كتب راجح الخوري في النهار اللبنانية:
في اي عالم يعيش الاخضر الابرهيمي عندما تعلن اوساطه “ان المشكلة اللوجستية هي الوحيدة التي تواجه “جنيف – 2”. هذه “اللوجستية” الغريبة فعلاً، هي ان الموعد المحدد للمؤتمر في 22 كانون الثاني، يصادف افتتاح المعرض السويسري الدولي للساعات، بما يجعل ايجاد امكنة في الفنادق للوفود المشاركة في المؤتمر مستحيلاً، تماماً كاستحالة مهمة الابرهيمي!
قالت اوساط الابرهيمي لمندوب “النهار”، ان التصريحات المتناقضة بين طرفي الصراع والتهديدات بمقاطعة المؤتمر “طبيعية وهدفها اعلامي”، لهذا لا ابالغ اذا قلت ان الابرهيمي وبان كي – مون ايضاً، يعيشان في عالم من الخيال الافتراضي، وخصوصاً انهما يرفضان تعديل موعد المؤتمر وان كانا ينظران في اقتراح قدمته الحكومة السويسرية لنقل المؤتمر الى مدينة مونترو.
لكن كم تبدو “مشكلة” المكان والزمان تافهة وسخيفة قياساً بركام العقد والمشاكل التي تواجه “جنيف – 2″، اذ يكفي ان يتذكر المرء ركام الشروط والشروط المضادة بين الطرفين وداخل صفوف المعارضة السورية المنقسمة سياسياً وعسكرياً، وكذلك بين الدول التي يريد الروس والاميركيون دعوتها، وقد توسّعت القائمة الى درجة ان المؤتمر سيكون دولياً تقريباً بعد اقتراح انضمام دول مجموعة “البريكس” اليه، بما سيراكم مزيداً من العقد والصعوبات.
لست ادري ماذا سيفعل الابرهيمي ومهندسو المؤتمر مثلاً حيال مشكلة اتهام الامم المتحدة الرئيس بشار الاسد بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية، وهي ابرز المشاكل على الاطلاق التي تكفل افشال المؤتمر انطلاقاً من السؤال البديهي: هل يستطيع الروس والاميركيون والاوروبيون وغيرهم ان يقبلوا في جنيف وامام التاريخ وتحت انظار العالم ببقاء الاسد في السلطة ولو للحظة واحدة في ظل هذا الاتهام؟
ثم هل ينسى الابرهيمي ان النظام يؤكد تكراراً انه ليس ذاهباً الى جنيف لتسليم السلطة ولا ليفاوض على مستقبل سوريا، في حين تجمع المعارضة بكل شظاياها على انها لن تقبل بأقل من اسقاط النظام ومحاكمة عناصره، وان المرحلة الانتقالية يجب ان تتضمن تشكيل حكومة ذات صلاحيات واسعة تشمل الامن والجيش؟
إن قائمة الرفيق سيرغي لافروف للدول المرشحة لحضور المؤتمر توحي بأنه لا يريد للمؤتمر ان يعقد، لأن حضور كل هؤلاء المدعوين يفرض قيام مصالحات اقليمية صعبة، ثم ان هناك مؤشرات على ان موسكو تريد الاستيلاء على الحل من خلال محاولاتها الاخيرة محاورة المعارضة.
واذا نسينا كل هذه العراقيل ونظرنا الى الخلافات العميقة داخل المعارضة بين “الائتلاف الوطني” و”هيئة التنسيق” وحتى داخل صفوف كل منهما، يمكن ان نقول ان الابرهيمي يحلّق بعيداً في اوهامه السويسرية… لكن الأهم ان جنيف انتهى فلسنا امام مسلسل مؤتمرات مستحيلة، ثم ان سوريا باتت منذ زمن صومالاً كبيرة مآسيها تفيض اقليمياً!
أوهام الإبرهيمي وفشل “جنيف – 2”!
ماذا تقول أنت؟
راجح الجوري
يعجبني قلمك و اسلوبك الساخر إنك تنتمي لأعرق مدرسة صحفية في لبنان ألا هي جريدة النهار هنا بطل العجب