كتب راجح خوري في النهار اللبنانية:
لم يكن السؤال الذي طرح على جون كيري في لندن “افتراضياً” كما زعمت الخارجية الاميركية، بل كان مدخلاً الى المخرج الذي اتفق عليه في كواليس قمة العشرين، لتفادي الضربة العسكرية لسوريا مقابل تسليم الاسد ترسانته الكيميائية، وبما يخدم كل الاطراف ويحفظ ما تبقى من ماء وجوههم الكالحة!
هناك من فبرك السؤال “كيف يستطيع الاسد تفادي الضربة العسكرية”؟ ليكون كيري جاهزاً فلا يتأمل ولو للحظة ومن دون تردد يجيب: “يمكنه ان يسلّم سلاحه الكيميائي الى المجتمع الدولي في خلال اسبوع ومن دون ابطاء، لكنه لن يفعل ذلك”!
الخارجية الاميركية اعلنت ان كلام كيري “كان تصريحاً وليس اقتراحاً” لكنه في الواقع كان بوابة للدخول الى الصفقة – المخرج المتفق عليها، والتي تخدم الجميع، لانها توفر على اوباما فضيحة إطلاق التهديدات والعجز المؤكد عن تنفيذها في بلد مستقيل من الحروب، بما يضع صدقيته وصدقية اميركا على المحك، وتوفّر على روسيا الجلوس والتعرّق في موقف العاجز الذي يكتفي بمراقبة قصف الحليف السوري، بعدما اعلنت انها لن تخوض الحرب دفاعاً عن احد، وتوفّر على المنطقة خطر توسّع الحرب، وتوفّر على طهران وتل ابيب حمّى الخوف من المواجهة، التي قد تمتد الى مسألة النوويات الايرانية، وتوفّر على الاسد الانهيار المحتم، وتوفّر على المعارضة الموت بالكيميائي حتى لو استمر الصراع!
كان كل شيء جاهزاً، وليد المعلم وأركان الخارجية السورية ينتظرون في موسكو مع بيان الموافقة على تسليم السلاح مكتوب سلفاً، وقد قرأه امام العالم لترسيخ تلافي الضربة، بعدما كان سيرغي لافروف قد رد في اقل من ساعة [ويا للمسخرة] على كلام كيري داعياً سوريا الى تسليم الترسانة وهي كانت موافقة سلفاً “حرصاً على أرواح مواطنينا”، ويا للوقاحة بعد سقوط اكثر من مئة ألف قتيل!
والكونغرس أجّل التصويت على ضربة لم توضع حتى على الرف بل ألقيت في سلة المهملات، ومسألة تسليم الترسانة تتطلب آليات معقدة تحتاج الى سنوات، والسؤال الاهم من كل هذا، ليس كيف حوّل اوباما اميركا من امبراطورية الى مسخرة، بل هل سيتم جلب بشار الاسد الى جنيف للتوقيع على التخلي عن السلطة بعد ثلاثة اشهر، لتبدأ عملية الانتقال السياسي، ام ان تسليم الكيميائي بوابة لاستمرار القتل في ذلك المسلخ الذي تديره موسكو وواشنطن؟
في الانتظار أتوقف عند تصريح كيري في باريس قبل يومين، عندما شبّه بشار الاسد بهتلر وصدام حسين، لأقول انه قياساً بالارتجال وبالتناقضات التي تغلب على السياسة الاميركية حيال مذبحة الكيميائي: هل ان شارلي شابلن هو من يدير البيت الابيض في هذه الايام البائسة؟!

[email protected]

شارك الخبر:

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *