كتبت جومانة حداد في النهار اللبنانية:
معظمنا، إن لم نكن جميعنا، نتعلّم أبجدية الـ”نعم” منذ نعومة أظفاره. التربية والترويض على الطاعة متلازمان، وعلى غرارهما مفهوم التأديب والتدريب على الإذعان الأعمى لأوامر “السلطة”.
هكذا تقاس درجة تهذيب الطفل وحسن أخلاقه بمدى استعداده لقول “نعم” لوالديه، للجد والجدة، للعمّ والعمة، للأقارب، لأصدقاء العائلة، للمعلمين والمعلمات في المدرسة، وحتى للغرباء، شرط أن يكونوا “كباراً”. “حاضر” يقول الولد، فيصفق له الحضور: “نِعم الأخلاق”.
نُدجَّن منذ الصغر، حتى يصير الخضوع جزءًا لا يتجزأ من لاوعينا وردود فعلنا العفوية. يُمارَس هذا الإرهاب علينا، ثم نمارسه بدورنا على أبنائنا. “عيب، هو أكبر منك، لازم تسمع كلمتو”، نؤنبهم. لكن يغيب عن بالنا أن هذا المنطق قد يؤدي أحياناً الى كارثة، خصوصاً إذا ترافق مع نقصان في التحذيرات الضرورية حول الأخطار التي يمكن أن يواجهها الطفل في العالم الخارجي. أذكر أني مرةً سألت إحدى الصديقات ما إذا كانت قد نبّهت أولادها من المعتدين الجنسيين قبل إرسالهم الى المخيّم الصيفي، فردّت محتجةً: “بدك ياني إحكين عن الجنس! ولو! بعدن أطفال!”.
مناسبة هذا الكلام أني لم أكد منذ يومين “أستوعب” خبر تعرض امرأة حامل للضرب على ايدي زوجها وأخي زوجها وحماتها (أعترف اني حقدتُ أكثر ما حقدت على تلك الحماة الكريمة)، حتى وصلني خبر أشدً هولاً: طفل في الرابعة من العمر يتعرض للاغتصاب في مخيم للاجئين.
غالباً ما يلومني أصدقاء لأنني أدافع بإصرار عن حقوق الإنسان، لكني على رغم ذلك أؤيد حكم الإعدام. “كيف يسعكِ تأييد تصرف بهذه الهمجية؟”، يسألونني. فأجيبهم: “طالما ثمة من يغتصب أطفالاً ويعتدي عليهم، أنا مع تنفيذ الإعدام”.
أعرف جيداً أن العنف لا يُحَلّ بالعنف. لكن شيئاً ما في داخلي يظلّ يقول لي: “ينبغي أن يعرف كل مغتصب أن مصيره الموت. السجن لا يكفي”. بل أكاد لولا الحياء أضيف: “وينبغي له أن يتعذب قبل أن يُعدَم، تماماً مثلما عذّب أطفالاً أبرياء”.
يعيدني هذا الى اللحظة التي اطلعتُ فيها على تفاصيل تعرض القذافي للاغتصاب بطرق وحشية قبل أن يُقتَل. عندما قرأت كتاب “حريم القذافي”، وكيف كان هذا المجرم يعتدي على القاصرات والقاصرين، تخيلتُ مشهد تعرضه للاغتصاب من دون أن ترمش لي عين. طوبى للـ”كارما”، فكّرت.
هكذا أنا، في ما يخص التعرض للأطفال، توراتية بامتياز: “العين بالعين والسن والسن”.
قولوا إني همجية. لستُ فخورة بذلك. لكني يشفع لي – عندي – أني صادقة.
Joumana.haddad@annahar.com.lb / Twitter: @joumana333
تطبيق ” العين بالعين” يعني في هذه الحالة ان يغتصب المغتصب