كتب سركيس نعوم في النهار اللبنانية:
لا يعتقد المرجع “الإسلامي” المزمن أن المملكة العربية السعودية تمتلك مشروعاً جدياً ومفصّلاً لحل الأزمة السورية أو بالأحرى لتمكين الثائرين على نظام الأسد من الانتصار. فهي “مريضة، في رأيه، وحكامها طاعنون في السن. طبعاً يتسلّم الأمراء الشباب في عائلتها الحاكمة السلطة بقرار من كبارهم. وكل هؤلاء أو على الأقل معظمهم متخرجون من جامعات أميركا ويعملون معها. وأنا لا أعرف إذا كان عندهم (أي الشباب) خطة مفصّلة وواضحة وجدية لسوريا. ومن شأن ذلك كله إطالة الحرب الدائرة فيها والتسبب بتقسيمها أو بالأحرى بتفتيتها. وطبيعي أن ينتقل لاحقاً التقسيم أو التفتيت إلى لبنان. والتقسيم ربما يحصل إتفاق عليه، إما بين القوى الدولية الكبرى وربما بين القوى الاقليمية كما بين القوى السورية المتقاتلة. أما التفتيت فإنه يكرّس استمرار القتل والعنف وسفك الدم والتدمير”.
لكن المملكة العربية السعودية تؤمن بأن خطر الجمهورية الإسلامية الإيرانية عليها، كما على الخليج كله وسائر الدول العربية، كبير جداً. ولذلك قررت تصدُّر مواجهتها في سوريا ولبنان حيث لها “حليفان” هما نظام الأسد و”حزب الله”.
يردّ المرجع “الإسلامي” اللبناني نفسه على ذلك بالقول: “إن خطر إيران الإسلامية على السعودية وهمي. وإيران هذه لم “تدق” حتى الآن بالسعودية مباشرة. وربما تخشى “الدق” بها على النحو المشار إليه لأنها تعرف أن أميركا ستعتبر ذلك “دقاً” مباشراً بها. وهذا ما لا تسمح به. فضلاً عن ان إيران على رغم قوتها العسكرية والمبالغة في حجمها التي يقوم بها إعلامها والإعلام العامل معها في العالمين العربي والإسلامي، ليست في وضع مرتاح. فهي غير مرتاحة سياسياً. وغير مرتاحة مادياً واقتصادياً بسبب العقوبات المفروضة عليها دولياً وأميركياً وأوروبياً. والتقارير التي تصل إلينا كما إلى غيرنا عن إيران الداخل تشير إلى أن الشباب فيها غير ملتزم كل موجبات النظام الديني الحاكم فيها. وتشير أيضاً إلى أن التزام هذه الموجبات يقتصر على رجال الدين. وتشير ثالثاً إلى أن الفساد مستشرٍ بين رجال الدين فيها. وقد أُنشِئت في إيران محكمة خاصة للنظر في فضائح رجال الدين وفسادهم، وذلك حرصاً من قادة النظام على عدم إطلاع الشعب الإيراني العادي على ما يجري في صفوف علمائه ورجال الدين من ممارسات غير قانونية وتلافياً لمدّه أو على الأقل لمدِّ المعارضين منه للنظام القائم أو الراغبين في إصلاحه مادة يستطيعون بواسطتها استقطاب الناس. وتشير رابعاً إلى أن أحداً في إيران، وخصوصاً من الجهات المتنوعة التي تُكوِّن النظام فيها، لا يعرف مَن سيخلف الولي الفقيه آية الله علي خامنئي في حال إستحْارة الله له، والى أن خلافته قد تثير مشكلة لا يمكن حلها إذا تفاقمت إلاّ بتأليف مجلس من خمسة أعضاء يتولى مهماته ويمارس صلاحياته. وتشير التقارير إياها خامساً إلى أن الإمكانات المالية لإيران تضاءلت. إذ كانت تدعم في السابق “حركة حماس” الفلسطينية، أي في عز التحالف بينهما، بمبالغ طائلة. لكنها لم تكن تعلن الا نصف المبلغ الداعم تلافياً لإغضاب قسم كبير من شعبها الذي قال أكثر من مرة علانية ومباشرة ومداورة: “لماذا كل هذه الأموال لـ”حماس” ولـ”حزب الله” فيما نحن محتاجون. وتأكيداً لذلك قال قبل أشهر عدة خامنئي لصحافي عربي “عريق” مؤمن بإيران الإسلامية و”حزب الله” ونظام الأسد، كان يومها في طهران، إنه أمر بإرسال مبلغ مالي مهم جداً إلى حكومة غزة أي إلى “حماس”. لكن الإعلان عن ذلك أشار الى نصف المبلغ المُرسَل. طبعاً لا يعني ذلك كله، في رأي المرجع “الإسلامي” اللبناني نفسه، أنه يبخس إيران قيمتها وقدرها، إذ فيها أمران غير موجودين عند العرب هما القومية الفارسية والتعلق بها، والدين الإسلامي على المذهب الشيعي والتعلق به”.
ماذا عن وقف إيران مساعداتها المالية لحركة “حماس” بعد تأييدها الثورة الشعبية السورية على نظام الأسد؟ وهل استأنفتها جزئياً أخيراً بعد زيارة لطهران ولقاء مع مسؤولين فيها أجراه العضو القيادي “الحمساوي” محمود الزهار؟ وتردَّد أن قيمة الدعم كانت نحو 20 مليون دولار أميركي احتاجت اليها “حماس” لدفع الرواتب في القطاع.
ملاحظة: وضع أحدٌ ما كلمة “هو” أمام كلمة “صديقٌ” في السطر الـ22 من المقطع الاول و”الطويل” في العمود الثاني من “الموقف” يوم أمس، فتغيّر المعنى.