امين قمورية – النهار اللبنانية
حب البقاء، غريزة طبيعية لدى البشر. وحب البقاء في السلطة غريزة غير بشرية لدى زعماء الطوائف اللبنانية ونوابهم.
الانسان يتكيف طبيعيا مع المتغيرات من حوله ومع الظروف المختلفة ليبقى ويستمر. والنواب اللبنانيون يتكيفون على نحو غير طبيعي مع المتغيرات من حولهم وفي كل الظروف ليبقوا نوابا ويستمروا… وتستمــر ذريتهــم مــن بعدهم. انهم صامدون، خالدون، دهريون. لا يتقاعدون ولا يتركون مقاعدهم مهما طال الزمن لان في الشيخوخة حكمة يجب ألا يحرمها شعبهم. لا يستقيلون لأن تكليفهم القيادة منزل من السماء. كلمة عيب لم ترد في قواميسهم. وكلمة انسحاب غير واردة في حساباتهم. ولا يتوانون عن جر البلد الى اتون حروب مذهبية جديدة.
سجل الطبقة السياسية اللبنانية منذ الطائف حتى اليوم، مشبع بالنكهة الطائفية والاستهتار بكل القيم والاخلاقيات وحافل بالمآثر – المهازل اللاوطنية. ولعل المهزلة الابشع، تلك التي يشهد اللبنانيون فصولها اليوم في مجلس النواب. فتحت شعار تحسين “النسل الانتخابي” يجري تشويه الجنين وقتل آخر أمل في ولادة صحية لمجلس اشتراعي جديد ووطن جديد،.
الخطر محدق بالوطن من الجهات الاربع والدولة تنهار والثقة تتلاشى، ونواب الامة يتلهون بكل شيء الا باستشعار الخطر وتحسس المسؤولية. بارعون في التذاكي والتشاطر على ناسهم. ماهرون في نصب الفخاخ بعضهم للبعض. ويتقنون فن المكامن والتلاعب. يفصلون لكل مقاس دائرة ولكل دائرة مقاسا. يمكنهم معرفة نتائج الانتخابات قبل ان يدلي المواطنون بأصواتهم وقبل ان تفتح صناديق الاقتراع. كل ينادي على بضاعته ليحدد مطالبه. هذا يريد دائرة صغرى، وذاك وسطى، وثالث كبرى. هذا يريد قضاء، وذاك محافظة، وثالث مزيجاً من كليهما معاً. وكلما ارتفع الصوت اكثر باتت الحصة مضمونة اكثر وموقع التفاوض اقوى. ومن حضر السوق باع واشترى، ومن غاب بلع الموسى. صيغ وتقسيمات ترضي طرفاً وتزعل عشرة، وكيفما قلبتها لا تجد فيها الا تعبيراً عن مصالح فئوية او مذهبية او شخصية ضيقة. صيغ تبقي القديم على قدمه وترفض كل جديد، لا مكان فيها لمصلحة الوطن ولا امل فيها لاحداث تغيير او احراز تقدم ولا تساهم الا في تكريس الفرقة وبث الفتنة. صيغ عفنة تعيد الوطن الى الوراء. هم الغالبون والمغلوب هو الوطن والدولة والشعب.
لو تسنى لداروين ان يتعرف عليهم لعدّل الكثير من نظريته واكتشف كيف ان شعبا بأكمله ينتظر عند ابواب السفارات للرحيل والهجرة وقادته باقون! ولاكتشفت ايضا ان البقاء ليس حتما للأفضل.
هناك مثل قديم لبناني يقول تقاسموها وانت ناءم 0يهاجمون بعضهم في النهار وفي الليل يجلسون على الماءدة لتقاسم المغانم 0ياءتي الوزير الى الوزارة بمعاشه ويذهب بملايين بعد خروجه من الوزارة وياءتي بعده الاخر كما يقال ذهب الشبعان واتى الفجعان 0فالعملية كلها كما قال الشاعر الشعبي عمر الزعني الحكاية كلها بلع ببلع0