في الوقت الذي يمنع فيه دستور تركيا الرئيس من العمل الحزبي، فإن رجب طيب أردوغان لا يركز على شيء سوى الدفع بكل ما أوتي من قوة وراء حزب العدالة والتنمية للفوز بأغلبية تتيح له صلاحيات “سلطانية”، لكن الرياح ربما لن تأتي بما يشتهي أردوغان.

وخرق رئيس الجمهورية الدستور، وبدأ يقود حملة مفتوحة شملت عدة خطابات يومية من أجل تغيير الدستور. وكرر في خطاباته مقولة إن النظام الحالي “عقبة أمام التغيير” ويجعل من تركيا “سيارة توشك ان تتعطل بسبب فراغ خزانها” مؤكدا على “ضرورة منح الحزب الذي يدافع عن النظام الرئاسي 400 نائب”، حسبما أفادت وكالة “فرانس برس”.

ومن أجل نجاح مساعيه يحتاج أردوغان إلى فوز انتخابي كاسح، يقضي بفوز العدالة والتنمية بثلثي (367) مقاعد النواب الـ(550) بحيث يمكنه أن يقر منفردا التعديلات التشريعية التي تعزز سلطات الرئيس. وإن حصل على 330 مقعدا فيمكنه طرح المسألة في استفتاء، وإلا فلن يتمكن من تحقيق طموحاته.

 عقبات على طريق “السلطنة”

ومن أهم العقبات الكبيرة التي ربما تحول دون أن يحصل أردوغان على مراده، صعود حزب الشعوب الديمقراطية الكردي، الذي يدخل عبره الأكراد للمرة الأولى الانتخابات تحت غطاء حزبي وليس كمستقلين.

وتشير الاستطلاعات على أن فرص هذا الحزب كبيرة في الحصول على نسبة الـ10% اللازمة لدخول البرلمان، مع توقعات بأن يحصل الأكراد على 70 مقعدا، مما يعني عمليا استحالة حصول العدالة والتنمية على 330 مقعدا.

وتعطي أكثر استطلاعات الرأي تفاؤلا الحزب الحاكم ما بين 40 و42% من نوايا التصويت، في تراجع  واضح بالمقارنة بنسبة 50% التي أحرزها في الانتخابات التشريعية في 2011، مما يهدد الأكثرية المطلقة التي حققها الحزب.

ويقول المحلل السياسي التركي، جمعة علي أونال، لسكاي نيوز عربية إن الاقتصاد التركي في تدهور، حيث فقدت الليرة التركية 20 بالمائة من قيمتها خلال 6 أشهر، وأغلق العديد من المصانع وتحولت بعض الأنشطة الصناعية إلى مجال العقارات.

ويرى أونال أن الأحزاب السياسية باتت أكثر جدية في هذه الانتخابات، خاصة التحالف الثلاثي الذي يتشكل بين أحزاب الشعب الجمهوري اليساري (أكبر الأحزاب المعارضة) وحزب الحركة القومية والوافد القوي الجديد “حزب الشعب الديمقراطي الكردي.”

ويمر المجتمع التركي بمرحلة استقطاب حاد مع ارتفاع حرارة الخلافات السياسية الناجمة عن سياسة حزب العدالة والتنمية الداخلية المتمثلة في التضييق على الحريات، أو الخارجية التي تتخذ خيارات استراتيجية لا تحظى بقبول شعبي مثل دعم ميليشيات متشددة في سوريا والوقوف بشدة وراء جماعة الإخوان المسلمين في عدد من دول المنطقة.

تصدع المعبد

ويبدو أن زلزال السياسة المتوترة لأردوعان بدأ يحدث تصدعا أسفل “العدالة والتنمية”، فالحزب الحاكم لا يتكون من كتلة محافظة متجانسة، بل من تيارات متنوعه بين المحافظين الإسلاميين واليساريين والليبراليين.

وبحسب أونال، يعرف الجميع داخل الحزب أنه في الوقت الذي يقود أردوغان دفة الحزب، فإن هناك ما يمكن وصفهم بالقادة السريين الذين يحظون بشعبية داخل قطاعات مختلفة، وعلى رأسهم الرئيس السابق عبد الله غل، فرغم تركه للحزب فإن له الكثير من الأتباع.

كما يعد بولنت أرينش أحد قادة الأمر الواقع في الحزب، إضافة إلى وزير الخارجية الأسبق علي باباجان والقيادي نعمان كرتولموس.

ويرى المحلل التركي أنه في حال فشل الحزب في تأمين الأغلبية في هذه الانتخابات “فإننا سنشهد ولادة أحزاب جديدة من خاصرة هذا الحزب”.

شارك الخبر:

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *