كتب راجح خوري في النهار:
يستطيع اولئك الذين يرقصون على قبور 130 الف قتيل في سوريا تقديم وصلة رقص اضافية على جثث 1300 من القتلى الذين تم نحرهم بالكيميائي الابيض الذي يذكرنا بـ”الخط الاحمر” الذي تأرجح باراك اوباما امس عليه زيادة في التهريج، ربما لأن النظر الى المأساة السورية المتفاقمة يزداد تناقضاً، فما يشق الصدور هنا الماً على الاطفال المقتولين يدفع هناك الى الرقص طرباً، أوليس واضحاً ان “عقد الشيطان” بين الكبار يحمل عنوان “دعوهم يقتتلون دعوهم يموتون” ؟!
وهكذا عندما وقف الاهالي بالصف امام رصيف الجثث المتراصفة في الغوطة الشرقية من دمشق الثكلى، وراحوا يتسلمون لفافات بيضاء فيها اكبادهم التي قتلت بالكيميائي واطفالهم الزهور المسحوقة بالهول، بدت الصورة وكأن السوريين يتسلمون مع جثث احبائهم نتفاً ممزقة من ضمير العالم المتعفن، في وقت كان مجلس الامن غارقاً في العار حتى اذنيه وفي حين لم يخرج الاخضر الابرهيمي من ظلمة الصمت الطويل لكتابة النعي المناسب لاكثر من 1300 قتيل جلّهم من الاطفال والنساء !
لست ادري اين سقطت سحابة الكيميائي القاتلة في الغوطة الشرقية من دمشق ام في مجلس الامن المنعقد كجمعية تافهة وعاجزة لدفن الموتى وربما كجمعية قاتلة بصمتها، ولست ادري ما اذا كان القتلى فعلاً هم اولئك الذين اختنقوا هنا ام اولئك الذين يسهرون على استمرار عمليات القتل والخنق هناك، لكنني مثل الكثيرين غرقت امس مرتين امام الهول المتوحش، مرة في الدموع وما نفع الدموع ومرة في التقيؤ وانا اقرأ التصريحات الواردة عن وقائع مجلس الامن، وما نفع مجلس الامن عندما يصبح حفّاراً للقبور!
ليكن الله في عون السوريين، فالواضح ان الغوطة الشرقية كانت محطة اخرى من محطات قطار الموت الزاحف منذ نحو ثلاثة اعوام ولا يراد له ان يتوقف، ففي حين كان نائب الامين العام يان الياسون يبلغ مجلس الامن ان السلطات السورية رفضت التعجيل في ذهاب فريق التحقيق الدولي الى الغوطة الشرقية وانها نفت استعمال السلاح الكيميائي، كانت روسيا تستبق التحقيق ودفن الضحايا بالقول ان “الارهابيين” اطلقوا صاروخاً يدوي الصنع يحتوي على مواد كيميائية كالذي استخدموه في خان العسل، ولكأن في وسع اليدوي اطلاق الصواريخ الكيميائية!
في مجلس الامن سالت دموع التماسيح وكادت ان تشطف ساحات الغوطة الشرقية وبيوتها، لكن ما جرى مجرد عزاء آخر بعدما تحولت سوريا مفاعل موت يعمل بطاقة ذاتية، ليقتل اكبر عدد ممكن من المتشددين الذين يتم استجلابهم الى “المسلخ” بالسكوت الاميركي – الروسي عن المذابح، وليدمر نظاماً ديكتاتورياً يدور في الفلك الايراني… وما المانع من ان تصبح سوريا كلها غوطة للموت؟