وسام سعادة – جريدة المستقبل

الأوّل، كانت الصدارة فيه لشعار “الثورة الإسلامية في لبنان”، واندرجت “المقاومة الإسلاميّة” في ظلّه.
الثاني، انتقلت فيه “المقاومة” إلى الصدارة، وصارت توصف كذلك، أي على وجه الإطلاق والإبهام، مع احتفاظها طبعاً بصفتها كمقاومة “إسلامية”. أمّا شعار “الثورة الإسلامية في لبنان” فسُحِبَ من الدعاية المباشرة، إلى أن أستعيض عنه بمقولة “أشرف الناس” التقسيمية للمجتمع اللبنانيّ، وذات المنحى العنصريّ.
في الزمن الأوّل، كان “حزب الله” متطرّفاً على كل صعيد، لكنه على تطرّفه وغلوّه، وخطفه للرهائن، وبطشه بالمثقفين، واحترابه الأهليّ مع “حركة أمل”، و”استغرابه” للوجود المسيحيّ في لبنان، بدا حزباً يحمل طابعاً رومانسيّاً. وكانت الكاريزما الاستثنائية للإمام الخمينيّ قويّة وساطعة بشكل قاطع، بما يحول دون ظهور “عبادة فرد” لزعيمه المحلّي.
ويوم أبرِمَ “اتفاق الطائف” كان “حزب الله الزمن الأوّل” هذا، قد استكمل سيطرته المطبقة على معظم الجغرافيا الشيعية اللبنانية، بعد معاركه الدامية مع “حركة أمل” بين الضاحية الجنوبية، وإقليم التفّاح، وبعلبك. ومن موقعه هذا، ندّد الحزب بالاتفاق.
في الزمن الثاني، سـ”يتلبنن” الحزب، إنّما ليسَ أبداً بالشكل الذي راهن عليه الأكثر تفاؤلاً في كلّ مرة. تكرّر التفاؤل وتكرّرت الخيبة كذا مرة: من الانتخابات الأولى بعد الحرب، وتوقّع أن يتطوّر الحزب في الاتجاه البرلمانيّ، إلى عدوان نيسان، وتوقّع التزامه العمليّ بالقانون الدوليّ في عملية إدارته للكفاح المسلّح، إلى الانسحاب من جنوب لبنان، وتوقّع أن يدفعه هذا الإنجاز إلى مضمون سياديّ ضمنيّ تجاه الوصاية السورية. واستمرّت حال التفاؤل الخائب على هذا المنوال بعد ذلك، لكنها أضحت أكثر كاريكاتورية، لأنّه بعد تحرير الجنوب بفترة قليلة صار واضحاً النهج الذي يسير عليه الحزب: “مواكبة” النظام الأمنيّ العميل للنظام السوريّ في مرحلة أولى، ثم انشاء نظام هيمنته الفئوية على أنقاض هذا النظام الأمنيّ في مرحلة ثانية. لحظة الخيار الوحيدة أمام “حزب الله” كانت في الحقيقة بعيد تحرير الجنوب في أيّار 2000، وهو لم يكذّب خبراً: اختار نقيض “اللبننة”. كل تعويل على لبننة الحزب بعد هذا الاختيار النهائيّ صارت مضيعة للوقت، أو وعظاً كلامياً جافّاً.
حزب الله” الزمن الأوّل امتدّ يكاد يكون لعشر سنوات.
حزب الله” الزمن الثاني امتدّ لغاية اليوم عشرين عاماً.
في الزمن الثاني، صار للحزب زعيم محلّي جرى ترفيعه فوق منزلة البشر العاديين. ثم صار الحزب يصف جماعته الأهليّة بأنّها أشرف من الناس الآخرين. ارتفع معدّل المهدوية في الحزب، خصوصاً بعد حرب تمّوز، وصار يربط نفسه بشكل أو بآخر بتعجيل علامات الظهور، إلا أنّ “عودته إلى التطرّف” بإزاء اللبنانيين الآخرين بعد هذه الحرب، لم ترجعه أبداً إلى “رومانسية البدايات”.
تطرّفه في الثمانينات كان عنيفاً في كل الاتجاهات التصادمية المعروفة. لكنه في النهاية، كان له هدف محدّد. مستحيل لكن محدّد. تحويل لبنان إلى جمهورية إسلامية على الطريقة الخمينية بلا لُبس، بلا زيف.
تطرّفه، عشية الانسحاب السوريّ من لبنان، ثم بشكل لا رجعة فيه بعد حرب تمّوز، هو من نوع مختلف تماماً: واجب شرعيّ جهاديّ يستدعي التضحية بكوادره في نواحي حمص دفاعاً عن “الحصن الأخير للعلمانية” في الشرق الأوسط، نظام البعث العربيّ الاشتراكيّ. أدوية فاسدة يراد منها رفع مستوى المناعة عند أطفال الأمة الممانعة. في السماء، “خيال علميّ” يحلّق مزهواً بـ”طائرة أيّوب”. في الأزقة، “السلاح لمواجهة السلاح” و”الفتنة لمواجهة الفتنة”.
حزب الله” هو اليوم كتلة كبيرة من اللبنانيين. ليس في ذلك أدنى شك، وهكذا كتلة لن تتبخّر بسحر ساحر. هذا أيضاً معطى أساسيّ.
لكن الزمن الثاني قد وصل إلى خواتيمه مع هذا الحزب. والعودة إلى الزمن الأوّل مستحيلة. القفز إلى زمن ثالث هو أيضاً مستحيل. الأوهام حول امكانية “لبننة” الحزب، وجرّه إلى الواقعية، والمؤسسات، والتطوّر السلميّ، وتقبّل التعدّدية، كلّ هذا هو تفاؤل خائب لا رجاء فيه.
كيف يخرج الحزب من هكذا معضلة، كيف يخرج البلد منها؟ لا جواب واقعياً على هذا، قبل سقوط النظام السوريّ. لكن ذلك لن يعني أيضاً جواباً تفاؤلياً بالضرورة بالنسبة إلى ردّة فعل هذا الحزب الداخلية على سقوط راعيه الإقليميّ المباشر. مع ذلك، ففي خلفية كل جواب قادم تبقى الخلفية سانحة لسؤال أساسيّ: “كيف نمنع حزب الله من الانتحار بنا”؟

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫16 تعليق

  1. هذا سؤال يشغل بال كل اللبنانيين و بعض القياديين السابقين المؤسسين لحزب الله نفسه أمثال الشيخ صبحي الطفيلي ٠
    انظر الى قول الشيخ الطفيلي في احدى المقابلات الصحفية :
    أين موقع الشيخ صبحي الطفيلي اليوم بين 14و 8 اذار؟
    من وجهة نظري الاثنان على خطأ، وتقع عليهما معاً مسؤولية ما يعانيه البلد من فساد سياسي واداري واقتصادي، ناهيك عن الشحن الطائفي القاتل. انا ادعوا مناصري الفريقين للتمرد على قياداتهم وبناء دولة ديمقراطية وطنية، مطهرة مما عانت منه من فساد، كما وانصح قادة الفريقين (14 و 8) الى بالانصهار الوطني وتغليب لغة المواطنة والحوار على لغة الشحن الطائفي، والى تشكيل حكومة وحدة وطنية حقيقية تدير امور البلد، وتشرف على اجراء الانتخابات النيابية ان حصلت في موعدها، لأن ادارة فريق بعينه للانتخابات دون الفريق الاخر، سيكون له تداعيات سلبية الى اقصى الحدود.

  2. حزب الله يشكل درع دفاع ومقاومة للبنان لان الجيش اللبنانى ممنوع عليه التسلح الحقيقى الذى تستطيع به البلاد الدفاع عن نفسها ضد هجوم من اسرائيل او غيرها وامريكا تسلحه بأسلحة معينة فقط لا تنفع سوى في التعامل مع الامور الداخلية اما الهجومات الخارجية فيمنع منعا باتا على الدولة اللبانية التسلح فلا تكذب على شعبك ربما اسر الجنديين لم يكن سوى ذريعة لأسرائيل التى تتجسس على الحزب وتعرف ان مدى تسليحه يزيد يوما بعد يوم والتكتيك عنده يتطور كل يوم وهذا ما يجعلها دائما تفكر في الاعتداءات لتضرب تلك القوة التى تبنيها المقاومة تماما مثلما هى قدرات المقاومة في غزة الان والتى ستقض مضاجع اسرائيل اذا شنت اسرائيل حربا جديدة على غزة………………….الجزائر

  3. اليهود بيدعوا وبآمنوا انهم شعب الله المختار وعندنا في لبنان فئة بتقول عن نفسها أنها اشرف وأطهر الناس مش بلبنان بل بكل العالم العربي.داء الغرور وصل فيهم أن يضعوا المسدس ويطلقوا النار على رأس كل من تخيل له نفسه أن يرفض هذا المنهج أو هذا الحزب وعدم التعامل معهم والانصياع لهم واكبر دليل اليوم هو منهجهم في سوريا

  4. بالتخلي عن ثقافة الدفاع عن الوطن والخضوع للعدو و تسليمه أمر الأمة يفعل بها ما يريد..هذه الإجابة الوحيدة التي أملكها لسؤالك

  5. بسحب الجنسيه اللبنانيه منهم و طردهم إلى ايران طالما ولاءهم لمعمميها و ملاليها هههههههههههه

  6. هذا حزب ارهابي احتلالي يعادل اسرائيل في اجرامه بل يفوقها

    حزب اللات = اسرائيل

  7. هاذا فرخ من فروخ الخميني 
    لعنة الله عليهم الى يوم الدين
    “يفسدونااا في الارض فساداا”
    اللهم اهلك المجوس واذنابهم يا قوي
    ويا جبار نهايتكم قربت يا منافقين يارهابيين يا متآمرين
    على الاحرار الشرفاء..”يسقط الخونه اعداء الله و العباذ”

  8. اذا كان صحيح يخاف من غدر اسراءيل بالمقاومة فلماذا لا يتفق مع 14 اذار ومع الدولة على استرابيحية الدفاع عن الوطن وادخال الشباب المقاوم الى الحيش وتسليح الحيش اللبناني لمقاومة اي اعتداء خارحي وبذلك تكون المقاومة بقيادة لبنانيين وليس بقيادة خارحية او تعليمات من الخارح هذا اذا صادقا بالدفاع عن لبنان وعن المقاومة 0

  9. لابراهيم الجواب ببساطه لان 14 اذار هم العملاء ويا ايمي نحن سنقابل رب العالمين
    بدم الشهداء انتم بماذا ستقابلوه
    استحو وخلو عندكم دم

    1. هههههههه عملاء عملاء مش فارقة أحسن ما نكون عبدة المجوس عبيد النار
      ليش إنتي إلي متي يا أم الشهداء ؟؟؟
      يا لطيف شو صاحبة دين و فهمى دينك

    2. هذا هو كلامي أنكم مغرورون وغيركم كافر.. مين حضرتك وشو إيمانك حتى تنسبي نفسك عند خالق العباد وتهيني غيرك وتكفريه الكم الله وهو يسمع ويرى ما تفتروه على الإسلام والمسلمين يا اتباع بني المجوس

    3. نسيت أسألك أي شهداء ستعترفي بهم أمام الله يوم الحساب فهمنا شهداء الذين قاتلوا اليهود هم على رأسنا بس شهدائكم في سوريا هم ليسوا إلا قاتلين للشعب السوري المسلم اولك ربنا بيتقبلهم شهداء ( قال الي استحوا ماتوا )

      1. انسيها يا إيمى
        عندهم غرور و مفكرين حالهم ملائكة على الأرض و هني إلي بس حاربو
        نسيو شهداء العرب من قرون و صار عبيد النار أشرف من باقي خلق الله

        1. لا تقل أصلي وفصلي إنما اصل الفتى ما قد حصل….
          يعني عمر لا معنى لكلام حاربنا وقاتلنا ونحن الآن مذلولين ومبطوحين للأعداء …. المهم الحاضر يا شاطر

          1. مودي أنا أتكلم عن بعض الناس و كلامهم
            ها أنت لا تقولي عن نفسك ملاك و الباقي كفار
            لكن يوجد ناس مدري كيف وصلو إلى مرتبة الشهداء و هم اعدين على الإنترنت

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *