كتب راجح الخوري في النهار:
ينسى رجب طيب اردوغان ان صناديق الاقتراع التي منحته الفوز ثلاث مرات متتالية وكرسته زعيماً كاد ان يعكس ظل كمال اتاتورك لكن بنسخة اسلامية معاكسة للعلمانية يمكنها ايضاً ان تحمل له الهزيمة، وخصوصاً ان نسبة الذين صوتوا ضد “حزب العدالة والتنمية” في الانتخابات الاخيرة كانوا 50 في المئة تقريباً.
يبدو ان الغرور الذي طالما حذر اردوغان ابناءه منه قائلاً لهم: “كونوا متواضعين”، قد اصابه لا بل اعمى بصيرته الى درجة انه وقف متحدياً حشود المتظاهرين الذين فاضت بهم “ساحة تقسيم”، ومكرراً وصفهم بـ”الرعاع والمخربين”، داعياً الى تلقينهم درساً في الانتخابات البلدية المقبلة ومتناسياً ان كثيرين من الذين سبق لهم ان صوتوا له يرفعون الآن الهتافات ضده مؤكدين في بيان جديد انهم لن يتراجعوا و”الانتفاضة مستمرة حتى تحقيق المطالب”.
واذا كانت “الاتاتوركية” تملك جذوراً في المجتمع التركي اعمق واقوى بكثير من جذور تلك الاشجار التي سببت الازمة في “ساحة تقسيم”، فان اردوغان يغامر عندما يختار اسلوب التسلط والفوقية، ولا يتوانى عن الانزلاق الى صدام مع ما يسمى”الدولة العميقة” في تركيا وما لها من ارث، حيث بدا متناقضاً مع رفاقه في “حزب العدالة والتنمية”، والدليل انه يرفع التحدي ويطلق الاهانات في وجه المتظاهرين، بعدما كان عبدالله غول قد حاول تهدئتهم بالقول”لقد وصلت رسالتكم واننا نفهمكم”، وبعدما كان رئيس بلدية العاصمة ابدى استعداده لإعادة النظر في مشروع تعديل “ساحة تقسيم”.
كانت صورة “الاردوغانية” قد مثّلت في البداية نموذجاً مريحاً يمكن ان يحتذى في عالم عربي متغيّر، أي النموذج الديموقراطي الاسلامي المنفتح الحليق الذقن والذي يضع رباط العنق ويشارك في نقاشات دافوس، لكن الممارسات التي طبّقها “حزب العدالة والتنمية” تمادت في اقتلاع انماط الحياة في المجتمع التركي قبل التمادي في اقتلاع الاشجار، وليس خافياً ان ما يجري الآن ليس تدخلاً خارجياً لكنه ردة فعل طبيعية على كل محاولات اردوغان نقل تركيا من خانة الدولة العلمانية الوطنية وما تعطيه للمواطن من مكتسبات وحريات، الى خانة الدولة الإتنية المذهبية، التي لا تتوانى مثلاً عن سجن شاب وفتاة متحابين ضبطا يتبادلان القبلات وعن منع الخمر وعن تحديد عدد الاولاد للأسرة الواحدة.
ما لا يتوقف عنده اردوغان ورفاقه في “حزب العدالة والتنمية” هو انه ليس من الممكن وضع الديموقراطية بمفهومها العلماني المنفتح، في قوالب عدالة انغلاقية يرى “الاخوان المسلمون” انها عادلة لمجرد ان صناديق الاقتراع قالت كلمتها كما يجري في مصر مثلاً، وفي كل الاحوال هذه الصناديق ستحمل حتماً صفعة كبيرة الى أردوغان فنصف الشعب التركي اضافة الى “الرعاع الجدد” سيقولون له لا!
كانت صورة “الاردوغانية” قد مثّلت في البداية نموذجاً مريحاً يمكن ان يحتذى في عالم عربي متغيّر،
<<<<<<<
هههههههه
اخيرا بدأ وجه أردوغان يظهر الخبيث الذي طالما تظاهر بدعم الدين و هو عكس ذلك
مقال جيّد
نتمنى رؤية مقالات هادفة كهاته