كتبت سوسن الأبطح في الشرق الأوسط:
لم يكشف زياد الرحباني سرا. لم يقل ما لم يكن معروفا ضمنا. أحد لم يكن يتصور، بالتأكيد، أن فيروز من عشاق سمير جعجع أو أنها وهي المتابعة الشرهة للأخبار، والمسيسة حتى النخاع، من المناصرين الأشاوس لإحدى الجماعات الإسلامية المتشددة. مزاج فيروز وآل بيتها يعرفه القاصي والداني. ولداها، زياد وريما، أعلنا تكرارا عما يكنانه في الصدور. البيانات التي كانت توزع في السنوات الماضية باسم فيروز، فيها من الوضوح ما يكفي، والتزامها الصمت الشخصي لم يكن يعني جهلا مطبقا ببنات أفكارها. كان ثمة تواطؤ جميل على حبها، دون سؤال أو استفهام يثير غبارا ساما.

وقع كلام زياد الرحباني عن حب فيروز لحسن نصر الله، كالصاعقة. ربما لفجاجة في الأسلوب، ومباشرة في التعبير، وتعيين لاسم رجل بعينه، وهي التي أنفت دائما عن تأييد زعيم أو سياسي في العلن. أخرج زياد بأسلوبه وهو يخلط العبثية بالاستفزازية «سفيرتنا إلى النجوم»، من المنطقة الضبابية الرمادية، دون حياد كلي، والتي اختارها لها والده عاصي الرحباني، وارتضاها لها جمهورها، طوال أكثر من نصف قرن، وبقيت أمينة لها. أرادها الرجل الذي صنع صورتها، وقدمها للعالم، خارج الصراعات الضيقة والخلافات الصغيرة، وكان هذا جزءا من عبقريته الفذة. 17 سنة من الحرب والخراب، ظلت فيروز حافظة لتقاليدها الأسطورية، سعيدة بمكانتها. عندما غنت وسط بيروت مع إطلالة السلم الأهلي، وشنت عليها الحملات، متهمة إياها بمناصرة مشروع رفيق الحريري التجاري، بقيت على صبرها. غنت وجمعت اللبنانيين حولها، كما تفعل أم تترفع عن صغائر أولادها.

سنوات عجاف من التفجيرات والشتائم والانقسامات، منذ مقتل رفيق الحريري، لم تجبر فيروز على تغيير عاداتها. ثلاث سنوات أخرى من الثورات العربية الدموية، تبدل فيها حكام وتشظت دول غنتها، وبقيت «القلعة» صامدة.

اختيار اللحظة ليس اعتباطيا. إعلان فيروز، بالنيابة أو بالأصالة، عن اختيارها لطرف سياسي، وعن حبها لسياسي بعينه، بينما الصراع شرس ودموي على ما هو عليه في المنطقة كلها، أمر له تداعياته. الكلام ليس على جمهور فيروز الذي سيبقى يسمعها بلا كلل، وسيزحف إلى حفلاتها وشراء أسطواناتها.

فكما أن مناصرة عادل إمام لحسني مبارك لم تلغِ نجوميته، وإعلان زياد الرحباني تكرارا عن انحيازه الكامل لحزب الله، لم يثنِ جمهوره، وبوح إليسا برفضها لوجود حزب الله في سوريا، لم يقدم أو يؤخر، ستمر عاصفة فيروز الفنانة، ويبقى موقف فيروز «الرمز» و«الأيقونة» وهذا ما يؤجج النار المشتعلة.

المشكلة ليست في أن نعرف من تحب فيروز ومن تكره، ومن تؤيد أو تعارض. الأزمة في أن فيروز الجامعة المانعة، باتت اليوم، جزءا من صراع أخوي لغته المجازر المروعة. قد تندم السيدة لأنها دخلت هذه المعمعة الملوثة بسيول جارفة من الحقد والكراهية.

لا متسع للآراء الشخصية يا سيدتي في هذا المستنقع الآسن. الكل يسن سكاكينه ويذبح ويسفك. نقاء «درب القمر» و«مركب الريح» و«جسر اللوزية» لم يعد له مكان في غابات العرب المحترقة. أصدقاؤك وأعداؤك باتوا يستخدمون صورتك الملائكية، كصاروخ حارق مارق، يقصفون به بعضهم البعض.

هناك من يقول إن «فيروز قتلته مرتين»، وغيره يكتب «شو كان منيح بزمانه». هل كانت فيروز مضطرة فعلا للتخلي عن مقولتها «خايف أقول اللي في قلبي»؟ هل وصل الصراع إلى حد لم يعد يحتمل أن يبقى الوطن «موجا» و«غيما» و«تاجا من القمح» و«سنابل شهداء» يرسم بـ«أيادي الفقراء» و«شباك الصيادين» بانتظار «الحرية».

أي وطن هش هذا الذي لم يكن قد بقي منه غير «فيروز» ليجتمع على حلم مجرد «حلم صغير». وأي بلد هذا الذي يعلق وحدته على رأي فنانته الأثيرة السياسي. هل وصل الانحدار بنا إلى هذا الدرك من الإفلاس؟ في الانتخابات الأميركية يصطف الفنانون، وراء مرشحيهم، ويدعمونهم بالمال والتصريحات والأصوات، ولا يرف لعشاقهم جفن.

قضية فيروز اليوم، مع من يناصرون حزب الله تماما كما هي مع من يناصبونه العداء. على الفئة الأولى، تحديدا، ولأنها تعلن الانحياز لفيروز، أن تكف عن الاستغلال والاستثمار، وأن تترفع عن توظيف رأيها في حمى معركة لا مكان فيها للموسيقى، وتحويل فيروز إلى حطب في جهنم نار موقدة، لا ترحم ولا تذر.

أسلوب «فيروز لنا وليست لكم» يبدو صغيرا، أمام هامة السيدة وتراثها الفني. التوظيف السياسي المعيب للأطفال والقتلى والمشردين، والجوعى كان لا بد أن يصل إلى فيروز، على ما يبدو.

جحيم الثورات، لا يوفر أخضر ولا يابسا. يأتي على كل ما يتحرك ويتنفس. إنه لأمر مرعب أن تتحول «المدرسة الرحبانية» كلها، في هذا الزمن الأسود، وهي ضمير الشعب اللبناني، وربما العربي أيضا، إلى قنبلة قذرة، يهدد كل طرف بتفجيرها في ذاك.

لذلك نقول لفيروز: «جامعة الناس على صوت الوتر.. وترك حساس حاجي تزني عالوتر..». نريد أن نسمع صوت العود وشدو حنجرتك.

حقا، لقد تعبنا وتكسرت أجنحتنا، من عصف البشاعة وعشوائيتها المدمرة. ومع ذلك سنبقى نردد معك بلا كلل: «إيه في أمل».

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫12 تعليق

  1. لا احب الشاعرية المصطنعة
    عندما إنتقد البابا موقف بشار من شعبه عندما جاء الى لبنان رفضت الترتيل لأعلى سلطة دينية مسيحية من اجل رضى العيون الزرق
    فيروز تعشق المال وين عندها مصلحة بتميل ليس سراً ان المال الإيراني يصرف بسخاء على أحزاب و شخصيات لبنانية كثيرة
    برافو إيران

    1. بونسوار نهى
      أظن أن السبب وراء رفض السيدة فيروز المشاركة في الترتيل للبابا السابق عند زيارته للبنان هو تصريحاته التي أقل ما يمكن وصفها بها هي تطاول على سيد الخلق سيدنا محمد عليه أفضل الصلاوات وفيروز تربطها بالمسلمين علاقة احترام وتقدير… كيف وهي من غنت “زهرة المدائن”، “غنيت مكة” …

    2. فيروز تعشق المال وين عندها مصلحة بتميل !
      >>>>>>>>>>>>>>>>>$<<<<<<<<<<<<<<<<<<
      متاكده من كلامك يا قمر
      فيروز مسكينه ساكنه بجل الديب عند الجسر في بيت بسيط وبتراعي ابنها المعوق وعمرها ما طلبت خدمه من الدوله
      وهيدي بوسه مش الك لفيروز

  2. مدمن المخدرات المدعو زياد هو بحد ذاته مستنقع آسن , يطبل لمن يغدق عليه الأموال هو و العجوز والدته وما المانع أن يتاجر بإسم والدته إذا كان المقابل أموال ايرانيه قذره كقذارة هذا الحشاش بالإضافه للمخدرات التي أغرقوا بها لبنان , ألم أقل انه مستنقع آسن ?

  3. ورد في المقال للكاتبه نقطتين مهمتين .
    1- في الانتخابات الأميركية يصطف الفنانون، وراء مرشحيهم، ويدعمونهم بالمال والتصريحات والأصوات، ولا يرف لعشاقهم جفن.
    2-التوظيف السياسي المعيب للأطفال والقتلى والمشردين، والجوعى كان لا بد أن يصل إلى فيروز، على ما يبدو.
    هذا الكلام الفصل ,اما ايران – ولست مدافعا عن ايران ابدا – فاقول ان اسرائيل احتلت فلسطين ودمرت العرب في حروب متكرره وتوسعت واحتلت اراض من دول عربيه اخرى حتى يومنا هذا وكان هذا قبل ان تكون ايران اليوم , وجميع الحكام الموجودين الدكتاتوريات الان والذين رحلوا كلهم سحقوا منافسيهم وقتلوا من شعوبهم بلا رحمه من اجل كرسي الحكم – حكم العائله – والقائد الاوحد والملهم العظيم اما رئيس او ملك بعضهم لا يجيد الكتابه والقراءه حتى ! تلك الدكتاتوريات اتت قبل ان تاتي ايران اليوم , الخلاصه العيب فينا نحن العرب ولا زلنا لانعرف الا ان نعلق عيوبنا وفشلنا الذريع على الاخرين نحن متناحرين في كل شيئ نحن لا نعترف بالاخر ولا يجمعنا شيئ , لا نجيد الا الكره والبغضاء .

  4. إذا أمركا ما فيها على بشار و على البقية كيف بدك تعمل يا نهى فيروز ؟؟ هي مشان تخلص حالها إما من أجل المال أو الحياة، بتحاول ترضيهم ….

  5. اه ثم اه ثم اه ماذا اقول لك يافيروزة الشرق يا صاحبة الصوت اللؤلؤي يا من عشقنا اغنياتك منذ كنا صغارا غنيت للجميع للاطفال والكبار والمحبين والوطن ماذا اقول لك يامن شدوت للقدس اما علمت !! القدس للان مازالت تنزف حتى جفت الدماء في عروقها !! يامن غنيت لبنان الكرامة والشام العنيد !! اما علمت مازالوا يحاولون دفن الكرامة تحت التراب !! احبننا صوتك عند الصباح !! وكنا نحلم وكلنا امال واشراق !! اما علمت بات الصباح متثاقلا واصبحت ايام الشام غروب !!! ولم يعد مع الصباح رائحة الياسمين !! لكن رائحة دفن تلك الاحلام والامال ومعها الاحباب !! احببت اغنية ضاع شادي !!! اه لو تعلمين كم شادي سوري ضاع في خيام الثلج .. تكبر الدني مافي غيرك يا وطني هل علمت ؟؟؟؟ بات السوريون بلا وطن !!! صحيح يا فيروزة الشام ولبنان تذكرت اغنية كانت محببة لنا منذ الصغر نبتسم ونضحك لسماعها بصوتك العذب الدافيء نحنا والقمر جيران !!! القمر الان بات يذبحنا لم يعد جارنا بات الان يبتسم لعدد شهدائنا !! وصغار الخلق ايضا فخورين به يصفونه بالعمل المشرف !!!!!! سيدة الشرق والطرب والامل والفرح والسرور احببناك واحببنا من تحبين !!! لكن صدق من قال ومن الحب ما قتل !!!

    1. سلامتك من الاه
      يا مدام عربيه
      اذا شادي ضاع ولقوه فانتي ليش زعلانه خوفتينا عليكي الدنيا ما تسوه زعل
      .
      سلامتك من الاه - كاظم الساهر (البوم سلامتك من الاه ١٩٩٤)

  6. لا يا كوماندوز ما لقيوه اللي لقوه واحد اخر كان يأكل الكرتون !!! وانت تعرف بالصحة والطب يعني !!! اكل الكرتون ليس بالاكل الصحي عشان هيك انا زعلانة بس على كل الاحوال اشكرك على اللفتة اللطيفة منك …

  7. صباح جميل هادئ … فنجان قهوة … وفيروز !!!
    هكذا كنت ابتدئ يومي , واظن اكثر اهل الشرق يفعلون مثلي , مسيرة طويلة من العطاء والابداع , هذه القامة الموسيقية الرفيعة في تقديم الفن الراقي ومنح المزيد من الفرح والإبداع والمجد لمحبيها.
    صوت معجزة يمنح الفرح والتفاؤل ويعزز بعذوبته ورِقّته امتحان الحياة اليومي.
    وصوت فيروز، بما يحملنا إليه من آفاق بعيدة، من السمو الإنساني والروحانية الراقية، لهو دليل واية من ايات الله على ابداعه في خلقه .
    ولله ابداعات كثيرة , ومنها كشف المستور , واظهار المدفون , ولهذا يا سيدة فيروز صوتك وغناؤك في كفة , ومواقفك الشخصية في كفة اخرى , الا انني لم اعد اسمعك كما كنت اسمعك , فقدت ذلك الاحساس , وتلك المتعة !!!
    http://images.alwatanvoice.com/news/images/3910035754.jpg

  8. شربت من المي نبع
    من الدخان كروز و ربع
    مابعبي راسي غير شوفتك ياسبع
    ربي يجعل من يكرهك سعدان
    ينام تعبان
    يفيق جربان
    مايعرف حلب من لبنان
    ياسارق من عقلي شقفة
    باقي لجنوني نتفة ،
    بحبك لأنك نهفة

    حبيبي بسعد أوقاتوا
    =========================
    اشعار مهداة الى فيروز لأن بريندا زعلت مني لإني إنتقدتها
    Happy

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *