كان يوم السبت عصيبا على فرنسا، ولا سيما العاصمة باريس التي تحولت شوارعها الرئيسية إلى ساحة حرب بين محتجي حركة ” السترات الصفراء” وقوات الأمن، مما أدى إلى سقوط جرحى من الطرفين، فضلا عن اعتقال المئات، وإلحاق خسائر فادحة في الممتلكات العامة والخاصة.
وأعلن وزير الداخلية الفرنسي، كريستوف كاستنير، في مؤتمر صحفي عقده السبت، توقيف 1385 شخصا خلال الاحتجاجات، مشيرا إلى تسجيل 118 إصابة بين المحتجين، و37 في صفوف قوات الأمن.
ودعا رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب، لإجراء حوار جديد مع ممثلي حركة “السترات الصفراء” متعهدا أن تعالج الحكومة المخاوف بخصوص ارتفاع تكاليف المعيشة.
وقال فيليب في بيان متلفز إن “الحوار بدأ ويجب أن يتواصل”، مؤكدا أن “الرئيس سيتحدث وسيقدم إجراءات ستغذي هذا الحوار”، وفق ما نقلت فرانس برس.
واشتعلت المواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن التي أطلقت قنابل الغاز المسيّل للدموع، فيما عمد المتظاهرون إلى رشق القوات الأمنية بالحجارة التي اقتلعوها من أرضية الشوارع.
وأظهرت مقاطع فيديو استعانة قوات الأمن بأسلحة أخرى، مثل خراطيم المياه والرصاص المطاطي والهراوات في مناطق عدة من باريس.
مطلب إقالة ماكرون
واندلعت احتجاجات “السترات الصفراء”، في نوفمبر الماضي إثر قرار رفع أسعار الوقود الذي تراجعت عنه حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون، لكن المتظاهرين رفعوا سقف مطالبهم، وهتفوا بإقالة ماكرون الذي حملوه مسؤولية تردي أوضاعهم المعيشية.
أعمال شغب
وكانت مواجهات السبت أقل عنفا حتى منصف النهار مقارنة بالفترة ذاتها خلال الأسبوع الماضي، لكن مع حلول ساعات المساء تغير المشهد مع انتشار من يوصفون بـ” المخربين” بين صفوف المتظاهرين، والذين قاموا بإحراق وتدمير عدد من المركبات في شوارع باريس، ولا سيما الشانزليزيه.
وغطيت العديد من المتاجر بألواح لحمايتها من النهب، كما حدث في السبت الماضي، لكن بعض المتظاهرين أزالوا هذه الألواح واستخدموها في مواجهة قوات الأمن، قبل أن يعمد بعضهم إلى تحطيم واجهات تلك المتاجر.
وتركزت المواجهات في بداية اليوم “الناري” بشارع الشانزليزيه وقرب القصر الرئاسي، الذي حاول المتظاهرون الزحف نحوه، لكن قوات الأمن منعتهم من ذلك، لتتحول في وقت لاحق إلى معارك كر وفر بين الطرفين. ومع حلول المساء تجمع الآلاف من المتظاهرين في ساحة الجمهورية قبل أن يغادروها.
اعتقالات بالجملة
وتحدثت أرقام سابقة السبت، عن إدخال نحو 500 معتقل من المتظاهرين إلى الحبس الاحتياطي، مما يعني أنهم سيعرضون على الادعاء العام وسيقدمون للمحاكمة.
واستبقت قوات الأمن الفرنسية التظاهرات باعتقال أكثر من 300 شخص في باريس.
ولجأت الشرطة إلى الاعتماد على رجال أمن بزي مدني، وذلك لاعتقال المتظاهرين، كما نشرت قوات معززة بمدرعات، تظهر للمرة الأولى في العاصمة الفرنسية منذ عام 2005، ووصل عدد المدرعات المنشورة إلى 14 في العاصمة الفرنسية.
مظاهرات بمناطق أخرى
وأشار نائب وزير الداخلية الفرنسي، لوران نونيز، إلى أن نحو 31 ألف شخص شاركوا في تظاهرات حركة “السترات الصفراء” في أنحاء فرنسا، وفق “فرانس برس”.
وأظهرت لقطات فيديو مواجهات عنيفة بين قوات الأمن والمتظاهرين في مدن أخرى مثل مرسيليا وبوردو.