كتب عبدالوهاب بدرخان في النهار اللبنانية:
حكومة جديدة بين لحظة وأخرى. لا أحد يجرؤ على وصفها بـ”الوفاقية”. يقال إنها ستكون “جامعة” للأضداد. أي إنها لا تجمع، وإنما تطرح من الشروط، تسهيلاً للجلوس الى طاولة مجلس الوزراء. الـ8+8+8 غلبت الـ9+9+6، مع أن حسن نصرالله هدّد بأن ليس عنده سوى التسعتين والستة و”نقطة على السطر”، بمعنى إقفال البحث، وليس أمام “الفريق الآخر” إلا هذا الخيار. لم يُقفل البحث، بل اغتيل محمد شطح، الذي بلوَر اقتراح الحكومة “الحيادية” التي رفضها “حزب الله”. صدفة أم ميعاد أم تكرار لممارسة السياسة بالسيارات المفخخة؟ ومن بين الجثث الأشلاء والركام خرجت فكرة “حكومة الأمر الواقع” التي وجد الحزب أنها “خطر على جميع اللبنانيين” وفقاً لأحد وزرائه، لكن “الجميع” لم يستشعر هذا الخطر بل عرف بأن الحزب توعّد بإسقاط الصيغتين، وعلى طريقة “7 أيار” التي لا يخجل من التذكير بها رغم ادراكه أنها عار مشين على جبينه.
في الفقرة التالية، بعد “النقطة على السطر”، أسقط “حزب الله” الثلث المعطّل، أو هكذا يريد إيهام الآخرين، لكن العتب على من يصدّقه. بل يتصرّف كأن وحياً إلهياً جاءه في المنام وأمره بأن يتنازل ويقبل الثلاث ثمانات. ثم، فجأة، لبست شخوصه قناع المسؤولية فأصبحت تحكي عن “الشراكة” الوطنية. لم يقولوا إن ايران دفعتهم الى هذا التنازل، اذا صحّ أنه تنازل، ولدوافع ايرانية تتطلّبها المساومات الآتية، بل قالوا إن “كلمة السر” جاءت الى الفريق الآخر من السعودية. الواقع أن، بثلث أو من دون ثلث، لا شيء “يعطِّل” فعلاً سوى السلاح الذي لم يفقد شرعيته اللبنانية فحسب، بل فقد كل أخلاقيته حين ولغ في دم الشعب السوري.
يحاول فريق 14 آذار، من جهته، ومن خلال “الأسئلة” وشروط تدوير الحقائب الوزارية، إظهار أنه لا يزال مصراً على عدم الجلوس مع “حزب الله” طالما أنه لن ينسحب من سوريا. والمسألة ليست في الجلوس بل في أن هذا التدخل فاقم أحوال الدولة والبلد والاقتصاد سوءاً. لكن، بلى، ستكون حكومة تضم الفريقين وسيواصل “حزب الله” القتل في سوريا، ولم يعد مهتماً بمثلث “الشعب والجيش والمقاومة” لأنه كان في الأصل كذبة من اختراعه، ولن يكون له “وزير ملك” واحد بل “وزراء ملوك” كثر يهدّدهم عند الاقتضاء فيرضخون، ولن يمنعه شيء من تأييد “اعلان بعبدا” فالمسألة عنده كلام بكلام.
هذه الحكومة “الجامعة” هي فعلياً “حكومة الأمر الواقع” الذي فرضه حزب السلاح والاغتيالات. وسيجري تبريرها بالاستحقاقات الدستورية الداهمة، وهي حجّة فيها وجاهة اليوم، كما قبل تسعة شهور، وكما منذ أن أصبح لدينا حزب واحد يمارس السياسة بالسلاح.
يا استاذ عبد الوهاب وكأنك تتجاهل المقولة :(السياسة مالها دين)
فاتعبت نفسك (ما لم تكن كتابة لقاء اجر مجز ان شاء الله)