كتبت فاطمة عبدالله في النهار اللبنانية:
لسنا ندري أشلاء من ستتطاير في التفجير المقبل، فمنذ مدّة، لم تعد لأرواحنا قيمة. أمسينا ضحايا. مشاريع جثث تحترق على مرأى الملايين عبر الشاشات. وكلما وقع تفجير، وُقِتنا كالآلات: نستنكر ثم يعود كل شيء على ما يرام.
تساوى في التسبّب بالقهر، استشهاد الوزير الأسبق محمد شطح، وتوزّع مواطنين بين جرحى وشهداء. كانت “المستقبل” أول الواصلين، وعنها نقلت الشاشات، فإذا بالجميع يكرر معزوفة الاعتذار، فالجثث التي صُوِّرت بدت متفحّمة، وبعضها تتصاعد منه النار. ذكّرنا صباح أمس ان الموت قادر على تشويه العيد. اعتذرت LBCI: “لا يمكننا التحكّم في الصور”، فكاميرا “المستقبل” كانت تبحث عن أشلاء باعتبارها السبّاقة. علينا، بالإكراه ربما، ان نعتاد كون اللحظات الأولى للتفجيرات لبشر يحترقون، فالشاشات ستعتذر لتُبرّئ نفسها، وينتهي الأمر. الويل على أم تتابع، فتلمح جثة مُتفحِّمة في مكان وجود ابنها. ثم يُعاد المشهد. وإن كان للجثة ان تنطق لصرخت: “يا إمي، ابعدي المتطفّلين عني!”.
ولمَ نستغرب ان تقول نانسي السبع لكريستين حبيب: “المواقع ووسائل التواصل الاجتماعي تؤكد خبر استشهاد شطح الذي كنتِ أول من أعلنه”! أحقاً يعني المُشاهد إن كانت حبيب أول من أعلنت الخبر؟ أو “الجديد”؟ أو حتى القناة العاشرة الاسرائيلية؟ مات من مات، وجُرح من جُرح، واحترق القلب، ألا يكفي ذلك لندرك حجم خسائرنا؟ إننا في الواقع كائنات تافهة تلهو بالتفاصيل. ثم يُصبح الخبر العاجل في أسفل الشاشات: “ميقاتي قطع زيارته الى الخارج، ويعود للتشاور مع رئيس الجمهورية”. ينبغي على “الكبار” ان تُقدَّر تضحياتهم من أجلنا، وها عاجلٌ آخر: “الوزير مروان شربل يتفقّد موقع التفجير”! الانفلات الأمني يُجرجر رؤوساً الى المحاكم. هنا يُرقَّع.
الدماء على الأرض تُصوَّر، والبعض يستعيض عن الجثة بالبقع المُتساقطة منها. هم أنفسهم المستنكرون والعاجزون ومن يتوقعون المزيد. ساعات من البث، والكلام هوَ اياه، وأحد المحللين عبر NBN أصاب طرحُه: “من يستهدف المقاومة”؟! أكملت LBCI البرمجة بعد نشرة أخبار الظهيرة: “روبي”، فالكرواتي “لارا”، ثم “باب الحارة”. نوضع أمام أسوأ احتمالين: الثرثرة أو السخافة. ولاحظنا ان “المنار” لم ترفع في أعلى الشاشة “دعاء” المصائب: “الرحمة للشهداء، والشفاء للجرحى”. MTV، “الجديد”، و”المستقبل”، و OTV، استمرّت تستقبل محللاً وتودّع آخر، ففي بؤس هذا الزمن، وحده الكلام يملأ الهواء. المهمّ ان “تلفزيون لبنان” لم يفوّت علينا فقرة الـ”بست سيلير”.
نُدرك ما ينتظرنا ليلة التفجيرات: حلقات سياسية مباشرة فيها يُكرر بعضهم أقوالاً حفظناها. ولعلّنا مُلامون أيضاً، فلم ننفكّ يوماً عن مطاردة الإثارة. وإن ارتأت شاشة بثّ موسيقى كلاسيكية، نجدنا ننتقل الى شاشة أخرى تعرض بقايا جثث. هي الرغبة في ان يكون كل ما حولنا صاخباً. نرفض لاأخلاقية التعامل مع الموت، إنما عيوننا لا تبرح تُحدّق في الجثة. عوّدتنا الشاشات اننا جماهير سلبية، يُملى علينا ما نشاهده، فنحن مستوعبات. وككل المرات، تختار النشرات المسائية مقدّمات الموت “المميزة”، وتطلّ المذيعات بالأسود، ثم نجد المقدّمين أعدّوا لحلقة “خاصة” تمتلئ بالكلام، والمواقف، والتُهم، والتخوين والمزايدات. نشاء أحياناً لو اننا جدار، أو حجر في زاوية، فلا نتألم. والدة الشهيد محمد طارق بدر، مرافق الشهيد شطح، راحت تبحث عنه في المستشفيات. رجته ألا يموت. ولما سُئلت عن شعورها، تاهت نظراتها: “شعوري؟ شو بدي خبرك عن شعوري”.
والله أصبت في كل كلمة كتبتها اناملك يا فاطمة
فعلاً يا محايدة أنا شاعرة و متألمة لأبعد الحدود عن كل كلمة كتبتها فاطمة هي بالنهاية لبنانية متلنا و وجعها هو وجعنا
خلص الكلام يا محايدة و الى اللقاء في تعليق آخر عن تفجير آخر ٠٠
ما بعرف ليش إخترتي لقب مغتربة ما بحب هاللقب مشان هيك بكتب إسمك دائماً محايدة إن شاء الله تضلي بخير مع عيلتك
ما بحب اتطفل عليكِ بس بشعر بحزن و هم عميق جواتك على ناس فقدتيهم بالحرب لا تحزني الحياة كلها ما فيها إستقرار
الله يسعدك مع عائلتك و يخليلك ولادك
مقال معبّر لامس انعدام الانسانية لدى القنوات التلفزيونية والاعلام عموما في التعاطي مع هاته المآسي
ما بس يا اتوال بيوضح حالة الإكتئاب عند اللبنانيين من الوضع السياسي بالدرجة الأولى
بونسوار نهى
أكيد طبعا، انا علقت على جزء واحد فقط من المقال لاني طالما كنت أشمئز من طريقة مقاربة الاعلام لمثل هاته الاحداث والتجرد من الانسانية والسعي وراء السبق على حساب الضمير واحترام حرمة الضحايا ….
والعنوان لحاله خلاني اتوقف عنده لحظات اتخيل هول الموقف
بعدين لاحظي أديش العنوان معبر ٠٠
ما قلتلك بونسوار حتى لحق إحكي معك قبل ما تفلي