الياس خوري – القدس العربي
جاء اغتيال المناضل التونسي شكري بلعيد ليدق ناقوس الخطر، فالقوى الصاعدة من اخوان وسلفيين حسمت امر علاقتها بالسلطة والمجتمع. كل السلطة لها، وعلى المجتمع ان ينحني وتتفكك مقاومته وتتشظى قواه الاجتماعية والسياسية.
سبق اغتيال بلعيد حملات طاولت الجميع وصولا الى المقامات الدينية التي يكرهها السلفيون تحت تأثير الوهابية السعودية- القطرية. كما سبقه الانفجار المصري الكبير، الذي اعلن انفصال السلطة السياسية الجديدة عن ميادين الثورة التي مهدت لها امكانية الوصول الى السلطة. وقد جاءت حادثة سحل المواطن حمادة صابر وتعريته وابتزازه في المستشفى وتهديده، اضافة الى الاعتداءات المشينة ضد النساء، لتشير الى اية هاوية تنحدر السلطة الإخوانية.
اضافة الى ذلك فإن ما تشهده سورية من استمرار النظام المستأسد في توحشه المطلق، الى جانب اشارات باتت مريبة تصدر عن بعض القوى العسكرية في الثورة، والتي وصلت الى حدود تمزيق علم الثورة السورية في سراقب، والى هذيان طائفي-ديني، بات يشكل الوجه الآخر للنظام الاستبدادي المقيت.
سوف يقول ‘حكماء’ ثقافة الخنوع انهم تنبأوا لنا بذلك، وان ما اطلقت عليه وسائل الاعلام الغربية اسم ‘الربيع العربي’، لم يكن الا نذير شتاء دموي قاس، وسوف يتلو علينا بعض المثقفين ممن صرفوا حياتهم في صوغ الانفصام بين الكلمات ودلالاتها مزامير التوبة والردة تحت رداء المواعظ العقلانية!
نعم هناك معارك طاحنة داخل معركة الثورات العربية مع الاستبداد. فبعد عقود طويلة من الحكم المافيوي المغطى بكلامولوجيا ثورية وتحديثية، كان من الطبيعي ان تنفجر احشاء الثقافة العربية، وان تواجه المجتمعات العربية الأسئلة المؤجلة منذ خمسين عاما.
جاء الاخوان الى السلطة في مصر وتونس، ليس لأنهم قادوا الثورة وصاغوا برنامجها السياسي والاجتماعي والثقافي، بل على العكس من ذلك. وصل هؤلاء الى السلطة لأن الثورات كانت بلا برامج ولا قيادات. ثورات جاءت من اعماق اليأس من كل شيء، فكسرت المحرمات وانطلقت كالسيل في الشوارع. جاءت الثورات العربية لتذكّر العرب بأنهم شعوب حيّة، فكانت اشبه بيقظة الحياة فينا.
كانت ميادين الثورات اشبه بساحات الحلم، رغم القمع الذي وصل الى ذراه في قمع المتظاهرين في درعا وحمص وحماه، ولم يكن هناك قيادة تستطيع تسلم السلطة، فنشأت المرحلتين الانتقاليتين الملتبستين في تونس ومصر، بينما قام النظــام الدموي في سورية، بتحويل ميادين الثورة وساحاتها الى حقول للقتل.
انفجرت الثورات حين لم يكن احد مستعدا، فلقد اضاعت النخب الفكرية والسياسية العربية عشرين عاما من دون ان تستخلص عِبَر سقوط الاتحاد السوفياتي، ومعاني الأفق الديموقراطي وسبل مواجهة الغطرسة الاسرائيلية، وبناء دولة المواطنين الأحرار على انقاض دولة الرعايا والعبيد.
لم تتردد اغلبية نخب تونس ومصر وسورية في الالتحاق بالثورة رغم انها كانت تعرف انها تدخل مع هذه التجربة مدرسة التاريخ من جديد. الثورة بهذا المعنى خيار واضح لتغيير جذري غير مرتسم الملامح، لذا كان من المستحيل تلافي المطبات المقبلة، وكان من الضروري الانصراف وبجدية الى صوغ شرعة اخلاقية جديدة للثورات العربية.
لكن الزمن لا ينتظر، لقد وصل الاخوان الى السلطة، وهذا بالطبع ليس نهاية المطاف. ولكنهم بدل ان يفهموا دروس الثورة الجديدة، عادوا الى الوراء، الى الماقبل. في مصر عادوا الى ما قبل الناصرية وكأنهم ينتقمون من زمن لم ينصفهم، وفي تونس عادوا الى ما قبل البورقيبية، وفي سورية يريدون العودة الى ما قبل المملكة الفيصلية. يترافق ذلك مع نَهم الى السلطة لا يشبع. فهؤلاء مصابون بكبت سلطوي منذ ان اعتقدوا ان الضباط الأحرار سرقوا منهم انقلاب ثورة 23 يوليو. وكبتهم السلطوي يجعلهم يتعامون عن الحقائق الجديدة التي انتجتها الثورات.
كنا نتمنى ولا نزال نتمنى ان لا تُخاض المعركة اليوم تحت شعارات الهوية. فالثورة انفجرت من اجل الحرية والخبز والديموقراطية، وليس من اجل اي شيء آخر. كنا نتمنى ولا نزال ان يتشكل توازن اجتماعي يكون الاسلاميون جزءا منه، فالحرب الاستئصالية التي خاضتها بعض الأنظمة الاستبدادية ضدهم كانت مشينة وتافهة واجرامية، لكن للأسف فإن الدم يسيل في شوارع مصر، ودم الشهيد شكري بلعيد يستصرخ الضمائر.
المعركة صارت حتمية، فهناك عماء مموّل مصنوع من النفط والغاز والمطامع الغربية، وهذا العماء لا يريد حدا ادنى من التوافق الاجتماعي، يحفظ للمواطن الفرد حريته وكرامته.
والمعركة، وهذا ما يجب ان نعيه جيدا، ليست استئصالية، بل هي معركة ضد الفكر والممارسة الاستئصالييين، وهدفها التأكيد على استمرار الثورات العربية، واستمرار المد الذي صنعه حلم التغيير، عبر اجبار الاستئصاليين على التراجع، وذلك عبر بناء برنامج وطني سياسي اجتماعي ثقافي ينطلق من فكرة العدالة. العدالة كقيمة تحمي الحقوق الفردية، والعدالة الاجتماعية كأفق لبناء اسس المجتمعات الجديدة.
هنا في هذه اللحظات الصعبة والخطرة، حيث ترنو الأفئدة الى الثوريين التونسيين والمصريين اللتتين تواصلان مسيرتهما المجللة بدماء الشهداء، يجب ان لا ننسى سورية، حيث تدور المعركة الحاسمة بين الاستبداد والحرية. هناك يعتقد المستبد السوري انه نجح في تدمير الثورة عبر الباسها ثوب ‘الارهاب’، ويشاركه المستبد العربي من موقع آخر في محاولة افراغ الثورة من مضمونها الديموقراطي والأخلاقي، هناك رغم انفجار السلمية الاجرامي بل بسببه، يواجه السوريات والسوريون بشجاعتهم الاسطورية محاولات وأد حاضرهم من قبل الاستبداد الذي يتعامل مع الشعب السوري بوصفه عبدا ابديا في مملكة الصمت التي اسسها حافظ الأسد.
هناك في سورية يكشف النظام النفطي العربي وسيده الامريكي عن خبثه واحتقاره للشعوب، عبر مساعدات لا تذهب الا لقوى معينة هدفها من الثورة قتل الثورة او لا تأتي ابدا.
ما يبدو اليوم وكأنه معركة فاصلة ليس كذلك، انتهت ازمنة المعارك الداخلية الفاصلة، المعركة اليوم في تونس ومصر وسورية، رغم اختلاف الظروف، هي معركة استمرار الثورة. هذا الاستمرار لن تحميه سوى سواعد الثوريين الذين يؤمنون بمدنية المجتمع وفصل السلطة عن الدين ويبنون افقا للعدالة الاجتماعية.
والمعركة طويلة وربما لا نزال في بداياتها.
” وصولا الى المقامات الدينية التي يكرهها السلفيون تحت تأثير الوهابية السعودية- القطرية. ”
لو تكرمت اشرح لي هذي ما فهمتها ؟
المعـركة لسه طويلة عندنا، واحنا فعلاً فى البداية، وإن شاء الله النهاية تكون سعيـدة.
وهل تعتقد ان هؤلاء الذين يدعون انهم حماة الثورة الذين يستعينون بالبلطحية والصعاليك ويسمحوم باغتصاب الحراءر هم من يحمي الثورة ويريد الحكم مع الفلول وعملاء امريكا واسراءيل التي تعادي الاسلام وهؤلاء الاعلاميين الفاسدين الذين يشوهون الثورة والاخوان 0الاخوان لا يقتلون ولا يغتصبون يعتبرون هؤلاء الحراءر اخواتهن ولكن البلطحية هم من يفعلون ذلك لانهم لا ضمير عندهم وقد قبضوا ثمن حراءمهم 0وفعلا معركة الحق مع الباطل طويلة ولكن النصر باءذن الله للحق والاسلام 0