(CNN) — الشهر الماضي، قام تنظيم “أنصار بيت المقدس” السلفي الذي يتخذ من شبه جزيرة سيناء مقرا له بإصدار تسجيل مرئي حول محاولة اغتيال وزير الداخلية المصري، محمد إبراهيم، في مدينة نصر بسبتمبر/أيلول الماضي، ورغم أن الهجوم الذي جرى عبر تفجير انتحاري فشل في قتل الوزير، ولكنها كانت العملية الأولى التي ينفذها التنظيم خارج سيناء.
وجاء الفيديو بالتزامن مع تراجع نسبي في عدد الهجمات المنفذة بسيناء، التي شهدت أعمال عنف واسعة رد عليها الجيش المصري بدفع المزيد من قواته إلى المنطقة، ورغم أن العمليات العسكرية قد تكون بطريقها إلى تحقيق بعض النجاحات، غير أن تنظيم “أنصار بيت المقدس” والحركات الشبيهة به قد تكون بطريقها إلى دخول مرحلة جديدة من الصراع مع الحكومة تقوم على تنفيذ عمليات أقل، ولكن أكثر دموية وجرأة.
ولا تعتبر هجمات “أنصار بيت المقدس” حدثا جديدا على الساحة المصرية، رغم أن التنظيم لم يعلن مسؤوليته إلا عن عدد محدود من الهجمات من بين قرابة 200 هجوم منسوب إليه منذ عزل الرئيس محمد مرسي في الثالث من يوليو/تموز، وقد استهدفت تلك الهجمات كل ما يتعلق بأجهزة الأمن المصرية وزعماء القبائل المحلية.
ويمكن اعتبار أن العديد من تلك الهجمات تميزت بسهولة تنفيذها، كأن تكون مثلا عبارة عن إطلاق نار على مقار أمنية، ولكن هذه النوعية من الهجمات قد تكون بطريقها إلى الانحسار، فالجيش المصري يواصل فرض سيطرته في سيناء، وقد قبض رجال الأمن على العشرات من الإسلاميين المشتبه بتورطهم في تلك العمليات، وداعم مئات المنازل وصادر كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر.
ويقول الجيش المصري إن عمليات خططت ونفذت بشكل مدروس للغاية ضد أهداف محددة، ولكن تقارير صحيفة لاثنين من المراسلين الذي تمكنوا من دخول شمال سيناء أشارت إلى أن الجيش لم يستهدف المسلحين فحسب، بل اجتاح في طريقه كل ما قد يزعم ارتباطه بهم، وقد كان للعناصر الجهادية رأي مماثل في العمليات العسكرية المصرية، إذ اتهموا الجيش باستهداف المساجد وقتل الأبرياء، بمن فيهم النساء والأطفال والعجزة.
ولكن بصرف النظر عن مدى تبرير تلك العمليات، إلا أنها أثبتت نجاحها، إذ تشير التقارير الرسمية إلى حصول 104 هجمات في يوليو/تموز الماضي، في حين تراجع العدد إلى 40 في أغسطس/آب، و31 في سبتمبر/أيلول، قبل أن يتقلص إلى 22 هجوما فقط في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. ولكن انحسار هامش المناورة أمام تنظيم “أنصار بيت المقدس” قد يدفعه إلى تغيير تكتيكات عمله، إذ يبدو أن مقاتليه باتوا يخططون لهجماتهم بعناية وضد أهداف كبيرة.
ويمثل الهجوم على وزير الداخلية المصري المثال الأوضح على صحة هذا التحليل، فقد نفذ “أنصار بيت المقدس” العملية في العمق المصري، كما أنه هدد بشن المزيد من الضربات المماثلة، داعيا المسلمين إلى “الابتعاد عن المقار والمراكز التابعة لوزارتي الدفاع والداخلية حفاظا على أرواحهم.”
وفي السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ضرب التنظيم مجددا من خلال عملية انتحارية في جنوب سيناء أدت إلى مقتل ثلاثة من رجال الأمن وجرح 45، وقال التنظيم آنذاك إن منفذ الهجوم تمكن من تجاوز ثلاث نقاط تفتيش قبل الوصول إلى هدفه دون اكتشافه. وبعد ذلك بأقل من أسبوعين، استهدف التنظيم بسيارة مفخخة مقر المخابرات العسكرية في مدينة الإسماعيلية، ما أدى إلى سقوط ستة جرحى.
سيحاول الجيش المصري خلال الأيام والأسابيع المقبلة مواصلة السعي لتحقيق الانتصار على التنظيمات المسلحة في سيناء، ورغم النجاح في الحد من عدد العمليات التي تنفذها تلك الجماعات إلا أن وسائل الإعلام المصرية مازالت تنشر في كل أسبوع معلومات جديدة عن هجمات تؤدي لسقوط قتلى وجرحى بصفوف رجال الأمن، كما أن عنف الجيش قد يقود بالمقابل إلى دفع عناصر جديدة للانضمام إلى صفوف التنظيمات الجهادية، مثل “أنصار بيت المقدس.”
يبدو أن تنظيم “أنصار بيت المقدس” الذي يعتبر حاليا التنظيم الأكثر فعالية في سيناء، يحاول التكيّف مع التغييرات الأمنية التي فرضتها عمليات الجيش في سيناء عوض الانكفاء عن مواصلة نشاطه، ويتسلح التنظيم بإرادة جديدة وبقدرات إضافية تسمح له بالتحرك وتوجيه الضربات خارج شمال سيناء، وبالتالي فإن تنفيذ التنظيم عمليات مسلحة ضد أهداف في الأراضي المصرية على الجانب الغربي من قناة السويس مسألة وقت ليس إلا.
نقدر نفهم من كده أن محاولة إعتيال وزير الداخلية المصرى كانت مخطط إغتيال حقيقى من أنصار بيت المقدس و ليست خدعة إستخباراتية زى ما قال البلتاجى و عزة الجرف !