حذر رئيس مجلس تشخيص النظام في إيران علي أكبر هاشمي رفسنجاني من عصيان شعبي في البلاد وصفه بـ”الشر”، رداً على هندسة الانتخابات المزمع تنظيمها في نهاية فبراير الجاري.
وانتقد رفسنجاني الذي كان يتحدث بمناسبة عودة المرشد الأول لـ”الجمهورية الإسلامية الإيرانية” آية الله خميني في عام1979 من منفاه في باريس إلى إيران واستلام السلطة فيها، انتقد بشدة رجال الدين في مجلس صيانة الدستور بسبب رفضهم أهلية حسن خميني حفيد مؤسس النظام للمشاركة في انتخابات مجلس خبراء القيادة.
واتهم رفسنجاني هؤلاء بالذين “يبثون الفرقة في إيران منذ 12 عاماً في حين لم يكن للبعض منهم أي دور في الثورة”.
وفي إشارة إلى رفض أهلية حسن خميني قال: “نحن جميعا مديونون للإمام (خميني) ولأسرة الإمام (خميني) إلا أن المدينين لم يقدموا هدية جيدة لبيت الإمام (خميني)”.
وأضاف رفسنجاني في كلمة له ألقاها في مراسم أقيمت اليوم الاثنين في مطار مهرآباد بالعاصمة طهران مخاطبا مجلس صيانة الدستور المعين من قبل المرشد الحالي علي خامنئي قائلا: “إنهم يرفضون أهلية من هو أشبه بجده الإمام الخميني، من أين حصلتم أنتم على الأهلية؟”.
وحسب المراقبين للشأن الإيراني، فإن تصريحات رفسنجاني هذه موجهة في واقع الأمر للمرشد الأعلى علي خامنئي، حيث هو الذي يمنح الأهلية لأعضاء مجلس صيانة الدستور ولم يتدخل لصالح تأييد أهلية حسن خميني حفيد المرشد الأول وهذا ما أشار إليه رفسنجاني. ولوح أيضا عندما قال: “ينبغي أن تسمحوا للناس أن يختاروا من يريدون، فأنا لا أملك أي سلطة لأضغط بغية إعادة النظر في رفض أهلية المرشحين”.
مجلس صيانة الدستور أعلى هيئة تحكيم
ولمعرفة العملية الانتخابية المعقدة في إيران، والتي يرى الكثير من الخبراء أنها التفاف على الديمقراطية لصالح سلطات الولي الفقيه المطلقة، فيجب أن يعرف أولا صلاحيات مجلس صيانة الدستور، وأنه أعلى هيئة تحكيم في إيران، ويشرف على عمل مجلس الشورى وينبغي أن يوافق على كافة القوانين التي يشرعها مجلس الشورى.
ومن صلاحياته تأييد أهلية المرشحين للانتخابات الرئاسية والتشريعية، إضافة إلى انتخابات مجلس خبراء القيادة الذي ينتخب المرشد ويشرف على عمله، في حين يعين المرشد نفسه الفقهاء الأصليين الستة من أعضاء هذا المجلس المكون من 12 عضوا.
ويرشح رئيس السلطة القضائية المعين من قبل المرشد بقية الأعضاء الستة من بين المحامين ذوي الخبرة، ويتم التصويت عليهم في مجلس الشورى الذين حصلوا على أهليتهم من قبل مجلس صيانة الدستور.
وتؤكد هذه العلاقة المعقدة تحكم المرشد الأعلى بشكل مباشر وغير مباشر بالعملية الانتخابية الرئاسية والتشريعية وحتى مجلس خبراء القيادة المختص باختيار المرشد.
الشر القادم.. الله يسامحكم
بما أن رفسنجاني كان قد شجع حسن خميني القريب من الإصلاحيين والمعتدلين على الترشح لعضوية مجلس خبراء القيادة، وتم رفض أهليته من قبل مجلس صيانة الدستور، فقد خاطب رجال الدين من أعضاء المجلس قائلا:” لولا الإمام (خميني) ونهضة الإمام والإرادة الشعبية لا وجود لأي من هؤلاء الذين قدموا هدية سيئة للإمام (برفضهم أهلية حفيده)… الله يسامحكم ويصفح عنكم”.
هذا وحذر رفسنجاني المتشددين في السلطة، كما حذرهم قبيل الانتخابات الرئاسية لعام 2009 التي شهدت احتجاجات واسعة على نتائجها فقال: “دعوا الناس ينتخبون، أخطاء الرأي العام هي أقل، فإذا أخطأ يصحح الأمر ذاتيا، ولكن لو فرضت الانتخابات الناس سيأتي الشر أو ما شابه ذلك” في إشارة ملوحة إلى العصيان الشعبي أو ثورة جماهيرية محتملة.
وانتقد رفسنجاني رجال دين لم يشاركوا في الثورة ضد الشاه واليوم يحتلون مواقع قيادية في البلاد بسبب تأييد المرشد الأعلى الحالي لهم فقال: “خلال الـ12 سنة الماضية أصابتنا الفرقة بشكل سيئ وثمة رجال دين لم يكن لهم دور في الثورة وراء هذه الفرقة، ما أدى إلى نشوب الخلافات، وواجهنا حينها مرحلة صعبة، حيث فرضت علينا العزلة والعقوبات في الوقت الذي كانت أسعار النفط بأعلى مستوياتها، وتم استخراجه من الأرض ولم نعرف إلى أين ذهب”.