كتبت فوزية سلامة في الشرق الأوسط:
حين أصبح الصباح لم أكن في حالة تسمح بالضحك أو حتى بالابتسام. فقد نظرت حولي فوجدت قوارير الدواء؛ دواء الهضم وإلى جواره أقراص المضاد الحيوي ودواء لتقوية جهاز المناعة وآخر لتعويض ما أهدره العلاج الكيماوي من مخزونات الكالسيوم وفيتامين (د).. ورغم تفاؤلي المعتاد، اضطررت للاعتراف بأن الورم الخبيث نال مني.
صدرت مني تنهيدة وأشحت بوجهي بعيدا عن القوارير. وفجأة، تذكرت مثلا شعبيا، فإذا بالابتسامة تهرول عائدة. أما المثل، فيقول: «يموت الزمار وأصبعه يلعب». ومعناه أن العادات المتأصلة في الإنسان لا تتراجع بسهولة. أما لماذا تذكرت هذا المثل بالتحديد، فلأنني كنت شاهدت فيلما من أفلام والت ديزني، بطلته صبية في نحو التاسعة، استطاعت أن تغير مجتمع قريتها بأسره لأنها علّمت المتشائمين لعبة اسمها السرور..
فما لعبة السرور؟ على سبيل المثال، إن كنت واحدا من الناس الذين لا يشعرون بالسرور في أول أيام الأسبوع لأنك ستعود إلى العمل وإلي رذالة رئيسك، أو ستعود إلى الدراسة بعد عطلة نهاية الأسبوع، فما عليك إلا أن تتذكر أن أول أيام الأسبوع وما يأتي به من إحساس بالتذمر في نهاية العطلة – لن يأتيك لمدة أسبوع كامل.
ومن هنا، قررت أن ألعب لعبة السرور مع نفسي، فقلت لنفسي: لقد مرت أسوأ مراحل المرض بالفعل، ومعنى ذلك أنني اكتسبت هدنة لفترة طويلة قد تمتد إلى أجل غير مسمى، وعليّ أن أكون سعيدة. ولذلك، ابتسمت. وتركت الفراش وتعاطيت الدواء وتصفحت الجرائد. وقرأت طرفة زادتني ابتساما، فقررت أن تشاركوني إياها.
وفيها أن رجلا قرر الزواج حين لاحت في أفقه ثلاث فتيات، لم يستطع أن يفضل إحداهن على الأخرى. فقرر أن يخوض مع كل منهن تجربة. وعليه، فقد أعطى كل مرشحة خمسة آلاف دولار وقال لها إنها حرة التصرف فيها تماما، ولكنه يتمنى أن تخبره كيف أنفقتها.
ذهبت المرشحة الأولى إلى السوق واشترت ثيابا جديدة وأنيقة لكي تبدو أكثر جاذبية في نظر العريس، وذهبت إلى مركز التجميل لعمل علاج للبشرة وإلى صالون تصفيف الشعر وإلى صالون علاج الأظافر، ثم عادت إلى العريس المنتظر وقالت له إنها أنفقت ماله لكي تصبح أكثر جمالا في نظره، لأنها تحبه وتتمنى أن تنال رضاه. فشكرها ولم يعلق بشيء.
أما المرشحة الثانية، فقد ذهبت إلى السوق واشترت بكل المبلغ هدايا متنوعة للعريس، ثم عادت وقدمت له الهدايا مشفوعة بابتسامة عريضة، وقالت له إن الكرم يجب أن يقابل بالكرم. وشكرته وانصرفت.
أما المرشحة الثالثة، فقد اشترت بالمبلغ أسهما في البورصة وربحت بحيث تضاعف المبلغ. ثم عادت وأعادت المبلغ الأصلي لصاحبه وأخبرته بما فعلت وأكدت له أنها فكرت في أفضل السبل لاستثمار المبلغ وأنها سوف تستثمر ما ربحت لكي تضاعف المكسب بحيث تؤمّن مستقبلهما معا إن تزوجا.
في نهاية التجربة، وجد العريس أنه أعجب بتفكير كل مرشحة على حدة. ولم يستطع أن يفضل إحداهن على الأخرى. ولذلك، قرر أن ينسى التجربة برمتها واختار الفتاة التي أعجبته استدارة صدرها.
وفي النهاية، علق الكاتب بأن الميزانيات التي تنفق سنويا في العالم العربي على جراحات تكبير الصدر أكبر بكثير من الميزانيات المخصصة لأبحاث ألزهايمر، ومعنى ذلك أنه بحلول عام 2040 سيكون العالم زاخرا بنساء مسنات من ذوي الصدور الناهدة، ولكن فقدان الذاكرة الذي يأتي به مرض ألزهايمر لا يسمح بمعرفة فوائد الصدر الكبير.
أعترف بأن لعبة السرور أثمرت معي، فقد تبدلت حالتي المزاجية تماما وشعرت بالسرور فعلا. فأنا امرأة تجاوزت مرحلة الشباب، وفي شبابي تزوجت من دون أن يدخلني العرسان في امتحانات ومن دون احتياج لزيارة جراح التجميل.
وبدلا من أن يرهبني عدد الأقراص والكبسولات التي أتعاطاها يوميا، قلت بصوت عال: اضحك تضحك لك الدنيا.
أقرأ أيضا:
فوزية سلامة بعد الجلسة العلاجية الأخيرة لمرض السرطان: “خلاص.. خلاص.. خلاص”
الله يشفيك كتاباتك كلها حياة وتفاؤل اكيد حتعدي محنة المرض لانك انسانة كتير طيوبة و بتساعدي الناس .وحافضي علا الابتسامة والسرور لانهم هم اللي يحلو الحياة ويعطوها طعم