كتب على حمادة في النهار:
حصلت أحداث صيدا المؤسفة. ووقف معظم الناس مع الجيش من دون تردد، وكذلك وقفت القيادات السياسية بجانب الجيش الذي تعرّض لاعتداء أدى الى مقتل عدد من عناصره. وقام الجيش بعملية عسكرية بغطاء كامل من مرجعيات الطائفة السنية قبل بقية المرجعيات، على أساس أن دماء عسكريين سالت غدراً بحسب الرواية الرسمية التي جرى تداولها في ذلك اليوم. انتهت العملية العسكرية بسقوط مقر الشيخ احمد الاسير وبتواريه. ولكن بدلاً من ان يفرح الناس بغلبة الشرعية وسلاحها على كل سلاح آخر، ولا سيما السلاح الذي يرفع بوجهه، خلفت العملية وما رافقها من تجاوزات، لا بل ارتكابات، آثاراً سلبية للغاية، وطرحت علامات استفهام كبيرة، بل كبيرة جداً، ليس على العملية العسكرية فحسب، بل ان الامر دفع الكثيرين بفعل ما رأوه ولمسوه وعاشوه من تجاوزات، الى التشكيك في أصل المشكلة وحقيقة الروايات الرسمية.
في الأصل كان سلاح “حزب الله” غير الشرعي هو المشكلة، ولا يزال – أما ما سمي بـ”ظاهرة أحمد الاسير” فقد أتى نتيجة لغطرسة سلاح عدواني في صيدا وغيرها، وعجز الدولة واستقالتها من وظيفة حماية المواطنين الآمنين العزّل. ومن هنا قلنا: ذهب الاسير وبقي أساس الأزمة، لا بل فاقمتها مجريات الأمور على الارض خلال المعركة وبعدها. من هنا أسئلة وشكوك كثيرة، والأهم من ذلك كله غضب عارم يتهدد مصير البلاد.
بناء على ما تقدم، مطلوب من قيادة الجيش أن توضح ملابسات توقيف العديد من الأبرياء، والتعدي على شبان بتهمة مناصرة أحمد الأسير. والأهم هو دخول ميليشيات “حزب الله” و”أمل” وما يسمى “سرايا المقاومة” في القتال، وتظهر بعض الصور والمشاهد المسجلة بتنسيق مع وحدات عسكرية على الأرض. ومطلوب من قيادة الجيش معاقبة كل من اعتدى على المواطنين، أكان عسكرياً أم ميليشيوياً، وكل من تسبب بقتل مواطنين بعد القبض عليهم، أكانوا أبرياء أم مذنبين. ومطلوب وقف فوري لكل التوقيفات أياً تكن الأسباب، وعدم المس بالنساء مهما صار. ومطلوب أن يثبت الجيش انه ليس فئوياً. ما من احد فوق القانون، حتى الجيش.
لقد أدت أحداث صيدا الى مفاقمة الأزمة اللبنانية والى إعادة طرح أساس المشكلة: سلاح “حزب الله” وسلوكياته الميليشيوية، وعدوانيته المخيفة. ان ما تقوم به قيادات صيدا من مساع لتخفيف الاحتقان ليس في المدينة فحسب بل في كل لبنان، أمر جيد. لكن ما لم تتم معالجة أساس المشكلة، فكل المعالجات ستبقى سطحية وموقتة. والانفجار آت لا ريب.

ali.hamade@annahar.com.lb

شارك الخبر:

شارك برأيك

تعليق واحد

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *