يحاول بعض الرؤساء الأفارقة، خاصة الذين وصلوا للسلطة حديثاً تبديد الصورة التقليدية التي التصقت بأغلب رؤساء القارة السمراء، والتي اتهمتهم بتحطيم اقتصاد بلدانهم والتمتع بحياة البذخ والترف على حساب شعوبهم الفقيرة، وقام عدد من الرؤساء الأفارقة بمبادرات لتأكيد تواضعهم، وأنهم لم يطلبوا السلطة للانتفاع الشخصي بل لخدمة بلدانهم ومحاربة سوء التسيير والفساد المالي.
وأصبحت مخالفة البروتوكول والتخلي عن امتيازات الرئاسة موضة رائجة بين الرؤساء الأفارقة، وحاول بعضهم بقدر ما تسمح له السلطات السياسية انتهاج سياسة التقشف وبيع قصور وطائرات الرئاسة، وآثروا الإقامة في منازل متواضعة والابتعاد عن المظاهر الخادعة.
وإذا كانت أسباب هذه المبادرات مرتبطة بإرادة الحاكم ورغبته في الظهور كزاهد في الماديات، فإنها أيضاً مرتبطة بانخفاض المساعدات الخارجية، بسبب حنق الدول المانحة من تمسك رؤساء الدول الفقيرة بمظاهر الفخامة والبذخ واستفحال الفساد الكبير وفضائح الرشوة.
ومن بين الرؤساء الذين بادروا باتخاذ خطوات جريئة في هذا المجال الرئيس السنغالي، ماكي سال، الذي قرر اعتماد رحلات تجارية في تنقلاته للخارج، وسيلجأ إلى خدمات شركات الطيران التجارية العادية٬ ولن يستعمل الطائرة الرئاسية٬ وذلك في خطوة لترشيد النفقات في إطار سياسة تقشفية جديدة، تسعى لترشيد النفقات العامة.
وباعت مالاوي الطائرة الرئاسية الفخمة التي اشتراها الزعيم الراحل بينغو وا موثاريكا مقابل 15 مليون دولار، وذلك لتدبير سيولة للدولة الإفريقية الفقيرة.
ومنذ أن تولت جويس باندا منصب الرئيس بمالاوي وضعت بيع الطائرة الفخمة ضمن أولوياتها في إطار سعيها لإصلاح الاقتصاد، كما خفضت باندا راتبها بنسبة 30% وتعهدت ببيع 35 سيارة مرسيدس يستخدمها أفراد حكومتها، كما طبقت سلسلة من إجراءات التقشف من بينها حظر السفريات الخارجية وخفض الإنفاق.
وكان موثاريكا قد اشترى الطائرة في عام 2009 بمبلغ 22 مليون دولار، وترك اقتصاد بلاده على شفا الانهيار نتيجة خلافه مع مانحين تمثل مساعداتهم نحو 40% من ميزانية البلاد، وخفضت بريطانيا التي تعد أكبر دولة مانحة لمالاوي الدعم المقدم لهذه الدولة مباشرة بعد شراء الطائرة.
وفي دول الربيع العربي قام الرئيس المصري محمد مرسي والتونسي المنصف المرزوقي بسلسلة من الإجراءات لتقليص نفقات الرئاسة وإلغاء مظاهر السلطة الخادعة.