أتت اتفاقية «خط التسهيل الائتماني» التي وقعتها إيران مع سوريا أول من أمس، لتثبت، بحسب ما يؤكد متخصصون اقتصاديون، الدعم الإيراني، لا سيما السياسي منه، لسوريا التي تعاني من انخفاض حاد في احتياطها بالعملات الأجنبية، رغم الأزمة الاقتصادية التي ترزح تحتها إيران بسبب العقوبات المالية والمقاطعة الدولية المفروضة عليها. وتصل قيمة قروض هذه الاتفاقية التي وقعت خلال زيارة رئيس «مجلس الوزراء» السوري وائل الحلقي إلى طهران، إلى حدود «مليار دولار أميركي» بين «المصرف التجاري السوري» و«بنك الصادرات الإيرانية»، والتي شملت عقودا عدة في مجال انتقال الطاقة والمعدات الكهربائية.
وفي حين لفت الخبير الاقتصادي اللبناني وليد أبو سليمان، إلى أن هناك كثيرا من المعلومات التي تقول إن هناك دعما إيرانيا ماليا يصل إلى الحكومة السورية، من دون القدرة على التحقق من الأمر، قال لـ«الشرق الأوسط»: «مما لا شك فيه أن هذه الاتفاقية تشكل متنفسا للحكومة السورية التي تعاني من أزمة اقتصادية بفعل الأحداث الأمنية على أرضها، وهي في الوقت عينه رسالة سياسية وتحد قبل أي دعم مالي، للقول إن إيران لا تزال موجودة وحاضرة لدعم حليفها عبر توفير القروض المالية له ودعم الليرة السورية، لا سيما بعد انخفاض الاحتياط المصرفي والعسكري». وعن مدى قدرة إيران على الاستمرار في تقديم الدعم للنظام السوري في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها أيضا، نتيجة وقوفها إلى جانب النظام السوري، اعتبر أبو سليمان أن إيران هي بدورها تحت المجهر الاقتصادي وتعاني من عقوبات مالية تؤثر سلبا على العملة الوطنية، لكنه رأى أنها قادرة على تجاوز هذه الأزمة إلى حد ما من خلال تصدير منتجاتها التي توفر مردودا ماليا للدولة عبر بعض قنواتها الدولية؛ وأهمها روسيا والصين، وهي بالتالي ستبذل جهودها للاستمرار في هذا الدعم للنظام السوري، لا سيما أنه يبدو واضحا أن الصراع ليس حول الأزمة السورية إنما على النفوذ في المنطقة.
بدوره، اعتبر أسامة قاضي، المنسق العام لـمجموعة عمل اقتصاد سوريا»، أن الدعم المصرح به من قبل إيران يحمل معنى سياسيا أمنيا، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الخطة ليس لها أي انعكاسات اقتصادية حقيقية؛ إذ إن ما سيتم تمويله هو سبعة عقود في مجال الكهرباء ومحطات توليد بخارية ومزرعة رياح في الساحل السوري، مسقط رأس الرئيس السوري بشار الأسد والمنطقة التي يسيطر عليها النظام، إضافة إلى بضائع إيرانية لا تعرف قيمتها، الأمر الذي سينعكس سلبا على قيمة القرض، إذا كانت مرتفعة». ويصف قاضي هذه الخطة بأنها «طريقة إيرانية قانونية لتصريف البضائع وتمويل الحملة الأمنية للنظام».
وفي ما يتعلق بالاقتصاد الإيراني، يرى قاضي، أن الوضع لا يسمح بحال من الأحوال بالإقراض النقدي، لا سيما أن إيران تمر بأكبر أزمة اقتصادية منذ الحرب العراقية الإيرانية، وتقدر خسائرها من الحصار الاقتصادي على نفطها بنحو 50 مليار دولار، فيما انخفضت عملتها بمعدل 75 في المائة منذ العام الماضي وارتفع التضخم لحدود أكثر من 30 في المائة.
كذلك، اعتبر جهاد يازجي، مدير المجلة الاقتصادية الإلكترونية «سيريا ريبورت»، أن الاتفاق الاقتصادي بين إيران وسوريا «هو بالدرجة الأولى خطوة ذات دلالة سياسية، ويظهر أيضا أنه رغم العقوبات الدولية، فإن إيران لم تستنفد مواردها بشكل كامل».
وكان حاكم المصرف المركزي السوري أديب ميالة اعتبر في أغسطس (آب) 2011 أن الشائعات التي تحدث عنها دبلوماسيون غربيون عن تحويل ستة مليارات دولار من إيران لدعم الليرة السورية، مجرد «مزحة». وبعد نحو عام على ذلك، سرت شائعات جديدة عن اتفاق مقايضة بين سوريا وروسيا، إضافة إلى قرض ميسر بقيمة مليار دولار من إيران، دون أي تأكيد رسمي لذلك.