الجنرال “يانصيب” احتل أميركا، وأينما تتنقل في وسائلها الإعلامية تجد خبرا أصبح رئيسيا فيها عن جائزة “لوتو” لم يربحها أحد منذ 3 أبريل/نيسان الماضي حتى اليوم، لذلك تضخمت وأصبحت 600 مليون دولار، والهوس على شراء تذاكرها الذي ينتهي 9 ليل السبت بتوقيت الشرق الأميركي، أي فجر الأحد عربيا، يجتاح أميركا إلى درجة أن 143 ألف استمارة يتم بيعها بالدقيقة في 44 ولاية، ومن بعدها ستسقط 6 كرات في الليلة نفسها لتحدد من ستحل النعمة أم النقمة عليه، فليس سهلا أن يهبط عليك أكثر من نصف مليار دولار مرة واحدة.
إنها جائزة “باوربول” المدغدغة للخيالات، وهي بدأت بقيمة 40 مليون دولار حين جرى السحب عليها في 44 ولاية مشاركة فيها يوم 3 أبريل الماضي، ولم يربحها أحد، فأضافوا المراهنات الجديدة عليها يوم السبت الذي تلاه، ولم يربحها أحد أيضا، واستمرت لا يربحها أحد في كل أربعاء وسبت من كل أسبوع، إلى أن أصبحت الأربعاء الماضي 230 مليونا، وعندها راح هوس اليانصيب يجتاح البلاد وشعبها الذي مضى إلى صفوف طويلة ينتظر أفراده دورهم لشراء ولو تذكرة ليكون بإمكان الواحد منهم أن ينسج أحلامه.
الجائزة التي تضاف إليها المراهنات الجديدة في كل مرة تخلو من رابح، تراكمت وسيطرت على عقول الأميركيين، وإن لم يربحها أحد هذه المرة أيضا “فستصل الى 925 مليون دولار الأربعاء المقبل” طبقا لما ذكرته كيلي كرايب، مديرة التسويق بيانصيب ولاية تكساس، لذلك نسمع المذيع كارتر ايفانز، في نهاية الفيديو الذي تعرضه “العربية.نت” نقلا عن “أس.بي.سي” الأميركية، يذكر ما هو وارد في موقع الهيئة المنظمة لجائزة “باوربول” على الإنترنت، من أن نسبة ربحها هي واحد من 175 مليون و223 ألفا و510 وحدة مئوية، فيقول: “الأسهل أن تصبح رئيسا للولايات المتحدة” على أن تربح الجائزة، وفق تعبيره.
مليونان و500 ألف شهرياً طوال 20 سنة
واللعبة سهلة، حيث المشارك يختار 5 أرقام في استمارة من 1 إلى 59 ومعها يختار رقما سادسا من 1 إلى 39 ثم يبدأ السحب بكرات مرقمة يضعونها في كرة أكبر، ومنها تتساقط 6 كرات أوتوماتيكا على مرأى من الملايين عبر الشاشات التلفزيونية، ومن تكن أرقامه التي اختارها مصادفة لأرقام الكرات التي سقطت يربح الجائزة بمفرده، أو مع آخر أو أكثر قام باختيار الأرقام نفسها.
من يحالفه الحظ الأكبر بربح الجائزة التي بدأوا بتنظيمها منذ 21 سنة في الولايات المتحدة، وهي قد تزيد على 600 مليون دولار فيما لو كان الاقبال على شراء التذاكر أكثر طوال اليوم الأخير، أي السبت، يمكنه أن يختار بين تسلمها نقدا بقيمة 377 مليون دولار، أو 600 مليونا بالتقسيط طوال 20 سنة، أي مليونين و500 ألف شهريا، علما بأنها تمتد إلى ورثته فيما لو فارق الحياة.
والجائزة الحالية هي الثانية لجهة القيمة، ففي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي ارتفعت “باوربول” بعد 16 عملية سحب لم يربحها خلالها أحد إلى 587 مليونا و500 ألف دولار، واقتسمها أميركيان، وقبلهما في 30 مارس/آذار 2012 ربح 3 أميركيين أكبر “باوربول” حتى الآن، وكانت بقيمة 656 مليون دولار، طبقا لما راجعته “العربية.نت” من جدول عن الرابحين الكبار.
إكرامية حولت حلم المقامر العنيد إلى كابوس
هوس الأميركيين بالجائزة الحالية أكده إقبالهم الكبير على شراء “تذاكر الأحلام” فشهدت محلات بيعها في ناطحة سحاب “امباير ستيت” بنيويورك وحدها شراء 600 ألف استمارة بالساعة، بثمن دولارين للواحدة، أي أن عائدات من يربحها بتذكرة واحد وبمفرده، ستكون 300 مليون % في يوم واحد، وهذه أكبر نسبة ربح استثماري في التاريخ.
وليس كل من يربح باليانصيب محظوظا كما يظن، فهناك كوارث حدثت منذ اخترعوه، وكم عائلة تمزقت ودب الخلاف مع الأخوة والأصدقاء والجيران وزملاء العمل بسبب الهبوط السريع للثروة على من ليس معتادا عليها، وكما أن الحظ لا يأتي بشراء أكبر عدد من التذاكر، ويؤكدون ذلك بقصة قصيرة من الأروع عن مقامر كان يسعى وراء الجائزة دائما ولا يربح، إلى أن قرر الفوز بها عنوة.
اشترى في إحدى المرات جميع تذاكر اليانصيب من الدائرة ودفع الملايين، فأرسلوها بالشاحنات اليه، وراح يعطي دولارين “اكرامية” لكل سائق شاحنة نقلها الى مخزنه في المدينة، حتى لم يعد في جيبه ولا دولار واحد.. جاءه آخر سائق محمّلا بآخر كمية من الأوراق اليه، فشعر بحرج، وقال له: “هل تقبل أن أعطيك ورقة؟ لأنه لم يبق في جيبي شيء” فقبل السائق على مضض، والنتيجة صدمة هائلة لا تخفى على الإنسان الفطن.