كتب عبدالباري عطوان:

دعونا في البداية نسمى الامور باسمائها دون اي لف أو دوران، فما حدث كان استخداما مفرطاً للقوة من قبل قوات امن مدعومة بالجيش، وجاءت النتيجة مجزرة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، مجزرة تتواضع امامها مجازر قوات الامن نفسها في زمن الرئيس حسني مبارك، وايام حكمه الاخيرة على وجه الخصوص.
قوات الامن المصرية ودباباتها وبلدوزراتها وقناصتها استخدموا الذخيرة الحية ضد مواطنين عزل يطالبون بعودة الديمقراطية ورئيس مصري منتخب، وبهدف فض اعتصام سلمي مشروع استمر لستة اسابيع دون اطلاق رصاصة واحدة، أو ارتكاب اي حادثة مخلة بالامن العام.
المتحدثون باسم الحكومة والقوات المسلحة حاولوا طوال يوم امس المساواة بين الضحية والجلاد، والادعاء بان المعتصمين لم يكونوا سلميين، واطلقوا النار على قوات الامن، وهذا تضليل سافر، ومغالطة مفضوحة للحقيقة.
تابعت كل المحطات الاجنبية تقريبا، ونشراتها الاخبارية، وتغطيتها للمجزرة منذ اللحظة الاولى لاقتحام ميداني رابعة العدوية والنهضـة، ولم يقل اي مراسل ان الاعتصامات لم تكن سلمية، واكد مراسل محطة “سي. ان. ان” عندما سأله المذيع البارز جيم كلينسي عما اذا رأى اسلحة في يد المعتصمين، انه لم ير بندقية واحدة، ولم يشاهد ايا من المعتصمين يطلق النار، بينما قال انه شاهد قناصة يعتقد انهم من رجال الامن يطلقون النار على المعتصمين.
الجيش المصري ارتكب جريمة كبرى بسفكه دماء ابناء شعبه للمرة الاولى في تاريخه، حيث ظل لمئات الاعوام يتحاشى الوقوع في هذه الخطيئة الكبرى التي يصعب غفرانها او نسيانها، فقد ظل دائما فوق الجميع، فوق كل الصراعات الحزبية والانقسامات الطائفية والدينية وولاؤه لمصر وشعبها فقط.
من الطبيعي ان تكون الكلمة الاخيرة للجيش المصري والقوى الامنية الداعمة له في هذه المواجهات الدموية، فهو اكبر جيش عربي واكثرها واحدثها تسليحا، ولان الطرف الاخر، اي الاخوان وانصارهم وشرعيتهم، كانوا مسلحين فقط بحناجرهم، وايمانهم بعدالة مطالبهم، في عودة رئيسهم المنتخب.
xxx
لن نفاجأ اذا ما نجح الجيش في اخلاء الميادين من المعتصمين بقوة البلدوزرات والدبابات والرصاص الحي، وبعد قتل المئات وجرح الآلاف، ولكننا لن نفاجأ ايضا اذا استمرت المظاهرات والاعتصامات في ميادين اخرى ولاشهر وربما سنوات، لان هؤلاء المحتجين يشعرون بالظلم والخذلان من قواتهم المسلحة التي سلبت الشرعية الانتخابية منهم، وحولتهم الى خصوم، ثم اطلقت النار عليهم. الاخوان المسلمون وانصارهم الذين طالما اتهمهم خصومهم من الليبراليين بانهم سيخوضون الانتخابات مرة واحدة يستولون خلالها على الحكم ولن يفرطوا به اثبتوا كذب هذه المقولة، عندما حولهم الليبراليون الداعمون والمدعومون من الجيش الى ضحية للديمقراطية، واطاحوا بحكمهم الذي وصلوا اليه عبر صناديق الاقتراع وخيار الشعب.
لا اعرف شخصيا كيف سيواجه الليبراليون من امثال الدكتور محمد البرادعي، وشريكه عمرو موسى رجل كل العصور والمراحل، وحتى السيد حمدين صباحي الناصري المخضرم، الجماهير المصرية العريضة، وهم يقفون في خندق الجيش الذي ارتكب هذه المجزرة في حق ابناء شعبه؟ كيف سيبررون لاسر الشهداء والمصابين موقفهم المخجل هذا، وهم الذين اقاموا الدنيا ولم يقعدوها عندما استشهد الشاب خالد سعيد تحت تعذيب قوات الامن نفسها التي تقتل المئات حاليا.
فض الاعتصامات بالطرق الارهابية التي شاهدناها لن يكون نهاية الاحتجاج، بل ربما بداية لمرحلة قادمة اكثر خطورة، فالاخوان الذين تمتد جذورهم الى اكثر من ثمانين عاما في الحياة السياسية المصرية، لن يختفوا من الخريطة بسهولة، ومخزون شعبيتهم الضخم الذي يقدر بعشرات الملايين في الارياف خاصة لن يخذلهم او ينفض عنهم، بل سيزداد اصرارا على دعمهم. وهذا ما يفسر اقدام الحكم العسكري المصري على وقف جميع القطارات القادمة الى القاهرة من مدن وقرى مصر المختلفة.
الفريق اول عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري والحاكم الفعلي لمصر ارتكب سلسلة من الاخطاء اولها عندما حرض المصريين المناهضين للاسلاميين الى التظاهر، للحصول على تفويض بمعالجة الازمة، وثانيها عندما استخدام القوة لفض اعتصام سلمي انتهى بمجزرة.
حتى لو افترضنا ان جزءاً من الشعب المصري اعطى الفريق السيسي تفويضاً الحل الازمة، فان هذه التفويض لم يكن من اجل سفك الدماء، وانما لايجاد مخرج سلمي يحقن الدماء ويحقق الاستقرار لمصر، ويوفر لقمة الخبز للفقراء والمسحوقين الذين قامت الثورة من اجلهم.
الازمة في مصر دخلت الدائرة الاخطر التي حذر منها الجميع، وهي الحرب الاهلية، وما يمكن ان يترتب عليها من فوضى دموية من الصعب، ان لم يكن من المستحيل السيطرة عليها، او التحكم بالنتائج التي يمكن ان تترتب عليها، بالنسبة الى مصر والمنطقة باسرها.
الاعلام المصري المؤيد للانقلاب يركز طوال الوقت على وجود اسلحة في يد المعتصمين، وهو اتهام غير صحيح وغير مسنود بالادلة، ولكن قد يصبح صحيحا اذا ما قرر الجناح المتشدد في التمسك بالثوابت الاسلامية وحق العودة للحكم، واللجوء الى السلاح فعلا والعمل تحت الارض، وهذا السلاح متوفر بكثرة في ليبيا وسناء والسودان وتشاد ودارفور، اي الجوار المصري.
نظام الرئيس مبارك لم يسقط في مصر مثلما تبين من ممارسات الجيش، والفريق السيسي يرتدي بزة الرئيس مبارك العسكرية الحقيقية، ويتبنى سياساته في موالاة امريكا وتنفيذ مخططاتها في المنطقة.
الثورة المصرية انتهت بل وئدت، وكذلك الثورات العربية الاخرى ولا مجال هنا لشرح الاسباب، والمنطقة العربية، وليس مصر فقط، دخلت في نفق طويل مظلم لا ضوء في نهايته، وامريكا ووزير دفاعها تشاك هاغل الذي كان يتصل يوميا بالفريق السيسي قبل الانقلاب واثناءه باعتراف الاخير، هي المسؤول الاول والاخير، والمنفذون ادوات محلية للاسف، والهدف في نهاية المطاف تدمير العرب ونهب ملياراتهم وترسيخ الكيان الاسرائيلي لعقود وربما لقرون قادمة، فهل نفوق من غيبوبتنا؟

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫17 تعليق

  1. نسيت يا عنوان او اخترت ان تتناسى دور دول الخليج و ملياراتها و بترولها الذي تستعملهما لتغيير خريطة الشرق الأوسط بما يتماشى مع مصالحها هذا على افتراض أنها تعرف مصالحها فالربيع العربي أصاب دول الخليج بالتخبط و الرعب فأولا دعموا استمرار مبارك ثم عندما رجحت كفة الثوره دعموا الثوره و لكنهم لم يعرفوا ان الثوره ستأتي بعدوهم اللدود (الإخوان) فدعموا الانقلاب و السيسي والآن بما ان ذنب السيسي لا يغتفر فمن ستدعم دول الخليج ؟؟؟؟؟؟ فإلى متى سنظل نلوم اسرائيل و أمريكا و نتجاهل لوم انفسنا و جيراننا و عجبي!!!!!!

  2. لا تـقـل الجـيش المصـرى ، هـذا ليس جيش مصـر
    لقـد أصـبح جـيـش أسرائيلى ..

  3. لا بد لهذا المدعو عطوان على وزن إخوان أن يناصر الإخوان ويدافع عنهم …ألم يكونوا على وشك بيع سيناء والتخلي عنها للأمريكان من أجل إقامة وطن للفلسطينيين الذين باعوا أرضهم لليهود ويناضلون فقط من الكباريهات في لندن وباريس والهرم…
    كنت احترمه فيما سبق ولكنه الآن أطل علينا بوجهه القبيح قبح الإرهاب الأسود الذي تمارسه جماعة الإخوان ضد الشعب المصري…
    وإذا كان هذا الشخص لم يرى بأم عينيه المسلحين في رابعة العدوية وهم يطلقون النار على القوات أو إحراقهم للكنائس وأقسام الشرطة فهو بذلك يكون في حاجة إلى من يقوده عبر طريق النور بعد أن أظلمت عيناه وأصبح أعمى البصر والبصيرة…
    الإخوان المسلمين ساعدو على انهيار الدولة وضياع هيبتها طوال عام مضى عبر تمكين أفراد الجماعة من وظائف الدولة أما بقية الكفار أمثالنا فلا يليق بهم سوى أن يكونوا عبيدا لسادتهم من الإخوان الأرقى خلقا وخلقة…هم من من الأجناس السامية…ونحن من القاذورات….هم الأعلى ونحن الخدام والعبيد…
    لقد نسي عطوان هذا كما نسي سادته من الإخوان أن السمو يكون بالإخلاق…وليس برفع الصوت واليد عندما نتحاور ونختلف…
    وإذا كان هذا المدعو عطوان أو غلطان أيا كان المسمى وطنيا لهذه الدرجة فلماذا هو هارب في بلاد الضباب؟…لماذالا يشمر عن سواعد الجد ويعود إلى وطنه ليقاتل المحتلين؟..ولكن الحياة المترفة التي يعيشها في بلاد الضباب تجعله لا يفط\كر سوى بتوزيع الإتهامات هنا وهناك لمن يدفع أكثر…
    الإخوان يا سادة أفسدوا في الأرض وكلنا أيدناهم على أمل أن يكون المستقبل أفضل على يديهم فإذا به يتحول إلأى مستقبل حالك السواد بفضل سوء إدارتهم للبلاد ومحاولتهم فقط تقوية شوكتهم وتمكنهم من مفاصل الدولة ليحكموا سيطرتهم عليه…ووالله الذي لا إله إلا هو لو بقوا بالحكم لسارت مصر نحو الهاوية ولمات الشعب المصري جوعا وعطشا من أجل أن تمتلئ جيوب الإجوان وتكبر كروشهم ومن أجل من باعوا وطنهم وأصبحوا غير قادرين على المقاومة سوى عبر الكباريهات والآن يبحثون عن وطن بديل لهم في سيناء وهذا لن يتحقق فكل تراب مصر محرم على غير المصريين ولن نفرط في حبة رمل من سيناء أو غيرها لأن مصر وطننا غال علينا ولن نبيعه كما باع غير غيرنا وطنهم والآن يبكون على اللبن المسكوب وعلى الوطن السليب.
    اتركوا مصر لأهلها فهم أدرى بمصلحتها وابحثوا فقط عن مصالحكم فجيش مصر وشرطتها لسوا خونة ولكنهم أكثر وطنية ممن اعتادوا على الخيانة وهربوا وتركوا أرضهم للمحتل….
    حفظ الله مصر رغم حقد الحاقدين وكيد الكائدين واربص الخونة والعملاء.

  4. المعتوهين فقـط والعـبـط هم اللى يصدقوامثل هذه الأشاعات : بيع سيناء وأيجار أبو الهول مفروش وبيع قناة السويس ..
    ناقص تقولوا مرسى ها يبيع بيتنا !

  5. محمد عبد الوهاب، وهو شاب في الخامسة والعشرين من عمره، كان يستعد لحفل زفافه في عيد الأضحى المقبل، قال لمراسل الأناضول بينما كان يشير لأحد القناصة الذي يرتدي زيا أقرب للسواد ومصوبا سلاحه: “لم نعد نهاب الموت، فليقتلونا ان شاءوا، لكن لن نترك لهم الميدان”.

    وتابع بلهجة متحدية : “كنت سأنتظر حتى عيد الأضحى ليتم زفافي، لكن قد أزف اليوم إلى الحور العين في الجنة”.

    وبحسب روايات استمع لها مراسل الأناضول من معتصمين، بدت النساء في حالة من الثبات ملفتة للانتباه، بل أن الأطفال أيضا بدوا على هذه الحالة.
    ————————
    و من حور العين ما قتل … يوم نقضي على هذا الفكر يبقى بنبني انفسنا و دولتنا ..
    انا مع عدم رفع السلاح و الاقتتال بين افراد الشعب الواحد و ما يقوم به الجيش المصري حاليا نقطة سوداء في تاريخه … لكن لا نلوم طرف واحد دون الآخر …
    أما حال مصر حاليا فلازلت فأحمل المسؤولية الكبرى للإعلام الغير المسؤول و قنوات الفتنة…. و تصبحوا على خير و على غد افضل

  6. المحلل الإسرائيلي ردان مارغليت:
    إن كان جيش عربي يقتل شعبه بكل هذه القسوة فلمَ يلوموننا على قتل الفلسطينين دفاعاً عن أنفسنا.

    لا تعليقfiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii

  7. تصدق يا سيد فوقي …أول مرة بصدق انه فيه شي أسمه غسيل مخ وهذا الذي مارسه إعلام العهر والفجور واليهود في مصر لكثير من المصريين وانت للأسف واحد منهم !
    (لست والله من الإخوان وإن كان شرف لي أن أنتمي إليهم لو فكرت في الإنتماء لأي فصيل سياسي…
    ماذا قدم مثلك الأعلى لمصر سوى الديكتاتورية وتكميم الأفواه وزوار الفجر والقتل والإغتصاب والسجن والتعذيب…والآن يأتي رئيس خلوق طيب تنقضون عليه كالكلاب…لم يضيع مرسي خيرات مصر في حرب قذرة في اليمن ولا حرب غبية غباء سياسيا وعسكريا في 1967 ولم يكمم الأفواه ولم ولم ولكنكن أيتها الكلاب النابحة لا تريدون الخير لمصر بل كل ما تطمعون فيه هو الكرسي…
    ماذا تريدون لمصر سوى الخراب؟)
    هذا جزء من كلامك لصباحي قبل إنقلاب 30 يونيو وكله صحيح 100 % وهو ما نفذه السيسي تلميذ العسكر … ديكتاتورية وتكميم أفواه وقتل وسجن وتعذيب ولسه الخير قادم على يديه …بالله عليك لم ترى صور ومجازر عصابة السيسي التي نفذها بالأبرياء في الإعتصامين هل هؤلاء إرهابيين كما روج إعلام الفجور ..وبما انه المعتصمين لديهم أسلحة لماذا لم يستخدموها ولم يقتلوا الأمن المدجج بالسلاح الذي أبادهم بالألاف وبقي 12 ساعة يطلق عليهم الرصاص ..يمكن محتفظين بالسلاح مخصوص حتى تدخل قناة الأون تي في وإعلام مصر المضلل ليصورهم !
    أما عن بيع سيناء وتوطين الفلسطينيين فيها فأنا أدعوك لقراءة مقال باسم يوسف بالشروق أمس اللي هو أكتر شخص كان يهاجم وكاره الإخوان …حتى تكتشف حجم الخديعة والضلال التي مارسها إعلامكم اليهودي
    شوف مين اللي صفق وشجع الإنقلاب غير إسرائيل و دول خليج اللي كانت تتباكى على حكم المخلوع مبارك ..!
    .يا خسارة على عقول المصريين ..يا أسفاه على ضميركم اللي مات واندفن تهللون لقتلة أبرياء وتدعونهم بالأبطال وتشتمون وتدينون الضحية ….ربنا سيحاسب كل إنسان على فعله وقوله وعلى سكوته عن الظلم ..وأقسم أنكم ستندمون على كل ما جرى وعلى سكوتكم بعد تكشف حجم الخديعة التي مارسها الإعلام وفلول مبارك عليكم وأتمنى انه ما يكون بعد فوات الأوان ..شكراً عبد الباري عطوان

  8. كيفك سعاد … صار حال المصريين يبكي بسبب الغفلة اللي عايشين فيها !

  9. أهلا نور أنا الحمد لله بخير عزيزتي شكرا ….ويارب يستر وبس على الشعوب العربية من فتنة الإعلام العربي ….والنفاق…

  10. اعلاميي مصر كانوا يلطمون مثل النساء على اخطأ صغيرة و قع فيها الأخوان و الآن بعد ما انقلب السيسي و ارتكب الفضائع بالمعتصميين السلميين لا نراهم ينطقون , يا جماعة الدجال مكتوب بين عينيه كافر و يغفل كثير من الناس عنها و يتبعه و الأعلام المصري دجال هذا العصر رسم و صورة كذبه مفضوح و نفاقه معلوم و اليوتيوب شاهد و مع ذلك هناك من يصدقه سبحان الله !

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *