طارق الحميد – الشرق الأوسط

اندلعت الثورة السورية بمطالب شعبية بسيطة ومحصورة في منطقة درعا، وكان بإمكان الأسد حينها التعامل مع الأزمة بكل هدوء، ووأدها في مهدها، وبعدها الاستمتاع بالضحك على الآخرين، لكنه لم يفعل، بل كابر وتذاكى، واليوم نحن أمام حالة مشابهة في العراق، وإن كان ما يحدث هناك ليس بثورة، لكن أسلوب معالجة الأزمة لم يختلف.

في العراق خرجت مظاهرات في مدن شمال وغرب البلاد تطالب بإطلاق سراح معتقلين، وإلغاء مادة في قانون مكافحة الإرهاب، وبدلا من أن يحاول المالكي التعامل مع الأزمة بهدوء وحكمة، خصوصا أن المشكلات تحيط به من كل مكان، حيث لا حلفاء حقيقيين في الداخل، وإنما يستمد قوته من تحالفه مع إيران، بدلا من الحكمة حاول اتباع المالكي ترويج أن تلك المظاهرات طائفية، وعندما لم تنجح تلك المزاعم، خصوصا بعد أن وقف الصدر وآخرون مع مطالب المتظاهرين، لوح المالكي باستخدام الجيش. ثم تم بالأمس إخراج مظاهرات مؤيدة للمالكي في مدن جنوب العراق، وهذا ليس كل شيء، بل إن المظاهرات المؤيدة للمالكي حملت لافتات تحمل مسؤولية ما يحدث في البلاد إلى دول خارجية، حيث تقول إحدى اللافتات: «لن نسمح لتركيا وقطر بزرع الفتنة والدمار في العراق». وهذا ما قاله النظام الأسدي منذ اندلاع الثورة السورية التي توشك أن تقتلعه!

ولذا فمن الغريب أن نجد المالكي وأتباعه ينتهجون نفس الأسلوب في العراق اليوم، وبالطبع لم يقُم المالكي بقتل المواطنين كما فعل الأسد، لكن عملية تصفية الخصوم سياسيا وقضائيا قائمة في بغداد على قدم وساق، ومن قبل اندلاع المظاهرات في المدن العراقية ضد رئيس الوزراء الحالي والتي لها، أي المظاهرات، مطالب حقيقية ومشروعة، ولا يمكن الرد عليها بمظاهرات أخرى في جنوب البلاد، فمن شأن ذلك أن يكرس الانشقاق في بلد يعاني أساسا من الطائفية التي أنهكت الجسد العراقي. فالمظاهرات المضادة لم تُفِد علي عبد الله صالح، ولا الأسد، ولا مبارك، بل إن المذهل في كل ما حدث في منطقتنا أن المطالب كانت بسيطة، ويمكن التعامل معها، ولو بإجراء انتخابات مبكرة، وخروج مشرف، أو قرارات تنفس الاحتقان، وتنزع فتيل الأزمة، لكن ما يحدث في منطقتنا هو العكس، حيث لا عقل ولا تعقل.

وكما أسلفنا، صحيح أن ما يحدث في العراق اليوم ليس بثورة، لكن الأكيد أنها أزمة عميقة تتطلب حلولا عملية، لا مناكفة أو تذاكيا، أو مزيدا من صب الزيت على النار، وتحميل الأزمة لأطراف خارجية، فكل ذلك لم ينفع آخرين مثل الأسد أو صالح أو مبارك. فالعراق لا يتحمل مزيدا من الانقسامات، التي وصلت إلى مشادات في البرلمان، فواقع الحال في أرض الرافدين يقول لنا إن البلاد منقسمة من الشارع إلى البرلمان، ومن القبائل إلى الطوائف، ورغم كل ذلك تخرج مظاهرات مؤيدة للمالكي!

وعليه، فإن السؤال هو: هل يتصرف المالكي بحكمة ولو لمرة واحدة لإنقاذ العراق ككل، أم أنه سيسير على نفس الطريق الذي سلكه آخرون وكانت نهايتهم نهاية مؤسفة؟ دعونا نرَ.

tariq@asharqalawsat.com

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫16 تعليق

  1. وهل تسأل نفسك حقا وتظن انه سيتصرف بحكمة هل بين القنافد املس كل حكامنا العرب لا يتعظون
    ولا يتعلمون وداقتهم امراض العظمة وناخرة عظمهم ومخاخ البعض الي تابعيين للعبودية

  2. والله شعب العراق رجال يجيبون اجله واجل الدولة المجوسية المزعومة ايران الي جابته…..
    لا للمالكي عميل الخميني…

  3. في فرق طبعا
    ومشكلة العراق اصعب من ما نتصور هي الفيدرالية
    تقسيم العراق الى ثلاثة دويلات للشيعة والسنة والاكراد
    لا السنة ولا الشيعة ولا الاقليات متفقين على التقسيم الكل ينادي بعراق واحد موحد
    الاكراد فقط من يريدون حصتهم — لكن المشكلة تكمن في دول السوء دول الجوار الذين يسوقون لنا الطائفية كايران والسعودية مما يفسخ النسيج الداخلي بين الشعب وتذب الفرقة فيما بينه
    اما المالكي صحيح حرامي رغم ما انا ماشفت بعيني لكنة يحاول جاهدا وعلى قدر المستطاع
    ان يحل ويحاول لكن الضغوط من كل الجهات امريكا ايران الارهاب الاخوة الاكراد تركيا والشعة
    الكل علية فوجهة المقارنة اشوفها صعبة

    1. من الذي كان يقتل العراقيين ع الهويه ويلقي بالبعض الآخر في السجون و غرف التعذيب !! ومن الذي نخر أجساد العراقيين السنه بآلات الحفر الكهربائيه (الدريل) .
      قليل من الواقعيه والإنصاف !!!

      1. تويتي
        الدريل ومكاين كبيرة لثرم البشر وتمديد الانسان على ضهره ومكاين تصفقة على الجهتين
        لتقتل الكليتيين و حامض التيزاب ال\ي يعلقون البشر من رجلية وينزلزنة على راسة بة ويخرج الانسان عضم فقط ه\ه اساليب النضام السابق يعني حزب البعث العراقي
        وما نريد نتكلم عن اغتصابات النساء من الاكراد والعرب وحملهن وولادتهن داخل السجون
        المات مات وولى ما نريد نذكر مئاسي—- اتركينا بحالنا الله يستر عليكي

  4. يارب ترضى على سوريا والعراق وتخلصنا من هالمجرميين بشار والهالكي بساعة واحدة
    يارب تكون أبواب السماء مفتوحة وتستجيب دعائنا

  5. المالكي نشئة مشبوهة و تاريخ اسود من مهنة تصليح البوابير بالشام الى فرعون العراق الطائفي بمساعدة اسدية ايرانية امريكية طائفية بعدها ادخال ملايين العراقيين الى سوريا و معها خراب البلد و ليصبح مآت العناصر من سلطة الطائفة الاسدية مليونيرية من الاموال اللتي سرقت من الشعب العراقي
    الدول التي ستتحرر قريبا انشاء الله الخليج بدون استثناء كلهون اعراب و خونة (الحكام) ..الجزائر المغرب الاردن السودان العراق ايران يمكن بعدها يرجع للامة جزء من كرامتها و ما يضل بارض العرب امراء و مستعبدين

  6. انتو تلاحضون بعد سقوط الرئيس صدام حسين صار خراب في الدول لان ماكو رئيس مثل الاسد كان الكل اتخاف منا وتحترما واني بعتقادي العراق ادمر بعد سقوط الرئيس لان بعد ميجي واحد مثلة لان كول الرئساء حاليا عدهم مصلحتهم محد ايفكر بلشعب وانشاللة يرجع العراق مثل ماكان وترجع الامة العربية بخير

  7. الم تهلل اقلامكم للاختلال الامريكي للعراق اولم انتفخت قنواتكم وخاصة العربية بالكلام عن الارهاب ومكافحته في العراق واعلانات عن الديمقراطية الامريكية والحرية فقط لاجل عيون ولاة امركم والامريكان اولم يشهد العالم كرما لامريكا وانتم صامتون كالنعاج بالانتخابات العراقية الحرة وما افضت اليه وانتم صامتون والان تغيرت المعطيات والادوار وتوزعت المصالح وخرج الامريكان واصبحت الفتنة المصدرة سنية شيعية عربية فارسية ولكن هذه المرة لاجل حماية كراسي الملوك الاميين ومغتصبي السلطة ومن اجل اعادة ترتيب الاعداء فاصبح الشيعي فالاسرائيلي وما ادراك ما يعني هذا في بلاد تتنوع فيها الطوائف .هذا لا يعني دفاعا عن الحكومة العراقية او لا فانا لست خبيرا بالعراق ومشاكله ولكن فقط سؤال هل ما يجري في البحرين ممنوع على الحرية والديمقراطية وقصصها و نفاقها الفكري التي تنادي بها اقلامكم ممنوع الكلام عنها هل غصبا عنكم ام بارادتكم

  8. اما نحن اما هم هدا وقت الفصل بيننا وبينهم ونعل الله المرتدين عن دينهم من العرب

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *