كتبت فوزية سلامة في الشرق الأوسط:
رُوي عن أحد الحكام أنه سُئل عن أمر يجعله يتنازل عن نصف ملكه، فقال: شربة ماء إن كنت شديد الظمأ.
تلك هي أهمية الماء الذي نشربه ونغتسل به ونصطاد السمك من أعماقه ونسبح فيه ونطهو الطعام بمعونته. ندرته تؤدي إلى الجفاف، والجفاف يؤدي إلى المجاعات والأمراض. قوة دفعه مولدة للطاقة، ولكنها يمكن أن تؤدي إلى الفيضانات وتدمير الحدود والسدود والبيوت. ولا يمكن للحياة أن تستمر من دونه. وربما لتلك الأسباب ابتهج العالم حين اكتُشف الماء على سطح كوكب المريخ.
الماء سائل لا لون له ولا طعم ولا رائحة، موجود أينما نظرت. هذا السائل يلازمنا في الحياة، منذ أن يتخلق الجنين في الرحم، وإلى أن تنتهي حياته في الكهولة أو الشيخوخة أو حتى في الشباب إذا قُدّر له. إنه سائل يشكّل 70 في المائة من الجسم البشري، و70 في المائة من الدماغ، و90 في المائة من الرئتين. كما أنه يحيط بالأرض التي نعيش عليها بنسبة 70 في المائة. خواصه المعروفة علميا هي أنه يتكون من ذرتين من الهيدروجين ملتصقتين بذرة واحدة من الأكسجين.
ما سبق من المعلومات متداول ومعروف.. فما الجديد إذن؟
حكايتي اليوم بدأت في منتصف القرن الـ20، وتحديدا في عام 1956 في جنوب شرقي آسيا، حين اجتمعت كوكبة من العلماء للتشاور في ابتكار سلاح بيولوجي فتّاك يمكن أن تبلغ قوته التدميرية أعلى المستويات في حال نشوب حرب جديدة. جلس العلماء في مكان مغلق للتشاور، وأمام كل منهم قارورة من الماء. وامتد النقاش ساعات طويلة من دون أن يدخل جوف أحدهم شيء سوى الماء. وفجأة ظهرت عليهم بلا استثناء أعراض التسمم، ونُقل الفريق كله إلى المستشفى للعلاج. وكان من الضروري إجراء تحقيق تضمن اختبار محتويات قوارير الماء، التي تناولها فريق العلماء. وأسفر التحقيق عن أن خواص الماء عادية ولا يوجد أثر لمواد سامة. وهنا يمكن أن نفترض أن السحر انقلب على الساحر. فقد كان الفريق يعمل جاهدا على ابتكار سلاح تدمير للحياة، فإذا بالماء بإذن خالقه يحوّل تلك الطاقة السلبية التدميرية إلى بطون أبطال المخطط الجهنمي، في سرية تامة يلفها الغموض.
بالطبع أثار الحادث فضول عالم ياباني فضّل أن يحتفظ بأفكاره لنفسه إلى أن تجري التجارب التي عزم على إجرائها. كان السؤال المحير الذي بحث عن إجابة له هو: هل للماء ذاكرة؟ هل يختزن الماء ذبذبات الطاقة السلبية أو الإيجابية، حسب البيئة التي يوجد فيها؟
وحين أخذت قطرات من ماء تناوله عدد من الطلاب، وتعرضت تلك القطرات للفحص المجهري، اكتشف العالم الياباني أن قطرات الماء تحت درجات حرارة منخفضة تتحول إلى تشكيلات مرئية، وأن كل قطرة ماء تختلف عن نظيراتها بسبب تعرضها لأنواع مختلفة من الطاقة اختزنتها نتيجة لتعرضها لذبذبات تختلف باختلاف الأشخاص. وكان بعضها جميلا وبعضها ظهر قبيحا أو مشوها، واستخلص العالم الياباني من تلك التجربة أن للماء ذاكرة حية تحمل الطاقة التي نتأثر بها.
وفي اليابان، استمر البحث عن خواص الماء. وفي تجربة أخرى، وضعت بعض حبات من الأرز في ثلاث قارورات من الماء الصافي في معمل واحد. وزودت أولى القارورات بملصق كتبت عليه عبارات نابية. وعلى الثانية كتبت عبارة إطراء، وتركت الثالثة بلا تعليق.
بعد فترة زمنية محددة لوحظ أن حبات الأرز داخل القارورة التي أُلصقت عليها عبارة نابية تلفت وتحللت وتكدر لون الماء بداخل القارورة، وانبعثت منه رائحة كريهة. أما القارورة التي أُلصقت بها عبارة الإطراء فقد نمت حبات الأرز بداخلها وأزهرت. وظلت حبات الأرز داخل القارورة الثالثة التي تُركت بلا تعبير سلبي أو إيجابي هي والماء الذي احتوت كما هي بلا تغيير يُذكر.
وانطلاقا من تلك النتائج، تكررت التجربة؛ فوضعت كميات من الماء في قارورتين بلا إضافات للماء. وألصقت بكل منها عبارة. كانت العبارة الأولى هي عبارة شكر للماء الذي يروينا ويحمينا بأمر الله. وكانت العبارة الثانية عبارة فيها كثير من الإهانة والسباب.
بعد أيام، اكتشف العلماء أن العبارة المهينة تسببت في تغير لون الماء الذي فقد شفافيته ونقاءه. وظل الماء داخل القارورة الثانية صافيا عذبا. ومن ذلك تأكد أن للماء ذاكرة تتأثر بالطاقة الإيجابية قدر تأثرها بالطاقة السلبية.
أي سحر هذا وأي إبداع؟ وهل أوتينا من العلم إلا قليلا؟
منذ قرأت تلك الأبحاث، وعلى الرغم من أنني لا أتمتع بخلفية علمية تؤهلني للحكم على الظواهر العلمية، لم أشرب كوبا من الماء إلا وشكرته، ولم أنعم بالاغتسال تحت رشاش متدفق من الماء النقي إلا وشعرت بالحمد والخشوع لمن خلقني، وجعل من الماء كل شيء حي.