كتب جهاد الزين في النهار اللبنانية:
بعيداً عن اختلاط الحساسيات الديموقراطية البريئة وردود الفعل الخبيثة على أحداث العنف المصرية داخل العالم العربي وخارجه، وعكس الترويج السائد، يمكن القول إنه إذا كان لـ”الربيع العربي” الديموقراطي مستقبلٌ، رغم كل المخاطر، فقد وُلِد هذا المستقبل يوم الأربعاء المنصرم.
الذي اكتشفناه عبر موجات “الربيع العربي” بما هي موجات حريّات أن انفلات المجتمع من أسْر السلطات البوليسية والعسكرية قد يصبح أنفلاتا للبلد بكامله من عِقاله. و”العِقال” هنا هو انهيار الدولة.
لم يحصل الانهيار في تونس رغم دخول قوّة لا تملك تقاليدَ سلميةً في الصراع السياسي بل لا تملك تقاليد سياسية بالأساس هي السلفيّون. لكنه حصل، في سوريا وبنسبة أقل عنفاً في ليبيا.
مصر هي أملنا الكبير في الحصول على صيغة توازن لا بين الحريات وسلطة الدولة فحسب، بل إذا جاز القول، بين الماضي البوليسي والحاضر المتحرّر. وهو توازن كان الرهان دائما أن الثقافة السلمية العميقة للشعب المصري والنضج السياسي للنخبة، كفيلان بتحقيقه.
لهذا، ورغم رائحة الدم التي انتشرت في القاهرة وبضع مدن مصرية فإن ما شهدناه في الأيام الأخيرة بل الأسابيع الأخيرة في مصر هو انتصارٌ لهذا الرهان وليس “سورنةً” للوضع المصري.
الأخطاء الفادحة بل الانتهاكات التي حصلت في فضّ الاعتصامَيْن والتي يجب أن تخضع للمساءلة القانونية بما فيها من تحضيرات عنفية قام بها “الإخوان المسلمون” لجرِّ القوى الأمنية إلى هذا الوضع، لا تمنع أن يكون يوم الأربعاء 14 أغسطس(آب) هو يوم إثبات عدد من الحقائق في مصر:
الحقيقة الأولى أنه لا أحد بإمكانه أن يشعل حربا أهلية في مصر بمعنى انهيار الدولة وأن ما حاول أن يفعله “الإخوان المسلمون” من توتير أمني بل من ممارسات قمع هو خارج عن السياق المصري وعن ثقافة الشعب المصري وتكوين نخبه حتى لو كان “الإخوان” تنظيما ذا جمهور كبير.
الحقيقة الثانية هي أن القدرة الأمنية للدولة المصرية ثابتة من حيث أنها قادرة على “احتكار” قوة العنف وقد حسمت الموقف الخطير وغير المقبول في الشارع يوم الأربعاء المنصرم. علينا أن نسأل هنا أي حكومة من الحكومات الغربية كانت ستقبل لو أن متظاهرين استعملوا الأسلحة النارية ضد قوى الأمن؟
الحقيقة الثالثة هي أن مصر، تماما عكس الترويج المضاد حول أن “ربيعها” انتهى، هي اليوم تمنحنا فرصة ولادة جديدة لـ”ربيع” ديموقراطي في بلد عربي لا تنهار فيه مؤسّسات الدولة والمجتمع بسبب الحريات المستجدة. وهذا بالضبط جوهر الرهان على أهمية مصر كونها – ولأنها- الدولة العربية الكبرى القادرة على بناء تجربة ديموقراطية طبيعية.
جميعنا، رغم الضحايا البريئة التي لا يمكن تبرير عددها الكبير، مستفيدون من إثبات مصر أنها ليست بلاد حروب أهلية على الأنماط الليبي والسوري والعراقي وحتى الجزائري. وبهذا المعنى فإن الفرصة كبيرة بأن يثبت أن أحداث يوم الأربعاء 14 آب هي يوم ولادة لإمكان نظام ديموقراطي على المدى الأطول، بعيدا عن توهّمات عودة حكم عسكري لأنه لم يعد ممكنا في العمق وبعد ثورة 25 يناير أن يحكم العسكر بالشكل السابق. فسيطرة الجيش على الأمن المصري شيء ونظام حكم عسكري شيء آخر. والذي حدث يوم الأربعاء هو ما لا بد أن يحدث في أي دولة ديموقراطية أو غير ديموقراطية مستقرّة: سيطرة الجيش والقوى الأمنية على الأمن.
المعيارُ الذي يعطي لهذه الرؤية السلمية للعنف المصري قوّتَها هو التأييد الشعبي العارم، ليس لحكم الجيش، وإنما للسلم الأهلي كإطار للصراع الديموقراطي ولا صراعٌ ديموقراطيٌّ من دون هذا السلم الأهلي.
بعيدا عن اختلاط الحساسيات الديموقراطية البريئة وردود الفعل الخبيثة على أحداث العنف المصرية من نوع بدء قطع بعض الدول الغربية للمساعدات عن مصر وتجاهل الاعتداءات على الكنائس القبطية وعدم إثارة خطط “الإخوان” العنفية، يمكن القول أنه إذا كان لـ”الربيع العربي” الديموقراطي مستقبلٌ فقد وُلِد هذا المستقبل في القاهرة يوم الأربعاء المنصرم. فليس الضحايا الذين سقطوا سواء عبر الاستخدام الجلف للقوة العسكرية أو عبر الأفخاخ التي وضعتها “جماعة الإخوان المسلمين”، سوى شهداء هذه الولادة المصرية الجديدة:
هي ليست فقط ولادة في مخاض ديموقراطي عميق لم يعد ممكنا إيقافه، وليست فقط تصويبا في هذا المخاض ضد انحرافات خارجة عن تقاليد مصر، وبعضُها في زمن الجهادية العالمية مستوردٌ من الخارج ومشبوه، بل هي دفاع عن ما تبقى من استقرار مجتمعاتنا وقدرتها على بناء إطار لصراع سياسي سلمي.
بمعايير الكسب الشعبي والسياسي السهل – بناءُ علاقة مع “الإخوان المسلمين” كمرشّح مستقبلي للرئاسة يرضون به- ربما يكون محمد البرادعي قد استفاد من استقالته من نيابة الرئاسة، لكن بمعنى رجل الدولة الذي يريد مستقبلا ديموقراطيا ثابتا ومستقرا لمصر، فهو أخطأ البوصلة ولم يقف على الجهة المطلوبة لمشروع مستقبل آمن لمصر.
بتنا نعرف جيّدا أن سَنةً من حكم “الإخوان المسلمين” لم تُظهِر فشلَهم فحسب بل أظهرت ما هو أكثر أهميةً: عدم أهليّتهم للحكم. لكن أحد الأسئلة الكبيرة والضرورية الآن هو كيف يمكن إعادة دمجهمم في سياق التفكير بالمستقبل الديموقراطي. صحيح أن “الجماعة”، وهي جماعة كبيرة، خرجت على الثقافة السلمية العميقة للمجتمع المصري، وورّطت معها بالتالي جزءا من هذا المجتمع، إلا أن آفاق إعادة صياغة النظام السياسي المصري تتطلّب لا شك بذل كل الجهود لتحقيق عملية الاستيعاب السلمي لـ”الإخوان”، إلا إذا أصرت هذه “الجماعة” على سلوك طريق انتحاري بدأت به أصلاً.
ومن الأسئلة الكبيرة الأخرى هو كيف سيتمكّن هذا الزخَم الشعبي المدني الذي حمى السلم الأهلي وأظهر أن مصر مختلفة عن دول عربية هشة، كيف سيتمكّن من تكريس الديموقراطية في ظل وجود قوى داخلية وخارجية غير مؤمنة بأي ديموقراطية هي جزءٌ من التحالف الواسع جدا الذي أسقط حكم “الإخوان”؟
انتصرت المقوّمات الأصلية للدولة المصرية. بعد ذلك يجب وضع كل شيء، ماضياً وحاضراً تحت حكم القانون. ولأوّل مرة في تاريخ مصر المعاصر يبدو الجنرالات المصريّون قوة دفاع عن مستقبل مدني ديموقراطي وغير طائفي لمصر لأن التفويض الشعبي صريح وواضح: سلام وحريّات.
ولا حريّات بدون سلام.
انت يا أعمى البصر والبصيرة بعد كل هالقتل شايف فيه إيجابيات بهالإنقلاب ولسه عم تحكي عن ديمقراطية في ظل نظام عسكري قمعي لم يبقي ولم يذر أشعل الفتنة بمصر كلها لإبعاد الإسلاميين الذين جاؤوا بإنتخابات نزيهة ولم يأتوا على ظهر دبابة ..ما بعرف من أي مدرسة بقر متخرج حتى تكتب هيك خزعبلات وأكاذيب وتجمل وجه نظام مجرم أشعل فتنة وعادى طوب الأرض وربنا يستر من جراير أفعاله …الديمقراطية بنظر أمثالك هي من تأتي بالعلمانيين لكن إن أتت بالإسلاميين تصبح فوضى وقمع
..حابة قلك بالختام تضرب انت وحريتك وسلامك إذا كان ثمنها قتل الاف المسلمين ..نظام مرسي سنة كاملة ورغم مساوئه وقلة خبرته لم يقتل 200 شخص بمصر في حين الخسيسي في 40 يوم قتل الألاف
ولسه عم تحكي عن ديمقراطية وإيجابيات !
طبعاً انتوا توجهاتكم يا كتاب النهار وكتاب لبنان مع السعودية وتوجهاتها اللي بتشوفه صح يصير هو الحق واللي بترفضه بيصير ضلال وخطر