سي أن أن — المتابع للحرب الهمجية التي تشنها إسرائيل منذ العاشر من رمضان، الموافق السابع من يوليو/تموز 2014 وما يرتكبه فيها من المجازر المروعة والإبادة الوحشية، والتي كان معظم ضحاياها أطفال ونساء ومدنيون أبرياء، يمثل انتهاكاً واضحاً لحقوق الإنسان وجرائم حرب وفق القانون الدولي، ولا ريب أن الشعوب والحكومات السوية ترفض ذلك قطعاً.
أحرر هذه الأسطر عملاً بمنهج النبي في التواصل والتعاون مع الدول والشعوب المحبة للعدل الرافضة للظلم، كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أخبر عن الملك النصراني في زمانه وقال عنه: “إنَّ بأرض الحبشة ملكاً لا يُظلمُ أحدٌ عنده،” ولذلك هاجر لبلده المسلمون الأوائل ووجدوا في ضيافته العدل والسلام، فالعالم لا يخلو من شعوب وقادة منصفين، بل هم كثير بحمد الله، وقد بات من الضروري أن تسعى دول العالم ومنظماته لإيقاف هذه الحرب الظالمة، والمبادرة لتقديم الدعم الإنساني لسكان غزة، ومن وسائل ذلك في العاجل:
1 – يجب على الحكومة المصرية أن تفتح معبر رفح باستمرار، هذا مقتضى الدين والقربى والإنسانية، ومطلب شعوب العالم، وأن تسمح عاجلاً بدخول المساعدات الإنسانية في جميع الأوقات، مع السماح بإخلاء الجرحى والمرضى، وأن تبادر دول العالم بتوفير الضرورات الحياتية من غذاء ودواء، وبخاصة المستشفيات الميدانية ومحطة للكهرباء بدلاً عن التي دمرها العدوان.
2 – إن فتح معبر رفح خيار إنساني لا يقبل مزايدة ولا تردداً ولا تأخيراً، فهذا المعبر بالنسبة للفلسطينيين في غزة هو شريان الحياة، وإنه لمن الغريب والمفجع أن تستمر حكومة مصر الحالية في إغلاق معبر رفح، أو أن تكتفي بفتحه لأوقات محدودة فقط، فهذا ليس من أخلاقيات المصريين الكرام، ولا من الأخلاقيات الإنسانية.
ومن المتعين على الدول والشعوب الإسلامية وكل محترم للإنسانية أن يبادروا بتقديم الدعم الذي يخفف عن الفلسطينيين آثار المجزرة الصهيونية البشعة، ويضمد جراحهم ويعيد إعمار بلادهم.
كما أن من الحق الشرعي أن يستفيد الفلسطينيون من شواطئهم وأن يقام ميناء ومطار يلبي حاجاتهم الحياتية كغيرهم من شعوب الأرض، ولا يجوز أن يُسمح لدولة الاحتلال بالغطرسة في منع أصحاب الحق من ممارسة حقهم.
من العار على الدول والمنظمات الدولية أن تغض الطرف عن إغلاق هذا المعبر وعموم المعابر، أو أن تتجاهل جريمة الحصار على المدنيين المستضعفين في غزة، مهما كانت المبررات والدوافع، فهذا ليس من العدل ولا الإنسانية في شيء.
3 – لا ريب أن ما يقترفه الجيش الإسرائيلي وساسته من إبادة جماعية وانتهاك لحقوق الإنسان يجعل المتغاضي عن هذه المجازر الجماعية الظالمة شريكاً فيها ، فكيف بمن دعم وساعد؟ فإلى متى الصمت الدولي؟ ألم تعتبر المجتمعات بالإبادة الإنسانية في الحروب الكبرى؟ ألا تحرك مشاهد أشلاء الأطفال إنسانيتهم؟ هل يريدون هيروشيما أخرى في قطاع غزة؟ ما هو شعور وموقف أطفال وشباب يبادون إبادة جماعية نحو عالم يرفع شعارات الإنسانية ولكنه يخرس عن إبادتهم؟!
وحيث إن إسرائيل مرتبطة اليوم بعلاقات دبلوماسية مع أكثر من 190 دولة فإنَّ من أقل ما تعبر عنه الدول التي تحترم الإنسانية في رفضها لمجازر إسرائيل نحو الأطفال والنساء في غزة أن تسحب سفراءها من تل أبيب، وأن تطلب من سفراء المجازر والإبادة الإسرائيليين أن يغادروا، وكم هو عمل إنساني ونبيل ذلك التصرف الذي بادرت به بعض دول أمريكا الجنوبية باستدعاء سفرائها من تل أبيب، اعتراضاً على المجازر الإسرائيلية المروعة في غزة.
ويجب على المنظمات والاتحادات الدولية في المجالات التجارية والثقافية والبرلمانية والأكاديمية والرياضية وغيرها أن تبادر إلى تعليق عضوية إسرائيل فيها.. كما أن على الدول والمصانع المصدرة للسلاح إلى إسرائيل أن تعلم أنها شريكة في المجازر الوحشية بغزة، لأنها ترسل السلاح لجيش لا يملك من الأخلاقيات ولا من الإنسانية مقدار ذرة، فلتتوقف عن إعانة الظلمة المتجبرين.
إن من العار على المجتمع الدولي والمنظمات الدولية كالجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ومنظمة الدول الإفريقية والاتحاد الأوروبي واتحاد دول جنوب شرق آسيا (آسيان – ASEAN) والأمم المتحدة والمنظمات والاتحادات الدولية، عار عليهم أن يصمتوا على هذه الممارسات البربرية والانتهاكات الإنسانية، فيتركوا شعب فلسطين في غزة يواجهون حصاراً ظالماً ينتهك إنسانيتهم ، وحرباً وحشية صهيونية تبيد من تبقى منهم.
إن لله جل وعلا يوشك أن يحاسبنا جميعاً على هذا التجاهل، كما قال سماحة المفتي العام بالمملكة العربية السعودية: ” أخشى من عقوبة تعم الجميع بسبب الاستهانة بدماء أهل غزة”. فالواجب على البشرية جميعاً أن تعمل بالمنهج الرباني العظيم الذي أمر به الخالق جل وعلا في القرآن الكريم لإقامة الحق والعدل والتعايش ، وهو قوله سبحانه: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ).