رفض مجلس العموم البريطاني، الغرفة السفلى من برلمان المملكة المتحدة، الموافقة على الصفقة بين لندن وبروكسل حول انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وصوت 432 عضوا من المجلس، في جلسة عقدت اليوم الثلاثاء، ضد المصادقة على الصفقة، فيما أيدها 202 آخرون.
وفي كلمة ألقتها بعد التصويت، أكدت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، أن “مجلس العموم قال كلمته والحكومة ستصغي إليها”، إلا أنها اعتبرت أن هذا القرار لا يظهر أي شيء حول ما يدعمه البرلمان.
وشددت ماي على أنها لا تزال مصممة على ضمان انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لكنها لا تريد الخروج من المنظمة دون اتفاق.
وأضافت ماي “أصبحت رئيسة للوزراء فورا بعد هذا الاستفتاء وأعتقد أن واجبي يكمن في ضمان تطبيق نتائجه”.
وقبل التصويت، دعت ماي نواب مجلس لعموم للموافقة على الصفقة، معتبرة أن المصادقة عليها ستعني المضي قدما في “تحقيق إرادة شعبها” الذي صوت لصالح الانسحاب من الاتحاد الأوروبي.
وقالت ماي إن هذا القرار سيكون في حال اتخاذه تاريخيا وسيؤمن مستقبل المملكة المتحدة لأجيال عديدة، مشددة على أن إجراء أي استفتاء ثان حول موضوع بريكست سيؤدي “إلى تعميق الانقسام” في بريطانيا.
واعتبرت رئيسة الوزراء أن الصفقة التي توصلت إليها لندن وبروكسل بشأن بريكست “ستعطي أساسا لإقامة علاقات اقتصادية غير مسبوقة” لبريطانيا مع الاتحاد الأوروبي.
ولفتت إلى أنه لا يوجد أي بديل للصفقة الحالية ولا خيارا آخر أمام مجلس العموم إلا التصويت لصالحها، قائلة إن الاتحاد الأوروبي لن يوافق على أي اتفاق آخر.
فيما أكد زعيم حزب العمال المعارض، جيريمي كوربين، عزم النواب عن حزبه على التصويت ضد الاتفاق الذي وصفه بـ”السيء” بالنسبة للمملكة.
وتابع أن الحل الأجدى، من وجهة رأيه، هو أن تبدأ لندن مفاوضات جديدة مع بروكسل حول شروط خروج المملكة من الاتحاد الأوروبي.
وقال كوربين “هذا ما أقوله لشركائنا المتفاوضين في الاتحاد الأوروبي: إذا صوت البرلمان ضد هذه الصفقة فحينها لا ينبغي بل ولا يمكن استبعاد إعادة بدء المفاوضات”، مضيفا: “أنا أدعو مجلس العموم للتصويت ضد هذه الصفقة”.
ولدى اختتام المناقشة، رفض أعضاء مجلس العموم، بأغلبية الأصوات، المصادقة على تعديل نص في الاتفاق يعطي بريطانيا الحق في التخلي من جانب واحد عن “الخطة البديلة” التي تم الاتفاق حولها سابقا بين لندن وبروكسل بشأن الحدود بين المملكة وجمهورية إيرلندا.
ووفقا للصفقة بشأن بريكست، فإن إيرلندا الشمالية (التي هي جزء من بريطانيا) ستبقى ضمن السوق الأوروبية الموحدة والاتحاد الجمركي الأوروبي طوال الفترة الانتقالية، دون أن تفقد بضائعها حرية الوصول إلى السوق البريطانية. ويرى معارضو هذه الفكرة أن ذلك سيقود إلى المساس بوحدة الدولة البريطانية.
ومن المخطط له أن تغادر بريطانيا الاتحاد الأوروبي يوم 29 مارس المقبل. لكن “الخطة البديلة” بشأن الحدود مع إيرلندا يمكن أن تدخل حيز التنفيذ اعتبارا من يناير العام 2021، في حال إخفاق لندن وبروكسل، بحلول هذا الموعد، بالتوصل إلى حل يجنب ظهور حدود “مشددة” بين إيرلندا الشمالية وجمهورية إيرلندا.
وتقتضي هذه الخطة بقاء الاتحاد الأوروبي وبريطانيا ضمن “نطاق جمركي موحد”. وقد يقود تطبيقها إلى ضرورة لجوء السلطات البريطانية إلى مراقبة البضائع القادمة من إيرلندا الشمالية على الحدود بينها وبين سائر أراضي المملكة، الفكرة التي سبق أن أعلن سياسيون بريطانيون كثيرون رفضهم لها.
وبعد رفض البرلمان إعطاء الضوء الأخضر للصفقة، تقف المملكة أمام خيارات عدة، من بينها “بريكست بلا اتفاق” (ما قد يجلب للمملكة، وفقا لمحللين كثيرين، عواقب “كارثية”)، وإجراء انتخابات عامة مبكرة أو تنظيم استفتاء جديد. وسيتطلب كلا الخيارين إرجاء موعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي تعترض ماي عليه بحزم.
هزيمه لماي