كتبت جمانة حداد في النهار اللبنانية:
لبنان- وكالات: “امرأة قتلت زوجها بضربه بطنجرة البرستو على رأسه لأنه تجرأ أن يجادلها في شأن زوجها الثاني”.
مصر: 91 في المئة من الذكور يخضعون لتشويه أعضائهم التناسلية بسبب التقاليد والأعراف الدينية، ومنهم من يموت جراء النزيف أو المضاعفات الصحية الناتجة من ذلك.
السعودية: لاقى طالب جامعي حتفه جراء تعرضه لأزمة قلبية بسبب عدم السماح لسيارة الإسعاف بالدخول الى حرم الجامعة المخصصة حصراً للرجال.
الآن، أجيبوني: هل كنتم لترغبوا بالعيش في عالم مماثل؟ هل كنتم لتقبلوا؟ لترضخوا؟ لتسكتوا؟ لـ”تضبضبوا” أخباراً مماثلة خوفاً من العيب والفضيحة؟ هل كنتم، خصوصاً، لتتحملوا أن يقال لكم: “كفى حديث عن حقوق الانسان والمساواة بين البشر! شو بالكم فاضي!”؟
حسبي أن لا. بل أسمح لنفسي بأن أزعم: بالتأكيد لن ترغبوا، ولن تقبلوا، ولن ترضخوا، ولن تضبضبوا، ولن تتحملوا. فلماذا، إذاً، “تستكثرون” على المرأة اللبنانية، الاحتجاج والرفض؟
قال لي أحدهم، بكل وقاحة، قبل يومين ثلاثة، متحدثاً عن جريمة قتل منال العاصي: “أنت متحيّزة. هل أخذت دقيقة من الوقت لتفكّري كم تراها استفزّته لكي يصل به الأمر الى تنفيذ عمل مماثل؟”.
لا يا سيدي، لم – ولن – آخذ دقيقة من الوقت لأفكّر في ذلك. ولا نصف دقيقة. ولا حتى ثانية واحدة. لأنني قرفتُ من تكتيك إلقاء اللوم على الضحية في الذهنية البطريركية. ولأن ما تقوله معيب وشائن ورخيص، وجريمة في ذاته: أنت، وأمثالك، تغتالون من لم يعد لديه حتى القدرة على الصراخ. قاتل الجثة مجرم بقدر مزهِق الروح، إن لم يكن أكثر. لنعد الى طنجرة البرستو، والى التخاذل البذيء في إقرار قانون “مثل الخلق” يحمي المرأة اللبنانية، من العنف، بشكل حازم، ومن دون تدوير زوايا لغوية متحذلقة.
قانون يعاقب المعتدي بمعزل عن صلة القرابة التي تربطه بالضحية وما يمكن أن توحي به هذه الصلة من “مونة” و”امتلاك” في مجتمعنا الذكوري. لماذا لا يتحقق هذا المطلب؟ الجواب بديهي: بعض الجهات الدينية ترى في قانون مماثل نيلاً من نفوذها، واعتداءً على نصوصها واجتهاداتها وتأويلاتها الدينية.
لبنان- وكالات: “نزلت مئات الألوف من النسوة اللبنانيات الى الشارع، ورحن ينهلن بالضرب على رؤوس زعماء الطوائف والمذاهب بطناجر البرستو”.
قد ترون في سيناريو مماثل احتمالاً مستحيلاً. أو كلاماً مضحكاً. أو تصرفاً متطاولاً على الحرمات.
أنصح إليكم بعدم الاطمئنان: فطناجر البرستو، كما نعلم جميعاً، معرّضة للإنفجار.