فى الوقت الذى كان الشعب السورى فى أشد الحاجة إلى من يلبى طموحات البسطاء منه .. من مسكن ومأكل وعيش كريم ،و أمانى وتطلعات ما هى فى الواقع سوى حقوق يجب على الحكومة والنظام توفيرها ، بل هى أبسط الحقوق ! ، صحيح لماذا توهمنا الحكومات العربية بأن تطوير الحال هو أمر محال ؟! ، لماذا يعتبرون حل مشكلات الشعب وإحتواء طموحاته وتلبية مطالبه أمر صعب للغاية ويقتضى خطط خمسية وعشرية طويلة الأجل .. وإن حدث و تم حل مشكلة ينسبونها للزعيم القائد الرئيس البطل، حتى ولو لم يكن لديه علم بالأمر من الأساس ؟!
البعض من أبناء الشعب السورى ـ للأسف ـ إعتقدوا أن الابن قد يصلح ما أفسده الأب ، و ربما كان للاعلام الرسمى و أبواق النظام شأن كبير فى عملية الترويج للزعيم الابن ، لكن بغض النظر عما حدث ، فإن سوريا كانت بحاجة إلى إصلاح حقيقى وتنمية واقعية خاصةً فى السنوات الأخيرة حيث إشتدت الأحوال و إجتاح العالم أزمة إقتصادية لم تكن سوريا بمنأى عنها.
ففى الوقت الذى إرتضى النظام بأن يبقى وضع الجولان على ما هو عليه دون حراك ، لم يكلف أحداً نفسه عناء الاهتمام بما بقى من الأرض من إعمارها و إصلاحها وتطويرها .. لم يهتم أحد بالبنيان أو الانسان ، فإستفحل الفساد و تشتت النظام بين معاداة بعض العرب وصداقة إيران و التصادم مع الغرب ، و مع زيادة الاحتقان و وجود نماذج لثورات الشعوب على حكامها فى دول مجاورة لا تختلف الأوضاع كثيراً فيها عن سوريا .. كانت النتجية منطقية بأن تقوم الثورة فى سوريا .
لكن إصلاح الأبناء لفساد الأباء قد يكون صعبا أو ربما مستحيلا ، وكانت التجربة السورية نموذجا واضحا ، بل إنها تجاوزت تلك النقطة ، ليصير فساد الابن وتخريبه لبلده أكبر وأخطر من أبيه ، أبناء الرؤساء دائما مشكلة وحجر عثرة فى تاريخ الجمهوريات العربية ، فمبارك كان يعدّ ابنه ليرث العرش من بعده ، لكن فساد ابنه قد فاق الحدود بالرغم من عدم وجوده بالسلطة ، فما بالك لو صار رئيسا ؟ ، ولا يختلف الامر كثيرا فى حالة ليبيا حيث أبناء القذافى ، و فى اليمن حيث ابن على عبدالله صالح و أقاربه الماسكون بزمام الجيش والدولة !
متى يقتنع رؤساء الجمهوريات بأن الحكم فى بلادهم لا يمكن ان يورث ، وأن البلاد والعباد و مقدرات الاوطان ليسوا تركة تنتقل ملكيتها من الاب الى الابن كجزء من الوصية ؟!
بقلم / أحمد مصطفى الغـر
للتواصل على تويتر:
@AhmedmElghor