فى كل يوم , وفى كل صباح , لا تفارقنى السيجارة فأتذكر والدى المدخن , وانا مثلة بالتسلسل .
أتذكر حوار دار بينى وبينة , عندما دعوتة بألاقلاع عن التدخين , ومخاطرة على الصحة , بل بدأت ارجوة بأن يستجيب لدعوتى فى التوقف نهائياً عن التدخين . وأصبح هذا التوسل شاغلى .
فقال لى : انا عربى مصرى , ولدت هنا , وأقيم هنا , وأشاهد كل يوم ما يجرى , فهل تعتقد أن التدخين سيقتلنى ؟ ..
فى صغرى عاصرت ما هو أفظع من التدخين من أحتلال القدس الى النكسة الى أنتصار أكتوبر .
فى كل مرة كانت نهايتى محتدمة , كنت أغضب واثور وانا أرى انتهاك اليهود للقدس ,.
وفى كل مرة أغضب فيها , لا اسمع آلا شعارات تتكرر ببلادة من سنة الى سنة .
كان التغيير الوحيد فى اسامى رؤساء ألاسرائيليين , ولكن دائماً يبقى النهج ألاستعمارى .
وأتذكر هتاف الاف الفلسطينين بدايتاً من : الموت ل بيريز ورابين , وتلاها , شامير ! وشارون .
كان ايمانى بنصر الفلسطينيين يقل شيئاً فشيئاً , فيموت بداخلى الحماسة والهتاف من شهوة النصر الى الموت
كزلة لسانى يوماً ( النصر او الموت ) فأصبح الموت بالنسبة لكثيرين شيئاً مالوفاً , ولكن النصر ما زال يرافق مخيلتى وأحلامى ولكنى أعجز عن أدراكة , ولكن يبقى ألاهم وطنى (مصر) فلم أعد اعرف معالمه .
فنحن نحتضر ببطء , لعل الموت تأخر فى اصابتى لتطول المنازعة ألاخير .
ونحن جميعاً بعيداً عن القدس وما زالت الارجيلة (الشيشة) فى فمى , فذاكرتى يا بنى عبارات اقرئها قبل سنوات .
لا اعلم من أبطالها ربما أهارون , او ربما بنيامين , لكنى أنسى السياق الذى وردت فيه أسمائهم .
لكنى اشير اليهم كأستعارة تشير الى الانفصال عن صديق أو قريب . كصورة ذبح الدجاجة .
فتتمنى للذابح ان يستخدم نصلا قاطعاً بدلا من سكين حاد ( خوفاً من أن تقف الروح فى الحنجرة ) .
ولكنه لا ينصت فتبقى الروح معلقة فى الحنجرة , ويمضى الجسد من حرب الى أخرى , من ثورة الى أخرى ,
من جيل الى جيل , بينما يبقى حال الاسرائيليين الذين جاءوا الى هذه الارض لتتبنى خطر العرب عنهم ,
فيبقى المثقفون بسؤالهم . هل يعترف الفلسطينييون بحق دولة اليهود فى الوجود ؟ وهل يروا فرقاً بين 1948
وبين 1967 ؟ …!!!
الجسد يا ولدى ينقبض وينقبض , ويبقى الساهرون وقت احتضارة يتسائلون من هم اقل خطراً على اليهود :
دولة ثنائية القومية أم التقسيم أم الترحيل ام الضم .
فأبقى فى أنتظار نقاشات الديمقراطية , لأصعق عندما سمعت بأن الاولوية هى حماية اليهود , وتسليح كل مدنى , والقاء العرب فى السجون . والويل كل الويل لمن يتابع طعنات السكين فى القدس بنظرة ايجابية , وويل لمن يدلى بحديث او بأشارة عن فرحة أو تأييدة لكل مناضل فلسطينى من جهة وبين قتل أطفال فلسطينيين من جهة أخرى .
ولكن الويل ألاعظم فى جيل لم يورث لآبنائة غير ارث الهزيمة والاحباط وغريزة الانتقام والكراهية .
فكل عربى مشتبة به وتبقى الشبهة فى محلها . وفى كل ألاحول يتبادر السؤال لماذا يصمت العرب .
فأنا أحترت فى التمييز بينهم , واتمنى أن يحمل العربى شارة ( انا عربى ) لتميزهم عن اليهود ,
فأنا لا ألمح الى شبهة بين ما أدعية وبين نجمة داوود التى فرضت على اليهود بحمل شارتها فى العصر النازي .
ولكنى أبحث عن وسائل معقولة لحماية الفلسطينيين .
اننا نحتضر بأسلوب وميتة فظيعة !
أقتلونا أو اجعلونا كالجميع سواسية , أطلقوا فى صدورنا الرصاص أو اسمحوا لنا بالوجود .
لا تتركونا ولا تتركوا أمالنا , نحتضر احتضار بطيئاً , فهذا عذاب ونزع فظيع لا نستطيع تحمله .
فأنتم قررتم الوقوف والمسدس فى ايديكم امام جسد مدمى من زمن طويل وتصرخون فينا ..
موتوا يا أولاد ……… !!