لابد ان تتحمل مدرسة أسلمة المجال العام أو سلفنة الاجواء مسئولية كل ما يجري في الوطن العربى وبخاصة العراق من اضطهاد وقتل للأقليات والطوائف الاخرى وكل من يختلف معهم بالرأي فى جميع أنحاء الوطن العربى …. وهذا هو الحال في مصر وسوريا فعصابة داعش قد ولدت من رحم وباء التطرف الديني …. هذه هي داعش التى هى نتاج هذه المدرسة كغيرها من المواليد الغير شرعية التي تريق الدماء بغير الحق وتستبيح الاعراض… فلم يكن مسيحيو العراق في حرب مع داعش او القاعدة وكذلك جميع العراقيين من سنة وشيعه وايزيديين وتركمان وأكراد …..ولم يذهب العراقيين اليهم لمحاربتهم بل انهم من قدم اليهم للتطاول عليهم ولا يعقل ان يكون ذلك الا وحي شر وبغي ….. مما لا شك فيه أن تطرف المتأسلم ما هو إلا سلوك كامن يمكن له ان يطفو على السطح عند ايقاظ الفتن …
.فالتطرف احد أشكال الفتنة الواجب تركه تركا للفتن …. لذا لعن الله من ايقظها لعظم مصائبها…. تطرف المتأسلم ينتمي الى العصبية الجاهلية الكامنة فينا او تلك التي اعادوها بعدما تحول الدين من معتقد جميل الى وسيلة لبلوغ السلطة أو مكاسب أو تجارة…. على صعيد أخر التطرف وتعصب المتأسلم لعرقه أو دينه أو مذهبه أو طائفته أو رأيه لا يتفق مع مبدأ الحريات ومنطق التسامح الديني والرقي البشري ….من منظور المتأسلم المتعصب كلما كان فظا جلفا وأقرب إلى البدواة كلما توفر له مناخا أكثر خصوبة للعصبية والتخلف والتطرف والفتن والحروب !!.. لقد تحولت منطقتنا على يد هؤلاء الاجلاف الذين يريدون أسلمة المجال العام إلى منطقة موبوءة معطوبة تتأكل بفعل الوحشية المتأتية من جحيم العصبية والجهل والتطرف والفتن ناهيك عن الكائنات البشرية التي تعتاش على الازمات وضيق الرؤى وضحالة الطرح ….
لا تلوموا إلا أنفسكم فكلنا ساهم بشكل أو بآخر في صناعة التطرف وساهم في استحضار الجاهلية وعصبيتها …. لا تبرءوا أنفسكم لأن ذلك وإن دل فإنما يدل على غياب الرشد والجمال .. فضيق رؤيتنا وما ورثناه من خطايا وتاريخ مزيف أدى بنا الى أن نكون بموقع فاعل وداعم ومتفرج وصياد أزمة….وعلى سبيل المثال لا الحصر : الثورة الايرانية المختطفة !!!… لقد فشلت ايران التوسعية في نسخ تجربتها في مصر عندما بدءوا بسلب الثورة في مصر….. على صعيد أخر نرى الشعب الايراني القابع تحت ظلم الخلافة عندما نزعوا عنه ارادته وصادروا رزقه وقوته وكرامته وأنهكوا عقيدته واضعفوا ايمانه وحملوه تكاليف ارهابهم وتطرفهم المصدرين تحت مسمى تصدير الثورة … أما على الصعيد الخارجي فقد كانت هذه الثورة الإيرانية وبالا على المنطقة والعالم عندما قاموا بتصديرها للخارج !!!… هذه الثورة الإيرانية المزعومة كانت لها ارصدة لدى بعض الشركاء فى الفكر والتوجه والتطرف من خلال التوجه الميكافيلي لمدرسة التطرف الايرانية !!…لذلك أقيمت علاقات مع كل الفصائل المتواجدة على الاراضي الافغانية في حينها بما في ذلك طالبان والقاعدة ومن يعتقد بوجود قطيعه بين ايران والقاعدة مخطئ فلابد ان يلتقي الشركاء لقاء مصالح وتبادل مواقف …
وهذه هي المدرسة الايرانية….لذلك أرفض التطرف الايراني وتصديره للإرهاب و استعباده الشعب الايراني وتجويعه وتشويه تاريخه وإبادة ابنائه جماعيا وكل ذلك يتم تحت راية الله …..كما ارفض نشر ايران للفتن في المنطقة أو في العراق أوالبحرين أولبنان أوالخليج أواليمن أوفلسطين باسم الدين ..وأرفض تماما تهديد ايران للأمن القومي العربي وتدخلاتها السافرة في المنطقة…. كما أرفض الخمول والخنوع والخضوع العربي والرضى بالأمر الواقع والمفروض جبرا تجاه ذلك … كالمستجير من الرمضاء بالنار لقد دفع طغيان العثمانيين والصفويين المبنى والمؤسس على العصبية والتطرف والإرهاب وإمتطاء صهوة الدين واستعباد الشعوب باسم الدين الى التفكير في الخلاص والنجاة منهم حتى ولو على يد مستعمر غير مسلم فلما زال طغيانهما عن المنطقة اصبحت منقسمة على نفسها وكل جزء فيها يترفع على الاخر منكلا به طاعنا في هويته ….
ولما نجت المنطقة من المستعمرين وقعت في مأزق القومية العربية وتعصبها وقلة تجربتها وكثرة المتخوفين منها …. التجربة القومية كانت في خطاها التحررية الاولى سطورا مضيئة في عملية التحرر العربي إلا انها كانت مليئة بالأزمات وشهدت تداولا للسلطة بالدم والعنف في بعض الدول ولا تزال تبعات هذا التداول قائمة مهلكة وخير مثال دولة العراق …من هنا يجب أن يعلم القارىء أن قوى التأسلم السياسى المتطرفة والمتعصبة لفكرها ورأيها نمت وترعرعت تحت مظلة القومية العربية وكان لابد من اكتمال عناصر وباء التطرف فجاءت ثورة الشعب الايراني مكملة للعناصر …. بعد أن أختطفتها جماعة التأسلم السياسى الإيرانية المتطرفة عام 1979 …. بعد أن اختطفوها وسرقوها من العمال واليسار الايرانيين !!!… وبعد أن أكتملت سلسلة التطرف الديني يعود الصراع اليوم في المنطقة من جديد الى شكله التاريخي السابق وبأبشع صور التطرف الديني والعرقي والطائفي والمذهبي ….
بعد أن أصبحت الآراء مدعومة ومعززة بالمال والسلاح والتنظير السياسى وخطابات التخدير المنطلقة من ثقافة بنيوية اسسوها كلغة لهذا الوباء لتشتعل المنطقة بأسرها وتصبح حطبا للتطرف المدعي الناطق باسم الدين وخلافة الله ….انظروا إلى شكل الدولة فى إيران حيث تقوم على فكرة الخلافة الإلهية الممزوجة بشكليات دينية وعادات تأريخية وانتماءات قومية وأطماع توسعية كبرى وغير معلنة مستترة بعباءة الدين لم تتهذب بعد بالرقى البشرى!!!…إيران اليوم تذكرك بالصفوية التى تحتضن الشر من أجل بلوغ الغايات !!… وهناك فى إيران لو انتميت إلى جماعة رأي تعد كافرا خائنا معاديا للنظام ولله !!…
فالتطرف والخلافة الإلهية فى إيران ما زالوا يلاحقون خصومهم فى الرأى بعد مرور أكثر من 35 عاما على اختطاف وسرقة الثورة الإيرانية من العمال واليسار الإيرانى من أجل إبادتهم …لأن التطرف الدينى الإيرانى له أذرع وولاة يلاحقون خصوم الرأي موتى وأحياء كأعداء لله تجب ملاحقتهم وإبادتهم كفريضة باسم الدين والرب على حسب زعمهم !!… إيران منذ نشأتها كإمبراطورية نشأت على أساس ديني (مجوسي) وكان الدين المجوسي عنصرا هاما في تكوينها…. وبعد الفتوحات الإسلامية لعب الدين دورا أساسيا في نشوء الحركة الشعوبية التي كونت مجمل الحركات الباطنية… وعندما جاء الصفويون( ليسوا من الفرس) كونوا دولتهم الجديدة على أساس ديني وأرادوها أن تكون إمبراطورية دينية وليست فارسية …إلى أن جاء رضا خان بهلوي عام 1925 وأنهى عصر الإمبراطورية وانتقل إلى تكوين الأمة والدولة الإيرانية……
واتخذ من التشيع الذي هو دين الأغلبية (أذريين وعرب وقشاقيين ولرومازنية و جيلانية) عقيدة لإيران البهلوية … و جعل من الفارسية اللغة الرسمية لهذه الدولة…. وأوكل إلى المراجع الدينية الشيعية بناء حوزات ومعاهد دينية إيرانية لتخريج رجل دين شيعي جديد مستوعبا لمفهوم الأمة والدولة الإيرانية…… فقد كان رجال الدين الإيرانيين قبل ذلك يتعلمون في حوزات الدين الشيعية في العراق التي أسس لها نصير الدين الطوسي في القرن السابع الهجري وكانت هذه الحوزات تربي رجل الدين على مفهوم التشيع التقليدي البعيد عن مفهوم الأمة والدولة الإيرانية….. وعندما جاء الخميني أراد لإيران الانتقال مجددا إلى مرحلة الإمبراطورية ولكن على أساس ديني وليس قومي ولهذا رفع شعار تصدير الثورة الإسلامية… فالخميني أدرك أسباب فشل الأنظمة القومية والوطنية العربية واستخدم الخطاب الديني مدخلا على العرب والمسلمين لتصدير الثورة المختطفة من العمال واليسار الايرانى …
ومن تلك النقطة بات من الصعب على أي كاتب أو سياسي اتهام إيران بالعنصرية القومية أو الوطنية….. لقد وقع صدام حسين في خطأ كبير حين أراد مواجهة المشروع الديني الإيراني بالخطاب القومي العربي…. ونفس الخطأ يكرره اليوم الكثير من المفكرين والدعاة والكتاب العرب وأهل السنة عندما يصفون المشروع الإيراني بالقومي الفارسي… فكيف يمكن إقناع إخوان مصر المتعاطفون مع إيران، وحركتي حماس والجهاد الفلسطينيتين، والشيعة العرب بالعراق والخليج العربي والشام، والشيعة في السودان وأفريقيا وآسيا، أن المشروع الإيراني مشروعا فارسيا عنصري وهم لا يسمعون منها سوى الخطاب الديني؟…… إقرأوا المشروع الإيراني وحللوا الأسس التي قامت عليها إيران وما هو العنصر الأساس الذي يرتكز عليه مشروعها الذي نريد مواجهته…. وما دور الدين في تكوين الأمة والدولة الإيرانية….. الجدير بالذكر أنه لا توجد قراءات عربية سليمة كما لا توجد رؤية عربية سليمة فيما يتعلق بمدرسة التطرف الايرانية الحاكمة في ايران والمنطقة والمؤثرة في ما لم تكن حاكمة فيه !!…وهذا ما سيتيح لإيران البقاء كدولة ومنظومة مهددة للأمن القومي العربي والمنطقة بأسرها ….
ولا يمكن للعرب ان يلعبوا دورا متقدما في كبح النظام الايراني الذى يصدر الثورة المختطفة فى كل مكان إلا من خلال دعمهم للشعب الايراني للثورة ضد هذا النظام الايرانى المتخلف والمتكلس !!!.. المعاملة بالمثل ودعم البديل الايراني لبناء ايران جديدة يمكن التفاهم معها وتكون شريكة في بناء الامن والسلام بالمنطقة …. لابد من خلق ايران جديدة تكافح الارهاب والتطرف بدلا من ايران المتكلسة المتخلفة الداعمة للإرهاب والتطرف والقلق والتوتر بالمنطقة …. ايران الجديدة ستعيد مفهوم الدولة الى لبنان والعراق والأمن والأمان للمنطقة….مما لاشك فيه أن اهمال العرب للتغيير السياسي في ايران كوسيلة لمكافحة الارهاب والتطرف خطيئة من الخطايا التي يدفعون ضريبتها اليوم ويستمر دفع الضرائب ما داموا على خطاياهم…. ماتقوم به إيران الخلافة الإلهية التى خطفت الثورة من العمال واليسار الإيرانى عام 1979 هو نفس ما تقوم به جماعات التأسلم السياسى من إخوان وجماعات سلفية وجهادية اليوم ….
جماعات التأسلم السياسى من إخوان وجماعات سلفية وجهادية جلبت معها جاهليتها وبداوتها وتخلفها وحماقتها …. وخلطت بين الدين وجذور جاهيلتها وأعرافها وبنت للدين نهج يتطابق مع رؤيتها وأهدافها فصعدت من عصبيتها وتطرفها وبدأت تستقطب بأبواقها العالية جماهير ومناصرين غيبت عقولهم دهورا وخلى واقعهم من الوعي وتبنت العداء لمن يخالفها الرأي فان لم تك منهم فأنت على غير هدى ومن الهالكين …..، وبعد أن زاد العداء للآخرين من ناحية وزاد خلافها مع الذات داخليا من ناحية أخرى تشققت هذه الجماعات وأصبحت جماعات شتى يرفض بعضها البعض ويطعنوا في شرعيةبعضهم البعض ……
لايختلف إثنان أنه كما للتطرف الذي تصدره الخلافة الايرانية لغة وفكرا ونهجا وأرصدة وتوجه كذلك هو الحال لوباء التطرف الديني المتأسلم العربي الذي تتبناه تلك الجماعات المتطرفة….. الجدير بالذكر أنه أصبحت لهم مدارس وجلسات دروس تزرع الفكر وترعاه وتموله وتحتضنه فلم يسلم منهم صغيرا او كبيرا رجلا او امرأة طفلا او بالغا ….ولا ننكر بأننا رأينا لـ مدرستا التطرف الايرانية والعربية مسجدا وروضة اطفال ومستشفى خيري او محطة مياه او شيء خدمي في منطقة ما إلا اننا نعلم ان ذلك كله يقع في اطار عمليات الحشد والتعبئة لتوجهاتهم ونهجهم ولم يعد ذلك خافيا إلا عن قلة قليلة من البشر …. لقد كان التطرف غافلا عن حقيقة استهلاك الشر لذاته في حضور النور…. يجب أن يعلم الجميع أننى لست في حرب مع اي طرف من الاطراف التي ذكرتها فى مقالى إنما أرفض سلوكهم ونهجهم المتطرف….وارفض ضرب الدولة في لبنان وهدمها في العراق !!…
حماس هى التى تعطل مشروع الدولة الفلسطينية المرتقبة بسبب تطرفها … بعد أن اصبحت حماس معطلا لمشروع قيام الدولة ومسوغا لإسرائيل توفر لها الاسباب السياسية والذرائع الامنية التي تحتاجها اسرائيل في حوارها مع الجانب الفلسطيني ….لذلك أرفض ولا أقبل بصراع صفوي عثماني من جديد في المنطقة كهذا الذي يحدث الان…. لذلك أقول اوقفوا ما صنعتموه فقد يصل وباءه اليكم قريبا او عاجلا والتاريخ مليء بأحداث مشابهه .. اوقفوا هذا البغي اوقفوا هذا البلاء اوقفوا مدرسة التطرف والرعب هذه لتنعموا بالأمان في الخليج والعراق ولبنان واليمن وفلسطين ومصر والسعودية وقطر وليبيا والمغرب العربي وتركيا وإيران وأفغانستان وباكستان …. ادعموا التسامح والاعتدال وأوقفوا تشويه هذه الجماعات للدين ورسالات السماء …. وأعيدوا للعراق مسيحييه وانقدوا الانسان فيه ….انقدوا بقاياه من ظلمات التطرف ودوامة العنف …. ومن قبل بهذه الجماعات وبظهورها ونشأتها ونشاطاتها فليتحمل تبعاتها او يتبرأ منها ويعلن نصرته لضحاياها….