“افتحوا الباب”، عبارة سبقت هول الكارثة التي عاشتها عائلة الجباعي الاربعاء الماضي في بلدة الشبكي في ريف #السويداء الشرقي، حين أمطر عناصر #داعش المكان بالرصاص وقضوا على أم وابنتيها لتبقى الفتاة الكبرى حنين شاهدة على وحشية التنظيم.
“كانوا كالوحوش، لا يشبهون البشر في اشكالهم وتصرفاتهم، أطلقوا لحاهم، لباسهم يوحي أنهم من اقدم العصور، بدأوا التكبير، والقتل بلا رحمة، اردوا امي شهيدة في اول خطوة من دخولهم المنزل ومن ثم جاء الدور على شقيقتي، اما انا فاستطعت ان انجو بعدما رميت بنفسي في خزان المياه الارضي”، بهذه الكلمات بدأت الناجية حنين حديثها قبل ان تشرح تفاصيل يوم الاربعاء الماضي الدموي على اهل السويداء.
هجوم “الوحوش”
كانت ابنة السابعة عشرة نائمة عندما استيقظت مع والدتها وشقيقتيها راما وروان فجراً على أزيز الرصاص، حاولن معرفة ما يدور في الخارج من خلال الاتصال بالجيران الذين طلبوا منهن البقاء في المنزل حتى تتضح الامور، سارعت الوالدة الى الباب لمنع اي غريب من الدخول، لكن كما قالت حنين “الوحوش فتحوه بالرصاص قبل أن يدخلوا ويردوها قتيلة، ويسارعوا لخطفي مع شقيقتي الصغيرتين، امسكت بيدهما، حاولت ان اقفز معهما في الخزان الكائن داخل المنزل، لكن يا للاسف تمكّن الارهابيون من انتزاعهما مني، فسارعت والقيت بنفسي، لأسمع صراخهما قبل ان يخفت صوتهما بعد اطلاق نار”.
قرار الانتحار
نحو خمس ساعات امضتها حنين داخل خزان المياه، لتخرج بعدها وترى ما لا يمكن للجبال تحمّله، والدتها وشقيقتاها غارقات بالدماء، عندها كما قالت: “قررت الانتحار، فالموت أفضل بكثير، تناولت كمية من حبوب الادوية العائدة لوالدتي، فضلت الموت على الوقوع اسيرة في يد الارهابيين، ومن بعدها اختبأت داخل كنبة قديمة منتظرة مصيري”.
“عند الساعة السابعة مساء هدأت الاوضاع في البلدة، انسحب “داعش” بعدما عاث في الارض فساداً، قتل وخطف ما استطاع، بدأ الشبان بتمشيط المنطقة، عثروا على حنين” كما قال عمها اسماعيل لـ”النهار”، مضيفاً: “سارعوا بها الى المستشفى، اتصلوا واخبروني بالكارثة، اذ اعيش مع عائلتي في المدينة، توجهت للاطمئنان إليها لكون والدها متوفى قبل 9 سنوات، وبعد ان تلقت العلاج، اصطحبتها للعيش معنا، ووضعها اليوم أفضل”.
“خسرت بلدة الشبكي نحو 67 شهيداً عدا عن الجرحى، والنساء المخطوفات والاطفال الذين وصل عددهم الى نحو 32 شخصاً”، قال اسماعيل، مشيراً إلى أن “خسائرنا الكبيرة سببها ان هجوم التنظيم بدأ على بلدتنا أولاً وبلدتي الشريحي ورامي، الآن ننتظر الافراج عن المخطوفين على الرغم من شروط داعش التعجيزية”.
أجبرت حنين كما مئات الاشخاص في السويداء على لعب دور البطلة في فيلم رعب على ارض الواقع… افقدها السيناريو الدموي عائلتها لتبقى وحيدة تصارع الحياة مع ذكريات مريرة سترافقها طوال العمر… لم ترتكب حنين ذنباً لتحمل كل تلك المآسي، الا أنها وُجدت في زمن تسرح فيه “الوحوش” وتتنقل بين الدول والبلدات على مرآى من العالم أجمع من دون أن يتخذ قراراً جديّاً بالقضاء عليها!