله يعاقب الإنسان على كلمة أيترك كل هذا الإجرام الذي اقترفوه بلا عقاب . من المحزن بل من الخسارة أن نُسقِط الله من حساباتنا إذ لا يُسقِط الله من حسابه أحدا ولا شيئا كبيرا كان أم صغيرا، فالبشرى كل البشرى للمظلومين فإن قاضيكم هو الله وميزانه العدل وأدلته علم اليقين، فإن حكم لكم في الدنيا على ظالميكم أخذتم حقكم منهم مرة واحدة، وإن حكم في الآخرة أخذتم حقكم منهم أضعافا مضاعفة وقد يكون ذلك هو مفتاحكم إلى الجنة ومفتاحهم إلى النار.