(CNN)– اجتاحت حملة أخلاقية لإنقاذ النساء المسلمات المضطهدات من ثقافاتهن وديانتهن، الرأي العام الكوني مذيبة الفروق بين المحافظين والليبيراليين والمدافعين عن المرأة والمدافعين عن النوع البشري.
لقد بررت تلك الحملة كل أساليب التدخل من القانوني إلى العسكري، ومن الإنساني إلى غير ذلك ولكنها حجّمت من المرأة المسلمة لتجعل منها شيئا نمطيا فردانيا محولة إياه إلى مثال ثقافي مصنوع داخل ديناميكيات سياسية وتاريخية معقدة.
وباعتباري أنثروبولوجية، قضّت عقودا في البحث حول ومع النساء في عدة تجمعات بشرية في الشرق الأوسط، وجدت نفسي عرضة للارتباك المتزايد بشأن هوسنا بالمرأة المسلمة.
ومنذ 2001، وعندما تم تقديم الدفاع عن حقوق المرأة المسلمة تبريرا عقلانيا للتدخل العسكري في أفغانستان، حاولت مقاربة ما أعرفه وأنا طالبة بشأن تاريخ النساء والحركة النسوية في العالم الإسلامي وتجارب شخصية عديدة لعدة نساء، مع مخزون صور النساء المسلمات التي يتم قصفنا بها يوميا هنا في الغرب.
وخلال العقد الماضي، تم تقديم النساء المسلمات بدءا من الطفلة اليمنية نجوم علي-التي يعد كتابها “أنا نجود عمري 10 سنوات ومطلقة” والذي مثل الكثير غيره شاركت في كتابته صحفيات غربيات- إلى ملالا يوسف زي، على أنهن ضحايا الحجاب والزواج القسري وجرائم الشرف والاستغلال العنيف. لقد تم تقديمهن على أنهن يعانين من نقص في الحقوق بسبب الإسلام.الآن خذو
ا الحجاب مثلا، فقد فوجئنا لكون غالبية الأفغانيات لم ينزعن حجابهن بعد أن تمّ “تحريرهن” بعد أن كنّ يُعتبرن ضحايا الاضطهاد في الغرب. ولكننا الآن بصدد خلط التحجب بانعدام الوكالة. فما لم يره الكثير منا أنه قبل 30 سنة، وصفت الباحثة هانا بابانك البرقع بـ”العزلة المتنقلة” حيث أنّ الكثير من النساء كنّ يعتبرنه وسيلة مبتكرة للتحرر لأنه يسمح لهن بالتحرك والتنقل من العيش في مكان عزل وتفرقة ضمن ثقافة فصل النساء عن الرجال وهي نفس الثقافة المستمرة حتى بعد “التحرير.”
ويرتدي الناس في جميع أنحاء الكرة الأرضية اللباس الذي يلائم معايير مجتمعهم المشتركة والمتفق عليها، ومعتقداتهم الدينية والمقاييس الأخلاقية. وإذا كنا نعتقد أنّ الأمريكيات يعشن بعدة خيارات تتعلق بأسلوب اللباس، فلن نكون بحاجة إلى النظر أبعد من معاييرنا المتعلقة باللباس وأيضا إلى ما تمليه واستبداد الموضة.
أما بالنسبة إلى ملالا فقد كانت ضحية عنف مرعب من طالبان ولكن حق البنات في التعلم لا يتعارض مع الإسلام وهما ليسا على خلاف فيما يتعلق بهذا الموضوع، مثلما يرى الملحد سام هاريس الذي توجه بتحية لها لأنها رمز للانتفاضة ضد “الإسلام التقليدي.”
وعبر مختلف الدول المسلمة، ولأجيال عديدة تذهب البنات إلى المدارس مثل الأطفال وفي باكستان، ما يؤثر سلبا في تعليم الفتيات هو الفقر وعدم الاستقرار السياسي، ولكن أيضا حقوق الأطفال الذكور أيضا.
والآن في المناطق الحضرية، تنهي الفتيات دراساتهن الجامعية بمعدل معادل تقريبا للذكور وهنّ أقل من الذكور بنسبة ضئيلة جدا فقط عندما يتعلق بالمستويات الدراسية الأعلى.
وفي عدة دول عربية، وفي إيران، تفوق نسبة الفتيات في الجامعات نسبة الذكور. وفي معاهد الهندسة والطب في مصر، تفوق نسبة الفتيات نسبتهن في الولايات المتحدة.
والمفهوم اللغوي للحقوق لا يمكن أن يستوعب تعقيدات الحياة التي نعيشها، فهل حق فتاة صغيرة في أحد أرياف الدول العربية يتعلق حقا باختيار زوجها وكيفية توفير حياة أفضل لأطفالها؟ ولا أعتقد أنّه من المنصف أن تلخص إحداهن كل حياتها في شروط ممارسة حقوقها وحريتها. ليست تلك الشروط التي نفهم بها حياتنا أخذا بعين الاعتبار أننا ولدنا في أسر لم نخترها ونشق طريقنا في هذه الحياة لتحقيق أهداف تلبي طموحاتنا في خضم اقتصاديات فاشلة وفي خضم ثقافة الاستهلاك الرأسمالية وارتكاب أخطاء أخلاقية لا خيار لنا سوى أن نتعايش معها.