ماذا لو قررنا الأستغناء عن أقسام الشرطة والقضاة والمحامين ونأتى عوضاً عنهم بالشيوخ ، في أستبيان السارق ومعرفة العقوبة وأذا كان مذنباً أم بريئاً ..، وماذا لو أستغنينا عن العقل والمنطق بطرق ضرب الودع مثلاً .. ؟!
ماذا أذ سلبنا عقلنا لشيوخ تلك الطرق وصرنا نتحدث عن كراماتهم كأنهم الصحابة “رضي الله عنهم ” … ؟!
بدايتاً قدمت أكثر من تقرير الى الوزارة ، ويبدو أن الأمر يحتاج الى تثقيف الناس أولاً حتى لا تكون فريسة لتلك الحزعبلات …
حرم الله تعالى إتيان الكهان والعرافين وسؤالهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ) رواه مسلم (2230) .
لا تقبل صلاة السائل أربعين يوماً فماذا عن العراف ؟..
“والعراف هو الذي يدعي معرفة الأمور بمقدمات يستدل بها على المسروق ومكان الضالة ” انتهى .
قاله البغوي نقلا عن “الزواجر” لابن حجر (2/178) .
وقال ابن تيمية – كما في “مجموع الفتاوى” (35/173) – :
” العراف : قد قيل إنه اسم عام للكاهن والمنجم والرمال ونحوهم ممن يتكلم في تقدم المعرفة بهذه الطرق ” انتهى .
إذا كان الواقع من ادعاء ذلك الشيخ من معرفة مكان الأشياء المسروقة وردها – فإنه كاهن وعرَّاف ، وذلك إما بنظره في النجوم أو في كتاب ، أو بخط في الرمل ، أو استعانة بالجن ، أو نحو ذلك من الأسباب غير المشروعة ، وهذا كله كفر بالله ؛ لادعائه علم الغيب ، وذلك من خصائص الله سبحانه وتعالى ، قال تعالى : ( قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ) ، وقال تعالى : ( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا ) ، وعلى ذلك فإنه يحرم إتيان هذا الشخص ، ويحرم تصديقه فيما يدعيه من علم الغيب ؛ لورود النهي الشديد عن ذلك ، قال صلى الله عليه وسلم : ( من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة ) رواه مسلم في صحيحه ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول ، فقد كفر بما أنزل على محمد ) – رواه الأربعة والحاكم وصححه – ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( ليس منا من تطير أو تطير له ، أو تكهن أو تكهن له ، أو سحر أو سحر له ، ومن أتى كاهنا فصدقه بما يقول ، فقد كفر بما أنزل على محمد ) – رواه البزار بإسناد جيد ، وما يتظاهر به هذا الشخص من قراءة القرآن إنما هو من باب التلبيس على الناس ، لإيهامهم بأن ما يقوم به حق ، بقصد ترويج باطله والاستيلاء على عقولهم ، وذلك كله كذب وافتراء ، فمجرد قراءة القرآن لا يعرف به مكان الشيء المسروق ، ولا يسترجع به ، وعلى من يعلم حال هذا الشخص أن يحذر الناس من الإتيان إليه أو تصديقه ، ويبين لهم حكم ذلك ، وأن ينكر على هذا الشخص عمله وينصحه ، ويبين له حكم الكهانة وعاقبة عمله ، فإن ارتدع وتاب توبة نصوحا ، وإلا رفع أمره للجهات المختصة للأخذ على يديه ، وكف أذاه عن المسلمين ” انتهى .
“فتاوى اللجنة الدائمة” (1/213) .
..
في الأونة الأخيرة انتشرت أعلانات وكتب كثيرة تتحدث عن علم الروحانيات “علم روحاني – طب روحاني – معالج روحاني – شيخ روحاني” ..الخ ،
الكثير يطلق هذا المسمى على اعمال السحر والدجل والشعوذة مع قوله انا لست ساحر ولا كاهن ولا مشعوذ انا روحانى !..
غطاء لاعمال السحر تحت مسمى آخر ، خدعة شيطانية ، وكثير منهم يقحم الدين فى المسألة ويختبأ وراءه متظاهرين بالصلاح كمثال من يدعون ان للآيات خدام وانهم جنود الله .. !
وقراءة بعض الآيات ليوهم الناس انه يعالج بكتاب الله ومنهم من يوهم السذج بانه يستخدم الجن المسلم فقط الخ ..!
وممن يصدق هؤلاء الروحانيين الجاهل والمتعلم والحاصل على اعلى الشهادات العلمية
فالمثقف والجاهل فى هذه الامور سواء بسواء فالمسألة ليست بدرجة
التحصيل العلمي
بل بمدى معرفة أمور دينك اعرف دينك تعرف حقائق الدجالين والمشعوذين الروحانيين
ومن الناس من يصدق وينجرف خلف الاوهام والاكاذيب
ومنهم من يعرف حقيقة الامور بمعرفة دينه جيدا فيعلم جهل الروحانيين وكذبهم
ولابد من التوضيح للمسلمين مثل هذه الامور حتى لا يقع احد فى المحزور
فالعلاج بالقرآن بعيد كل البعد عن الدجل والشعوذة والخرافات
فلا يوجد فيه طلاسم ولا محبة أو تهيج ولا جلب البعيد ولا القريب
ولا اقسام ولا اسرار ولا تحضير ولا بخور ولا خاتم سليماني ولا خدام من الجان
ولا قراءة الف أو ثلاثة الاف مره ولا فى ليال وايام معينه واوقات وهيئات محدده
وغير ذلك الكثير من امور السحرة والدجالين ..
تمسكوا فقط بكتاب الله وسنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم واي فرد يعلم امور دينه
يستطيع ان يعرف الساحر الدجال المشعوذ الذي يبحث عن الشهرة أو المال ..
الذين يطلقون على انفسهم روحانيين هم سحرة ودجالين
والروحاني دجال ومشعوذ كاذب على الناس وواهم لهم
خلاصة الامر الطب الروحاني = السحر
اختلف المسمى والأصل واحد لا يوجد علم روحاني بعيدا عن الجن
يقال انه بعيدا عن الجن تلبيس من تلبيسات إبليس وعبث بعقول السذج
العلم الروحاني من العلوم الشيطانية يعتمد على الشعوذة والسحر والخرافات
ولا يجوز لاي مسلم أن يتعلمه ولا يجوز له أن يدل غيره عليه
قال صلى الله عليه وسلم: من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما ً.
الراوي : بعض أزواجه صلى الله عليه وسلم – خلاصة الدرجة : صحيح – المحدث: مسلم –
المصدر : المسند الصحيح –
وقال صلى الله عليه وسلم “اجتنبوا السبع الموبقات، وذكر منها السحر” (متفق عليه)
وللنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه: ((من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر، ومن سحر فقد أشرك، ومن تعلق شيئا وكل إليه)).
وفيما رواه عنه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: ((من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد))
وهذا نص لفتوى شيخ الإسلام عندما سئل عن الروحانيين و المنجمين ..
فَأَجَابَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . لَا يَحِلُّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَصِنَاعَةُ ” التَّنْجِيمِ ” الَّتِي مَضْمُونُهَا الْأَحْكَامُ وَالتَّأْثِيرُ وَهُوَ الِاسْتِدْلَالُ عَلَى الْمسروقات والْحوادث الْأَرْضِيَّة والْأَحْوَالِ الْفَلَكِيَّةِ وَالتَّمْزِيجِ بَيْنَ الْقُوَى الْفَلَكِيِّ وَالْقَوَابِلِ الْأَرْضِيَّةِ : صِنَاعَةٌ مُحَرَّمَةٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ ؛ بَلْ هِيَ مُحَرَّمَةٌ عَلَى لِسَان جَمِيعِ الْمُرْسَلِينَ فِي جَمِيعِ الْمِلَلِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى } وَقَالَ : { أَلَمْ تَرَ إلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ } قَالَ عُمَرُ وَغَيْرُهُ : الْجِبْتُ السِّحْرُ . وَرَوَى أَبُو داود فِي سُنَنِهِ بِإِسْنَادِ حَسَنٍ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ مخارق عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ” { الْعِيَافَةُ وَالطَّرْقُ وَالطِّيرَةُ مِنْ الْجِبْتِ } ” قَالَ عَوْفٌ رَاوِي الْحَدِيثِ : الْعِيَافَةُ زَجْرُ الطَّيْرِ ؛ وَالطَّرْقُ الْخَطُّ يُخَطُّ فِي الْأَرْضِ . وَقِيلَ بِالْعَكْسِ . فَإِذَا كَانَ الْخَطُّ وَنَحْوُهُ الَّذِي هُوَ مِنْ فُرُوعِ النَّجَّامَةِ مِنْ الْجِبْتِ ؛ فَكَيْفَ بِالنَّجَّامَةِ ؟ ” وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يُوَلِّدُونَ الْأَشْكَالَ فِي الْأَرْضِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُتَوَلِّدٌ مِنْ أَشْكَالِ الْفَلَكِ . وَرَوَى أَحْمَد وَأَبُو داود وَابْنُ ماجه وَغَيْرُهُمْ بِإِسْنَادِ صَحِيحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَال :َ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” { مَنْ اقْتَبَسَ عِلْمًا مِنْ النُّجُومِ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنْ السِّحْرِ ؛ زَادَ مَا زَادَ } ” فَقَدْ صَرَّحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ عِلْمَ النُّجُومِ مِنْ السِّحْرِ ؛ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى } وَهَكَذَا الْوَاقِعُ ؛ فَإِنَّ الِاسْتِقْرَاءَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَهْلَ النُّجُومِ لَا يُفْلِحُونَ ؛ لَا فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ . وَرَوَى أَحْمَد وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ ؛ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ عُبَيْدٍ ؛ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ” { مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ يَوْمًا } ” وَالْمُنَجِّمُ يَدْخُلُ فِي اسْمِ الْعَرَّافِ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ . وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ هُوَ فِي مَعْنَاهُ . فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ حَالَ السَّائِلِ فَكَيْفَ بِالْمَسْئُولِ . وَرَوَى أَيْضًا فِي صَحِيحِهِ { عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السلمي قَالَ : قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ قَوْمًا مِنَّا يَأْتُونَ الْكُهَّانَ . قَالَ : فَلَا تَأْتُوهُمْ } ” فَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ إتْيَانِ الْكُهَّانِ وَالْمُنَجِّمُ يَدْخُلُ فِي اسْمِ الْكَاهِنِ عِنْدَ الخطابي وَغَيْرِهِ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ الْعَرَبِ . وَعِنْدَ آخَرِينَ هُوَ مِنْ جِنْسِ الْكَاهِنِ وَأَسْوَأُ حَالًا مِنْهُ فَلَحِقَ بِهِ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى . وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( { ثَمَنُ الْكَلْبِ خَبِيثٌ . وَمَهْرُ الْبَغِيِّ خَبِيثٌ وَحُلْوَانُ الْكَاهِنِ خَبِيثٌ } وَحُلْوَانُهُ الَّذِي تُسَمِّيهِ الْعَامَّةُ ” حَلَاوَتُهُ ” وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى مَا يُعْطِيهِ الْمُنَجِّمُ وَصَاحِبُ الْأَزْلَامِ الَّتِي يَسْتَقْسِمُ بِهَا مِثْلَ الْخَشَبَةِ الْمَكْتُوبِ عَلَيْهَا أ ب ج د وَالضَّارِبِ بِالْحَصَى وَنَحْوِهِمْ فَمَا يُعْطَى هَؤُلَاءِ حَرَامٌ . وَقَدْ حَكَى الْإِجْمَاعَ عَلَى تَحْرِيمِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ : كالبغوي وَالْقَاضِي عِيَاضٍ ؛ وَغَيْرِهِمَا . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ { عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ : خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحُدَيْبِيَةِ عَلَى إثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنْ اللَّيْلِ فَقَالَ : أَتَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ اللَّيْلَةَ ؟ قُلْنَا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِي فَمَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِالْكَوَاكِبِ } ” وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ” { مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ بَرَكَةٍ إلَّا أَصْبَحَ فَرِيقٌ مِنْ النَّاسِ بِهَا كَافِرِينَ ؛ يُنَزِّلُ اللَّهُ الْغَيْثَ وَيَقُولُونَ بِكَوْكَبِ كَذَا وَكَذَا . } ” وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ” { أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ : الْفَخْرُ بِالْأَحْسَابِ وَالطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ وَالنِّيَاحَةُ وَالِاسْتِسْقَاءُ بِالْأَنْوَاءِ } ” وَفِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ؛ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ } قَالَ : هُوَ الِاسْتِسْقَاءُ بِالْأَنْوَاءِ ؛ أَوْ كَمَا قَالَ . وَالنُّصُوص عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ وَسَائِرِ الْأَئِمَّةِ بِالنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يَتَّسِعَ هَذَا الْمَوْضِعُ لِذِكْرِهَا . وَقَدْ تَبَيَّنَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ الْأُجْرَةَ الْمَأْخُوذَةَ عَلَى ذَلِكَ وَالْهِبَةَ وَالْكَرَامَةَ حَرَامٌ عَلَى الدَّافِعِ ؛ وَالْآخِذِ وَأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمُلَّاكِ وَالنُّظَّارِ وَالْوُكَلَاءِ إكْرَاءُ الْحَوَانِيتِ الْمَمْلُوكَةِ أَوْ الْمَوْقُوفَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارِ وَالْفُسَّاقِ بِهَذِهِ الْمَنْفَعَةِ ؛ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِمْ أَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ فِيهَا هَذَا الْجِبْتَ الْمَلْعُونَ . وَيَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ وَكُلِّ قَادِرٍ السَّعْيُ فِي إزَالَةِ ذَلِكَ . وَمَنَعَهُمْ مِنْ الْجُلُوسِ فِي الْحَوَانِيتِ أَوْ الطُّرُقَاتِ ؛ أَوْ دُخُولِهِمْ عَلَى النَّاسِ فِي مَنَازِلِهِمْ لِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَيَكْفِيهِ قَوْلُهُ تَعَالَى : { كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ } وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى : { لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ } فَإِنَّ هَؤُلَاءِ الْمَلَاعِينَ يَقُولُونَ الْإِثْمَ وَيَأْكُلُونَ السُّحْتَ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ ؛ وَثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرِوَايَةِ الصِّدِّيقِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : ” { إنَّ النَّاسَ إذَا رَأَوْا الْمُنْكَرَ وَلَمْ يُغَيِّرُوهُ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمْ اللَّهُ بِعِقَابِ مِنْهُ } ” وَأَيُّ مُنْكَرٍ أُنْكِرَ مِنْ عَمَلِ هَؤُلَاءِ الْأَخَابِثِ ؛ سُوسِ الْمُلْكِ ؛ وَأَعْدَاءِ الرُّسُلِ ؛ وَأَفْرَاخِ الصَّابِئَةِ عُبَّادِ الْكَوَاكِبِ فَهَلْ كَانَتْ بَعْثَةُ الْخَلِيلِ صَلَاةَ اللَّهِ وَسَلَامَهُ عَلَيْهِ إمَامِ الْحُنَفَاءِ إلَّا إلَى سَلَفِ هَؤُلَاءِ ؛ فَإِنَّ نمرود بْنَ كَنْعَانَ كَانَ مَلِكَ هَؤُلَاءِ ؛ وَعُلَمَاءُ الصَّابِئَةِ هُمْ الْمُنَجِّمُونَ وَنَحْوُهُمْ وَهَلْ عُبِدَتْ الْأَوْثَانُ فِي غَالِبِ الْأَمْرِ إلَّا عَنْ رَأْيِ هَذَا الصِّنْفِ الْخَبِيثِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَمَنْ اسْتَقْوَوْهُ مِمَّنْ يَنْتَسِبُ إلَى التَّدَيُّنِ بِكِتَابِ فَإِنَّهُ الْخَلِيقُ بِأَنْ يَأْخُذَ بِنَصِيبِ مِنْ قَوْلِهِ : { وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ } { وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } . وَهَكَذَا قَدْ اعْتَرَفَ رُؤَسَاءُ الْمُنَجِّمِينَ مِنْ الْأَوَّلِينَ والآخرين أَنَّ أَهْلَ الْإِيمَانِ أَهْلُ الْعِبَادَاتِ وَالدَّعَوَاتِ يَرْفَعُ اللَّهُ عَنْهُمْ بِبَرَكَةِ عِبَادَاتِهِمْ وَدُعَائِهِمْ وَتَوَكُّلِهِمْ عَلَى اللَّهِ مَا يَزْعُمُ الْمُنَجِّمُونَ أَنَّ الْأَفْلَاكَ تُوجِبُهُ وَيَعْتَرِفُونَ أَيْضًا بِأَنَّ أَهْلَ الْعِبَادَاتِ وَالدَّعَوَاتِ ذَوِي التَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ يُعْطَوْنَ مِنْ ثَوَابِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مَا لَيْسَ فِي قُوَى الْأَفْلَاكِ أَنْ تَجْلِبَهُ . فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فِي اتِّبَاعِ الْمُرْسَلِينَ وَجَعَلَ خَيْرَ أُمَّةٍ هُمْ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَقَالَ تَعَالَى : { فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةً عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةً عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } وَاَللَّهُ يُؤَيِّدُ وَيُعِينُ عَلَى الدِّينِ وَاتِّبَاعِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ . وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ .