(رويترز) – يعلن حلف شمال الاطلسي الاسبوع الجاري إنجاز مهمته في أفغانستان مع انتهاء العمليات العسكرية التي استمرت أكثر من عقد ولكن القوات سترحل بينما تعاني البلاد من أزمة سياسية وتمرد تشتد شوكته وتباطؤ اقتصادي حاد.
ويأمل حلف شمال الاطلسي ان تكون قمته في ويلز يومي الخميس والجمعة بداية لعملية انتقال سلس لمسؤوليات الأمن من قوة المعاونة الامنية الدولية إلى القوات الافغانية بحلول نهاية العام.
وتعتزم قوات التحالف حينئذ تقليص دورها ليقتصر على مهام تدريب القوات الافغانية وتقديم الاستشارات لها.
وكان الحلف المؤلف من 28 دولة يأمل ايضا ان يحتفل باول انتقال ديمقراطي للسلطة في أفغانستان بدعوة الرئيس الجديد ليقف في دائرة الضوء مع الرئيس الامريكي بارك اوباما وروساء 27 دولة اخرى عضو في الحلف.
غير أن ممثلي الدول الاعضاء في الحلف يقرون في احاديثهم الخاصة بان القمة تعقد في أسوأ أوضاع تشهدها أفغانستان.
فقد افرز الخلاف على نتائج الانتخابات التي شابتها مزاعم تزوير فراغا سياسيا ما يلقي بدوره بظلال من الشك على وجود سند قانوني لبقاء اي قوات في افغانستان بعد نهاية العام الحالي.
واحتار ممثلو الدول الاعضاء طيلة أسابيع في تحديد من سيمثل افغانستان خلال القمة. ونظرا لعدم اعلان اسم الرئيس الجديد وغياب الرئيس المنتهية ولايته حامد كرزاي سيمثل وزير الدفاع بسم الله محمدي بلاده.
وقال مسؤول امريكي إن ايفاد ممثل أقل شأنا وليس الرئيس الجديد سيضعف قدرة افغانستان على طلب مساعدات مالية غربية في المستقبل.
* الأمن
وفي مؤتمر صحفي في بروكسل يوم الإثنين حاول الامين العام لحلف شمال الاطلسي اندرس فو راسموسن أن يبدو واثقا وأعلن أن الحلف أنجز مهمته في افغانستان.
وقال “انجزنا ما ذهبنا من اجله. حرمنا ارهابيين دوليين من ملاذ امن. شكلنا قوات أمن افغانية قوية مؤلفة من 350 ألف جندي ورجل شرطة. بفضل ذلك تنعم بلادنا بمزيد من الأمان وأضحت افغانستان أقوى.”
ويقول بعض المحللين أن الحلف فشل في هدفه الرئيسى وهو اقرار الامن في البلاد رغم الخسائر الفادحة وانفاق مبالغ طائلة في افغانستان.
وقال جريام سميث كبير محللى مجموعة الازمات الدولية في كابول ان الوضع الامني في افغانستان تدهور تدهورا كبيرا وملحوظا تحت اعين حلف شمال الاطلسي.
كما وجهت انتقادات للحلف بسبب مقتل مدنيين في غارات جوية أو عمليات ليلية.
غير أن سكان كابول يخشون أن يقود رحيل القوات الاجنبية لتفاقم العنف او عودة طالبان التي اطاح بها الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2001.
وقال سيد نجيب الله هاشمي صاحب فندق في كابول “نحتاج القوات الاجنبية في بلدنا لسنوات اخرى. تحسن الوضع كثيرا منذ قدومها لافغانستان. نحتاجها لفترة اطول لان افغانستان لم تقف على قدميها بعد. رحيلها يعني بداية حرب اهلية ونزوح اخرين وانهيار الاقتصاد.”
وقال محمد رابح (27 عاما) الطالب في جامعة باختر في كابول إن المهمة التي قادها الحلف كانت ناجحة في البداية لكنها أخفقت في نهاية المطاف بسبب عدم وجود خطة والخلافات بين المسؤولين الافغان والامريكيين.
وقال “اذا رحلت القوات الدولية ستتحول البلاد إلى معقل لطالبان وامراء الحرب ولن تدفع افغانستان الثمن وحدها بل العالم بأسره.”
وقال الضابط آصف بروماند الذي يدير مستشفى عسكرى في اقليم بكتيا لرويترز الشهر الماضي ان من السابق لاوانه نقل المسؤوليات الامنية للقوات الافغانية وتابع “الجيش الافغاني غير جاهز من جميع الجوانب.”
* تغيير الأساليب
تدخلت الولايات المتحدة في أفغانستان للقضاء على ملاذ تنظيم القاعدة بعد هجمات 11 سبتمبر أيلول 2001. وتولى حلف شمال الأطلسي دور حفظ السلام في كابول عام 2003 وأخذ دوره يتسع تدريجيا في مختلف أنحاء البلاد.
وقتل 16 ألف مدني على الأقل وقرابة 3500 جندي أجنبي وآلاف الجنود الأفغان خلال الثلاثة عشر عاما المنصرمة. وقالت الأمم المتحدة إن عدد القتلى والمصابين المدنيين في الشهور الستة الأولى من العام الحالي ارتفع بنسبة 24 في المئة مقارنة بعددهم خلال نفس الفترة العام الماضي.
وتقود قوة المعاونة الأمنية الدولية (ايساف) التابعة لحلف شمال الأطلسي حاليا نحو 44 ألف جندي من 48 دولة بعضها من خارج الحلف.
وردت حركة طالبان التي طردتها القوات الأمريكية بشن هجمات وما زالت تمثل تهديدا كبيرا الآن بعد أن تولى الجنود الأفغان مسؤولية الأمن.
وبعد زوال خطر الغطاء الجوي الأمريكي يهاجم مقاتلو طالبان المواقع العسكرية الأفغانية بأعداد كبيرة بهدف الاستيلاء على أراض فيما يمثل تحولا عن أسلوب الكر والفر مع حصول الحركة على مسلحين ومتفجرات وانتحاريين.
وكان جنرال أمريكي قد قتل الشهر الماضي وأصيب أكثر من 12 شخصا بينهم جنرال ألماني في هجوم شنه جندي أفغاني.
وقال سميث إن أفغانستان شهدت تحسنا في قطاعات الصحة والتعليم والاقتصاد منذ التدخل الذي قادته الولايات المتحدة “لكن المشكلة تكمن في أنه إذا كان لديك عيادة في موقع ناء تسيطر عليه طالبان فلن يكون هذا تحسنا دائما.”
وهناك مخاوف أيضا من التأثير الاقتصادي لرحيل القوات الأجنبية.
وذكر تقرير للبنك الدولي في ابريل نيسان أن النمو الاقتصادي لأفغانستان تراجع من 14.4 في المئة في 2012 إلى ما يقدر بنحو 3.6 في المئة عام 2013 بسبب ضعف ثقة المستهلكين والمستثمرين مع تأهب البلاد للانتقال السياسي والأمني.
وقالت جماعة مراقبة أمريكية في مايو أيار إن الولايات المتحدة أنفقت وحدها 103 مليارات دولار على اعادة اعمار كل شيء من المستشفيات إلى قوات الأمن في أفغانستان لكن الموارد المالية المتواضعة لكابول تجعل صيانة المشروعات في المستقبل أمرا غير مرجح.
ويثير الجمود بشأن انتخابات الرئاسة تساؤلات عن قدرة حلف شمال الأطلسي على المضي في خططه للإبقاء على بعثة تدريبية واستشارية أصغر في أفغانستان بعد نهاية العام.
ويقول مسؤولون أمريكيون وآخرون في الحلف إنه لا يمكن بقاء أي قوات أجنبية ما لم توقع الحكومة الأفغانية اتفاقين يتضمنان الأساس القانوني لبقاء القوات.
ورفض كرزاي توقيع الاتفاقين. ويقول مرشحا الرئاسة في أفغانستان أشرف عبد الغني وعبد الله عبد الله إنهما سيوقعان. لكن إذا طال أمد الجمود الانتخابي أكثر فإن مسؤولي حلف شمال الأطلسي يقولون إنهم قد يضطرون لاتخاذ قرار بسحب كل قوات الحلف بحلول نهاية العام.
وفي الأسبوع الحالي قال دبلوماسي كبير في الحلف طلب عدم نشر اسمه إن قرار الانسحاب الكامل يجب أن يتخذ بعد نحو شهر من القمة إذا ظلت الوثائق القانونية بدون توقيع لأن الحلف بحاجة إلى وقت لاغلاق باقي قواعده في أفغانستان.
وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما إن بلاده تعتزم الابقاء على 9800 جندي في أفغانستان العام المقبل. وقال المخططون العسكريون في حلف شمال الأطلسي إنهم يبحثون جمع نحو أربعة آلاف جندي من دول أخرى في الحلف وشركاء له لكن يوجد تردد في ارسال قوات دون وجود ضمانة قانونية.